اتجه عم "محسن" موظف الحكومة البسيط، إلى إحدى الصيدليات التى تبعد عن مقر منزله عدة كيلومترات فى بداية أحد أيام عمله، على أمل أن يجد ضالته التى بات طفله الرضيع يصرخ خلال يومين يبحث عنها لسد جوعه، لكنه فوجئ أن الأسعار لم تعد كما كانت فقد أصبحت عبوة اللبن الواحدة تتراوح أسعارها بين 60 و120 جنيها، فما كان منه إلا أن استأذن الصيدلى للرحيل فلم يكن فى جيبه سوى 50 جنيها لنهاية الشهر. "اللبن المدعوم بسعر 20 جنيها أصبح حلما، كنت فى البداية أوفر لطفلى عبوة اللبن بأربعين جنيها، مضطرا لاقتطاع جزء كبير من دخلى الشهرى الذى بالكاد يتجاوز الألف جنيه ببضع جنيهات، والآن الأسعار أجدها لا تقل عن 50 جنيها، هذا فى حال إن وجدته من الأساس"، كانت هى تلك الكلمات التى عبر بها عم محسن عن معاناته مع أسعار اللبن الصناعى. من جانبه، قال الدكتور أحمد فاروق رئيس لجنة الصيدليات بالنقابة العامة للصيادلة، إن أسعار ألبان الأطفال شهدت خلال الفترة الجارية زيادة كبيرة، حيث بلغ متوسط سعر علبة اللبن الواحدة إلى ما يزيد عن 50 جنيهًا، مشيرا إلى أن جميع أنواع الألبان المتداولة داخل الجمهورية شهدت زيادات متتالية للأسعار دون أى ضوابط من الشركات المستوردة لهذه الأصناف. وأوضح رئيس لجنة الصيدليات، فى تصريحات ل"اليوم السابع"، أن الطفل يحتاج شهريا من 8 إلى 10 عبوات، أى بمتوسط 500 جنيه يتم تخصيصها من ميزانية الأسر الفقيرة فقط لتوفير لبن أطفالهم، موضحا أن الزيادة فى الأسعار تراوحت ما بين ثمانى إلى عشرة جنيهات فى العلبة الواحدة، حيث وصلت بعض الأنواع إلى 119 جنيها للعبوة، مشيرا إلى أن احتياجات السوق لن تقل بأى حال من الأحوال عن 10 ملايين عبوة سنويا للأطفال. وأشار فاروق، إلى وجود عجز كبير بكميات الألبان المطروحة بالأسواق، موضحا أن رفع الدعم عن الألبان الصناعية للأطفال يمثل حملا كبيرا على كاهل الأسر من محدودى الدخل، لافتا إلى أنهم خاطبوا وزارة الصحة، بقائمة تضمنت 42 نوعا من ألبان الأطفال التى شهدت زيادة بأسعارها، حيث تم إرسال خطاب إلى الدكتور طارق سلمان مساعد وزير الصحة لشئون الصيدلة، ومرة أخرى للإدارة المركزية، لدراسة إنهاء الأزمة إلا أنهم لم يتلقوا ردا حتى الآن. وطالب رئيس لجنة الصيدليات، بإخضاع جميع أنواع ألبان الأطفال للتسعيرة الجبرية ولنظام التسعير المتبع داخل الوزارة بعد ارتفاع أسعار بعض ألبان الأطفال للمرة الرابعة، مشيرا إلى أن تدهور الأمر وتلاعب الشركات بالأسعار جاء نتيجة لغياب الرقابة، مضيفا: "أن الألبان نفسها تباع بالمستشفيات والعيادات الخاصة بأسعار أقل من المعروض بالصيدليات بنصف الأسعار، نحن الآن نعانى من "تغول" الشركات الاحتكارية لصناعة الأغذية فى البلاد، والتى تتاجر بحقوق المواطنين". وأضاف فاروق، أن هيئة الدواء والأغذية السعودية قد أخضعت جميع الألبان الموجودة بالمملكة للتسعيرة الجبرية، وحددت سعراً واحداً لجميع أنواع ألبان الأطفال المستوردة بالمملكة 400 مجم بسعر 29 ريالا، مما أدى إلى ضبط سوق الألبان بها. وشدد على ضرورة إخضاع كل الألبان للتسعيرة الجبرية، وذلك حفاظاً على وصول ألبان الأطفال إلى المواطن بسعر يتناسب مع اقتصادياتهم وتأصيلاً لحرص الوزارة على حفظ حقوق الوطن والمواطن.
