أرسل (...)إلى افتح قلبك يقول: أنا شاب عمرى 30 سنة، متزوج ولدى طفل، مشكلتى بدأت منذ أن كنت طالبا فى المرحلة الثانوية، حيث كنت متعلقا بشدة بإحدى مدرساتى، هى أكبر منى ب 13 سنة، كنت أحبها كل يوم أكثر من اليوم الذى قبله، ولكنها طبعا كانت بعيدة على جدا، وأعتقد أنها كانت تعرف بمشاعرى نحوها، لكنها قد تكون اعتبرتها مشاعر مراهقة معتادة لمن هو فى مثل سنى وقتها. تخرجت فى المدرسة، ثم فى الجامعة، ثم تزوجت، وأنجبت، ولكنى أبدا لم أنسها، كنت أحاول معرفة أخبارها دائما عن بعد، وكنت أحرص على المرور من أمام منزلها كثيرا لعلى أراها يوما، لم أكن أشعر أبدا بمثل شعورى نحوها مع أى إنسانة أخرى، حتى زوجتى أم ابنى. ظل الوضع على هذه الحال حتى عرفت أنها انفصلت عن زوجها، فبحثت جاهدا حتى وصلت إلى رقم هاتفها، وكلمتها أخيرا، وأخبرتها بكل شىء، وحكيت لها عن حبى لها طوال كل هذه السنوات، فصدتنى بشدة، ورفضت أن تسمعنى أو أن تتواصل معي، لكن مع إلحاحى بدأت تقبل أن أتصل بها من حين لحين، وشيئا فشيئا أصبحت أكلمها كل يوم، وطوال اليوم تقريبًا، حتى جاء الوقت، الذى شعرت فيه أنها بدأت تتجاوب معى وتبادلنى المشاعر، فطلبت الزواج منها، لأنى فعلا أحبها، ولا أريد فراقها، وأريد أن تكون علاقتنا فى الحلال. ترددت كثيرا فى الرد على طلبى، لكنها أجابتنى بعد فترة بأنها تقبل الزواج منى لكن بشرط أن يكون ذلك سرًا، ولشدة فرحتى وافقت على الفور، وأخذت أرتب لزواجنا منذ لحظة معرفتى بموافقتها، كنت أشعر بأن حلم عمرى سيتحقق أخيرًا بعد كل هذا الوقت، لم أكن سعيدًا يومًا ما بقدر سعادتى هذا اليوم، يوم أن عرفت أنها ستصبح زوجتى. لكن كل شىء انقلب رأسا على عقب فجأة... عندما وصلتنى منها رسالة تخبرنى فيها أنه يجب أن نفترق، وأن ينسى كل منا الآخر وكأننا لم نلتق، وأنى أنا الشخص الصحيح لكن فى الوقت الخطأ بالنسبة لها، وأنه لا أمل لأن نكون سويا فى يوم ما.. اهتزت الدنيا من تحت قدماى فعلا لا قولا، وكدت أجن لأعرف سبب تغيرها المفاجئ هذا، فإذا بها تخبرنى بأن ابنها رأى إحدى رسائلى لها، وانهار وقلب حياتها إلى جحيم، فقررت أن تعيش لأبنائها وليس لنفسها من الآن فصاعدا.. ثم انقطعت كل الاتصالات بينى وبينها تمامًا، لم أعد حتى أراها عندما أمر أمام بيتها.. جعلتنى أشعر أن الشمس قد غابت عن حياتى إلى الأبد. أنا الآن فى أسوأ حالاتى النفسية، أشعر بحزن عميق، واكتئاب شديد، وفراغ فى حياتى لا يستطيع غيرها أن يملأه.. أرجو ألا تسخرى من رسالتى، وألا تهمليها، فما كنت أفكر فيه لا هو عيب ولا حرام، ولست بحاجة إلى أن أبرر موقفى بذكر أن الرسول الكريم تزوج السيدة خديجة، وهى أكبر منه ب 15 سنة، وأنجب منها، وعاش معها أجمل قصة حب. وإليك أقول: أتفهم طبعا إحساسك بالحزن والكآبة والخسارة، لكن اسمح لى أن أقول لك (انت ربنا بيحبك) لحدوث هذا الموقف قبل أن تقع الفأس فى الراس وتتزوجها، لأن القصة كانت ستنتهى يوما ما لا محالة، لكنها كانت ستنتهى بمزيد من الألم والخسارة حتما إذا كانت علاقتكما تطورت إلى الزواج. سأفترض جدلا أنك تحبها فعلا، وأن الأمر ليس حب مراهقة، وسأضع فى اعتبارى زواج الرسول من السيدة خديجة- كما ذكرت، سأسلم بكل هذا ولن أجادلك فيه، لكن ومع هذا لم تكن لهذه الزيجة أن تنجح أيضًا بالرغم من هذا، لأن الظروف مختلفة تماما، فأولا الزمن غير الزمن، وثانيا لأنك متزوج، وثالثا لأنها لديها أولاد من الواضح أنهم ليسوا أطفالا، ورابعا والأهم من كل هذا أن زواجكما كان سيكون فى السر، وهذا وحده أكبر دليل على أن الأمر لن يتعدى كونه (رحلة قصيرة) يستجم فيها كل واحد بصحبة الآخر، ثم ينتهى الأمر ويعود كلاكما إلى حياته وإلى أرض الواقع مرة أخرى.. الزواج والاستقرار والحياة السوية أبدا لا تكون فى السر، ولماذا تكون هكذا إذا كنا نريد لها أن تنمو وتكبر وتعمر؟، ألم تفكر فى سبب هذا الطلب؟، هل من الطبيعى أن تقبل أى امرأة بأن تكون زوجة فى الظلام طالما كانت تريد لبيتها وحياتها وزواجها أن يستمروا؟، ألم تشعر ولو للحظات أن هذا الشرط فى حد ذاته شىء مريب؟ وسأبرهن لك على كلامى بأن الأمر ليس إلا فترة مؤقتة، وسأفترض أنكما كنتما قد تزوجتما وقدر الله وحدث حمل مثلا، هل فكرت فى مستقبل هذا الحمل؟، هل كنتما ستسمحان له بأن يكتمل؟، هل كنتما ستتقبلاه كأى زوجين عاديين؟، هل فكرت فى وضع هذا الطفل؟، هل كنت ستقبله أنت؟، هل كانت ستفرح به أمه؟، كيف كان سيخرج إلى الدنيا بدون زواج معلن؟، وبدون أب معروف؟... هل خطر ببالك هذا الخاطر؟ أم أن مجرد ذكره كان سينغص عليك حلمك ويبدد لك الصورة الوردية؟ سيدى أنا لا أسخر منك، ولا أستهين بمشاعرك، ولكنها وبنسبة كبيرة جدا ليست إلا بقايا أحلام وخيالات الماضى الجميل، فالحب الأول دائمًا له بصمته، التى لا تفارق القلب مهما عاش وكبر الإنسان، ومهما كان هذا الحب غير منطقى وغير حقيقى وعلى غير أساس، إلا أنه دائما له إحساسه الخاص، وذكراه الفريدة، ودغدغة المشاعر، التى لا تتكرر مع سواه. ما جعلك تتعلق بهذه السيدة مرة أخرى هو أنك قارنت بين ماضيك الجميل الحالم فى حبها، وبين واقعك الناضج العقلانى الجاف ربما حاليا فى علاقتك بغيرها، تصورت أنك ستستعيد كل هذه المشاعر القديمة وإلى الأبد بأن تكون معها من جديد، ولكن هذا غير صحيح بكل أسف، فحتى ولو كنت قد استعدت إحساسك بها، والذى لم يتكرر مع سواها الآن، لم يكن الأمر ليستمر هكذا لو كنتما قد تزوجتما، خاصة ولو كان زواجكما فى السر، كان لا بد للواقع أن يفرض نفسه على حياتكما عاجلا أو آجلا، لتجد نفسك وقد أفقت من الحلم الجميل فجأة على عواقب ومشاكل كثيرة لم تكن قد حسبت حسابها من قبل، كأن تعرف زوجتك وأهلها، أو يعرف أبناء هذه السيدة أو أهلها، أو يعرف آخرون، أو أو أو.. ستسألنى وما الحل فيما تشهر به نحو هذه السيدة؟، سأقول لك لتحتفظ بها وبمشاعرك نحوها لكن فى (صندوق الذكريات)، كذكرى لمشاعر جميلة، كتذكار للأيام الخوالى...لكن ليس أكثر، صدقنى ليس لها مكان فى حياتك أكثر من ذلك، لا تعذب نفسك باعتقادك أنه كان من الممكن أن تسترجع معها الماضى، لأن الماضى الذى فى خيالك ليس هو الواقع الذى كنت ستعيشه معها، والذى كا سينتهى سريعا وحتما فى يوم ما.. اسمح لنفسك بأن تتعافى تدريجيا من هذه التجربة، خذ وقتك فى الاستشفاء منها، لكن لا تطل فترة البقاء فيها والعيش فى ذكراها، فهى كانت إلى زوال على كل حال، ولكنها ربما كانت ستكون أكثر جرحا وإيلاما لو كانت استمرت لأكثر من ذلك. الصفحة الرسمية للدكتورة هبه يس على الفيس بوك: Dr.Heba Yassin