تعليقًا على هجمات لبنان.. بوريل: لا أحد قادر على إيقاف نتنياهو وأمريكا فشلت    اليوم.. جامعة الأزهر تستقبل طلابها بالعام الدراسي الجديد    نحو 30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت خلال ساعتين    آخر تطورات لبنان.. الاحتلال يشن 21 غارة على بيروت وحزب الله يقصف شمال إسرائيل    «أنا وكيله».. تعليق طريف دونجا على عرض تركي آل الشيخ ل شيكابالا (فيديو)    التحويلات المرورية الجديدة بعد غلق الطريق الدائري من المنيب تجاه وصلة المريوطية    طعنة نافذة تُنهي حياة شاب وإصابة شقيقه بسبب خلافات الجيرة بالغربية    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    بحضور مستشار رئيس الجمهورية.. ختام معسكر عين شمس تبدع باختلاف    وزير الخارجية: تهجير الفلسطينيين خط أحمر ولن نسمح بحدوثه    درجات الحرارة في مدن وعواصم العالم اليوم.. والعظمى بالقاهرة 33    «مرفق الكهرباء» ينشر نصائحًا لترشيد استهلاك الثلاجة والمكواة.. تعرف عليها    مع تغيرات الفصول.. إجراءات تجنب الصغار «نزلات البرد»    ضياء الدين داوود: لا يوجد مصلحة لأحد بخروج قانون الإجراءات الجنائية منقوص    المتحف المصري الكبير نموذج لترشيد الاستهلاك وتحقيق الاستدامة    الحكومة تستثمر في «رأس بناس» وأخواتها.. وطرح 4 ل 5 مناطق بساحل البحر الأحمر    إيران تزامنا مع أنباء اغتيال حسن نصر الله: الاغتيالات لن تحل مشكلة إسرائيل    حكايات| «سرج».. قصة حب مروة والخيل    تعرف على آخر موعد للتقديم في وظائف الهيئة العامة للكتاب    حسام موافي: لا يوجد علاج لتنميل القدمين حتى الآن    عاجل - "الصحة" تشدد على مكافحة العدوى في المدارس لضمان بيئة تعليمية آمنة    وزير الخارجية: الاحتلال يستخدم التجويع والحصار كسلاح ضد الفلسطينيين لتدمير غزة وطرد أهلها    المثلوثي: ركلة الجزاء كانت اللحظة الأصعب.. ونعد جمهور الزمالك بمزيد من الألقاب    جامعة طنطا تواصل انطلاقتها في أنشطة«مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان»    صحة الإسكندرية تشارك في ماراثون الاحتفال باليوم العالمي للصم والبكم    حياة كريمة توزع 3 ألاف كرتونة مواد غذائية للأولى بالرعاية بكفر الشيخ    عمر جابر: تفاجأنا باحتساب ركلة الجزاء.. والسوبر شهد تفاصيل صغيرة عديدة    مصراوي يكشف تفاصيل إصابة محمد هاني    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال لاعبي الزمالك بالسوبر.. بيلينجهام وزيدان.. تحية الونش للجماهير    الوكيل: بدء تركيب وعاء الاحتواء الداخلي للمفاعل الثاني بمحطة الضبعة (صور)    الوراق على صفيح ساخن..ودعوات للتظاهر لفك حصارها الأمني    نائب محافظ قنا يتابع تنفيذ أنشطة مبادرة «بداية جديدة» لبناء الإنسان بقرية بخانس.. صور    تجديد حبس عاطل سرق عقارًا تحت الإنشاء ب15 مايو    التصريح بدفن جثمان طفل سقط من أعلى سيارة نقل بحلوان    بدءاً من اليوم.. غلق كلي للطريق الدائري من المنيب اتجاه المريوطية لمدة شهر    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 28 سبتمبر 2024    أمريكا تستنفر قواتها في الشرق الأوسط وتؤمن سفارتها بدول المنطقة    فلسطين.. إصابات جراء استهداف الاحتلال خيام النازحين في مواصي برفح الفلسطينية    أحمد العوضي يكشف حقيقة تعرضه لأزمة صحية    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    «عودة أسياد أفريقيا ولسه».. أشرف زكي يحتفل بفوز الزمالك بالسوبر الإفريقي    "الصحة اللبنانية": ارتفاع عدد ضحايا الهجوم الإسرائيلي على ضاحية بيروت إلى 6 قتلى و91 مصابا    استعد لتغيير ساعتك.. رسميا موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2024 في مصر وانتهاء الصيفي    وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    جوميز ثاني مدرب برتغالي يتوج بكأس السوبر الأفريقي عبر التاريخ    جوميز: استحقينا التتويج بكأس السوبر الإفريقي.. وكنا الطرف الأفضل أمام الأهلي    5 نعوش في جنازة واحدة.. تشييع جثامين ضحايا حادث صحراوي سوهاج - فيديو وصور    "المشاط" تختتم زيارتها لنيويورك بلقاء وزير التنمية الدولية الكندي ورئيس مرفق السيولة والاستدامة    الشروع في قتل شاب بمنشأة القناطر    «زى النهارده».. وفاة الزعيم عبدالناصر 28 سبتمبر 1970    حظك اليوم.. توقعات الأبراج الفلكية اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    تحرك جديد.. سعر الدولار الرسمي أمام الجنيه المصري اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    الأزهر للفتوى: معتقد الأب والأم بضرورة تربية الأبناء مثلما تربوا خلل جسيم في التربية    كل ما تحتاج معرفته عن حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر (فيديو)    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثروات مصر المعدنية بلا صاحب
نشر في اليوم السابع يوم 06 - 04 - 2008

وهبت الطبيعة مصر، وبلا حدود وبلا اهتمام، والمحافظات كسبت بلا حساب، وأخيراً مصر خسرت بلا سؤال يبدو منطقياً جداً.. أين ذهبت كنوز مصر المعدنية؟
فى مصر هيئة ضخمة اسمها هيئة الثروة المعدنية، (المساحة الجيولوجية سابقاً) رئيسها مشغول بشكل دائم، اجتماعات ولجان وزيارات لدرجة تمنعه أن يسأل نفسه أو حتى تسمح لنا على مدى أسبوع كامل من المحاولات ونحن فى خضم أزمة الأسمنت، أن نسأله، كيف يمكن أن يكون سعر طن الأسمنت 400 جنيه بينما أسعار المواد التى يصنع منها الأسمنت تتراوح ما بين( 15 مليم) لطن الحجر الجيرى و(50 مليماً) لطن الطفلة؟! ويحتاج تصنيع طن الأسمنت إلى طن ونصف الطن حجر جيرى أى حوالى ( 25 مليماً) ونصف طن طفلة أى (25 مليماً) أخرى بإجمالى 50 مليماً أى حوالى خمسة قروش مصرية، على اعتبار أن المليم لم يعد له وجود!
هذا الكلام حقيقى وليس نكتة، فهذه هى أسعار عام 1956، حسب المادة (27) من القانون 86 لسنة 56 الخاص بالمناجم والمحاجر والذى لا يزال سارياً حتى الآن!
ربما لهذا السبب أيضاً يحدث ما يجرى الآن فى منطقة الزعفرانة فى البحر الأحمر، حيث أكثر من 15 محجراً تعبأ يومياً، مئات الأطنان من رمل الزجاج المصرى النقى يتم شحنه كما هو للخارج على اعتبار أن سعر الطن 200 مليم مصرى لا غير.
أين كنوز مصر؟
ماذا يحدث لكنوز مصر ومن نهبها وإلى متى وكم كان الثمن ؟
فى القاهرة وبالتحديد فى حى العباسية تقع الهيئة العامة للثروة المعدنية بعد أن التحقت بوزارة البترول وتغير اسمها القديم الذى حملته منذ عام 1896 وهو هيئة المساحة الجيولوجية، وهى نفسها التى انبثقت عنها عند وضع قانون المحاجر والمناجم (هيئة البترول)، وزارة البترول فيما بعد، الهيئة تضم حوالى 400 جيولوجى وجيوفيزيقى وأكثر من 80 مهندساً و50 كيميائياً يعاونهم حوالى 200 إخصائى، هذا بخلاف الوظائف الإدارية والعمالة المكتبية وعمال الخدمات المعاونة من حرفيين وسائقين، هذا بخلاف أيضاً العمالة الموسمية التى يقتضى العمل بالصحراء الاستعانة بها أحياناً. هذه القائمة الطويلة للهيئة ذات التاريخ العريق لا تفعل شيئاً للثروة المعدنية فى مصر، هذا الطابور من العلماء حاملى شهادات الدكتوراه والماجستير تتحول أبحاثهم ورحلاتهم الاستكشافية الصعبة لدليل ذكى لاستغلال ثروة مصر المعدنية لمن لا يستحقها بينما يقبض الثمن من لا يملكها.
قرار وزارى خرج مذيلاً بإمضاء وزير ربما أراد أن يرفع عن كاهله بعض المسؤوليات مازالت مصر تدفع ثمنه حتى الآن، القرار يحمل رقم 354 صدر فى يونية 1962 فى شأن تفويض بعض المحافظين مباشرة الاختصاصات المنصوص عليها فى القانون 86 لسنة 1956، ويقول ما نصه "فوض السادة المحافظون كل فى دائرته فى مباشرة الاختصاصات المنصوص عليها فى القانون رقم 86 لسنة 1956 فيما يتعلق بشئون المحاجر عدا العقود التى تصدر بقانون طبقا للمادة 50 من القانون".
هنا تحولت ثروة مصر المعدنية بكاملها لملف للكسب المادى ليس إلا على مائدة المحافظين، هذه الثروة التى تبدأ من أسوان جنوبا حيث مناجم الحديد لتصل حتى سواحل مصر الشمالية حيث محاجر الجبس . وبينما اكتفت هيئة الثرة المعدنية بدورها كجهة علمية بحثية صاغت المحافظات منظومتها الخاصة لاستغلال كنوز تبدو بلا صاحب حتى الآن رغم تأكيد وزير البترول الذى آلت إليه مسؤولية كنوز مصر تلك منذ أربع سنوات بأن قانونا جديدا فى الطريق للصدور لتصحيح تلك الأوضاع الغريبة، ولم يصدر القانون وحتى المجلس الأعلى للثروة المعدنية الذى شكل منذ حوالى عام لم يقل لنا ماذا فعل بالتحديد وما هو دوره فى الحفاظ على الثروة المعدنية المصرية رغم اعتراف الوزير سامح فهمى، أمام مجلس الشعب، بأن وزارته لا تمتلك خطة تعدينية للثروة المعدنية فى مصر!
مجلس شرفى
عندما سألت الدكتور أحمد عاطف دردير أحد أعضاء المجلس والرئيس الأسبق لهيئة المساحة الجيولوجية: ماذا يفعل المجلس الأعلى للثروة المعدنية ؟
رد بهدوء " لا شىء ... نحن مجرد مجلس شرفى لعدد من خبراء الثروة المعدنية وعلماء الجيولوجيا، بالإضافة للرئيس الحالى لهيئة الثروة المعدنية، ولكن حتى الآن لم يطلب منا شىء ولم نقدم شيئاً كمعظم المجالس العليا فى مصر".
نعود مرة أخرى للواقع بعيداً عن أحلام ووعود سامح فهمى، الواقع هناك فى المحافظات على مكاتب المحافظين و"سكرتيرى عام" المحافظات الذين يملكون ثروة مصر، فبعد القرار الشهير بإعطاء المحافظين سلطات الوزراء فى التصرف فى إدارة المناجم والمحاجر كل حسب محافظته صدرت قرارات عدة من المحافظين لإحكام السيطرة على تلك الثروة وإدارتها بشكل شخصى جداً، واستقر الأمر أخيراً ومنذ أكثر من عشرين عاماً على ما يعرف ب"مشروع المحاجر" فى المحافظات والتى أعطى لها المحافظون كل حسب محافظته إدارة المناجم والمحاجر التى تقع فى حدود المحافظة الجغرافى، يرأس المشروع سكرتير عام المحافظة بينما يتشكل مجلس الإدارة حسب كلام الدكتور أحمد عاطف دردير من كبار المسئولين فى المحافظة ومنهم مدير الأمن ومدير الشئون الصحية والشئون الاجتماعية وعادة ما يكون مدير المشروع وهو الوحيد المتفرغ من السادة المسئولين عن المشروع عادة ما يكون لواء سابقاً سواء فى الشرطة أو الجيش، كما يضم لمشروع المحاجر بحكم التخصص مدير المحاجر فى المحافظة ولا مانع من بعض الجيولوجيين مما يعنى ببساطة أن من يتولون إدارة ثروتنا المعدنية مجرد موظفين غير متخصصين ورسميين لا يفهمون شيئا فى كيفية التعامل مع هذه الثروة.
والنتيجة كما يقول دكتور عاطف دردير أن تتحول تلك الثروة لمسار آخر غير مسارها الطبيعى يشرح " ما يحدث أغرب من الخيال فهذه المشروعات عبارة عن نشاط استثمارى ربحى أساساً، حيث تأخذ حق استغلال المحاجر والمناجم مجتمعة لحسابها ثم تتولى هى إعطاء تصاريح الاستغلال للأفراد والشركات حسب الأسعار التى تحددها هى، بينما تورد للمحافظة فلوس هذا الاستغلال حسب الأسعار التى حددها القانون 86 لعام 56 والفرق يذهب للصناديق الخاصة بالمحافظات التى توزع بدورها ما يأتيها بواقع 65% على العاملين فى المشروع والباقى يوجه لدعم مشروعات التنمية فى المحافظة".
السر إذن فى الصندوق، ولكن هناك أيضاً أكشاك "الكارتة" التى يعتبرها أصحاب المحاجر كما قال لى أحدهم "جباية مقننة تعيدنا لعصر المماليك" فكل محافظة تضع على بوابتها كشكاً صغيراً به أحد موظفى إدارة المحاجر يتولى أخذ مبلغ معين عن حمولة كل سيارة تحمل منتجات محجرية والمدهش أن السيارة لو كانت تحمل مثلاً خامات من محافظة الشرقية فإنها تدفع عند بوابة الشرقية وعندما تمر على محافظة القليوبية مثلا تدفع مرة أخرى رغم أن المستخرج ليس من محاجر المحافظة.
الكارتة على المحاجر
تذكرت خبر بشرنا به محافظ القاهرة مع قدوم عام 2008 عندما أعلن أن مشروع "الكارتة على المحاجر" حقق 13 مليوناً و500 ألف جنيه عام 2007 ولكن لم يقل لنا المحافظ إن هذه الأموال، بالإضافة لمشروعات المحاجر، لا تدخل الموازنة العامة للدولة بل يتولى إدارتها وإنفاقها السادة كبار موظفى المحافظات للدرجة التى دفعت الجهاز المركزى للمحاسبات وعلى لسان المستشار جودت الملط ولعامين متتالين لإعادة النظر فى وضعية الصناديق الخاصة تلك بعد تجاوز مخالفاتها حدود العقل وعلى سبيل المثال، فإنه فى عام واحد فقط وصل حجم هذه الصناديق 16.7 مليار جنيه ذهبت 10 مليارات منها مكافآت لجيوب المسئولين، وبالتأكيد فإن ما يزيد على 3 أرباع تلك الأموال جاءت من أموال المحاجر والمناجم خاصة فى المحافظات التى تشتهر بثرواتها المعدنية كمحافظات السويس والبحر الأحمر وجنوب سيناء والمنيا، وبينما لم أعثر سوى على رقم وحيد حول حجم ما تم تصديره من رخام مصرى عام 2007 وهو مليار و700 مليون جنيه، فلا أرقام أخرى نستطيع أن نقول إن الثروة المعدنية المصرية أدخلتها لخزينة مصر، وحتى رقم المليار وال700 مليون لا نعرف كم منه دخل موازنة الدولة طبقاً للقانون 86 الذى حدد للمتر المكعب المستخرج منه ما بين 200 إلى 600 مليم حسب نوع وجودة المستخرج . عرفت أيضاً أن هيئة المساحة الجيولوجية القديمة كانت تأخذ وحتى أربعة أعوام مضت ما يسمى برسم استغلال خامة، وهو حوالى 2 جنيه مصرى لا غير يدفعان كدمغات مع تقديم الطلب!
ولما كانت ثروات مصر تحسب بالمليم، ولما كانت مشروعات المحاجر لا تهدف سوى در الربح على من يديرونها من غير المتخصصين متجاهلين تماماً القواعد العلمية للتعامل معه فقد تم إهدار واحدة من أهم ثروات مصر المعدنية وأقدمها تاريخياً وهى خامة الألباستر التى اشتهر بها وادى سنور أشهر مناطق إنتاج تلك الخامة فى العالم، حيث كانت الدولة تتولى استخراج الألباستر، منها عبارة عن ألواح ضخمة ويتم تصديرها ولها سمعتها العالمية، الآن اختفى ألباستر وادى سنور وتحول لمجرد قطع صغيرة تباع تصنع منها الأنتيكات المقلدة التى تباع فى خان الخليلى بعد أن أصبح مستغلو المحاجر يستخدمون الديناميت لاستخراج الحجر من الجبل استسهالاً للحصول على الأحجار الصغيرة لصناعة تلك التحف مما أدى لتدمير جبال كاملة على مساحات شاسعة وضياع شبه كامل لتلك الثروة غير القابلة للتعويض!
إنتاج الرمل
نفس السيناريو يتكرر الآن ولكن هذه المرة فى سيناء وبالتحديد فى مشروع المحاجر التابع لمحافظة البحر الأحمر، حيث واحدة من أهم مناطق إنتاج رمل الزجاج وهى(الزعفرانة) فى هذه المنطقة، وخلال سنوات قليلة ظهر أكثر من 15 محجراً لاستخراج رمل الزجاج الذى لا يحتاج أصلا لأى جهد حيث يتواجد على الطبقات السطحية للأرض كل هذه المحاجر وفى نشاط غير مسبوق تتسابق فيما بينها وعلى رأسها ثلاث شركات كبرى تستقطع أكثر من ثلثى مساحة المنطقة وهى (شركة الخطيب والنيل وشركة سيناء للمحاجر) الشركات جميعها تتولى حمل وتعبئة رمل الزجاج بما يزيد عن 200 طن يومياً وتعبأ ويتم تصديرها مباشرة للخارج ولا يزيد ثمن الطن على 120 جنيهاً، بينما يزيد سعره بعد التعامل البسيط معه بالتنقية والغسيل عن ثلاثة أضعاف هذا الثمن بخلاف أسعاره بعد التصنيع كزجاج والنتيجة بخلاف ضياع مليارات الجنيهات على مصر خسائر غير عادية فى جيولوجيا المنطقة كما يقول دكتور حسن بخيت مدير الإدارة العامة للمناجم والمحاجر بهيئة الثروة المعدنية "أصحاب المحاجر لا يعبئون بكيفية التعامل مع الخامة فيأخذون الطبقات العليا فقط من الرمل بدون التعامل مع ما تحتها من طبقات تحتاج بعض الجهد والأنفاق ثم يتركون المكان لآخر ليكرروا نفس الشىء والنتيجة إفساد ما تم تركه بالمخلفات والتعامل السىء مع الأرض التى تتحول لحالة لا تصلح معها التعامل مرة ثانية كما أن ما يتم تصديره من خامات كان يمكن أن يأتى بعائد ممتاز لو تم التعامل معه بالتنقية والتصنيف قبل تصديره وهى أمور لا تحتاج سوى أجهزة بسيطة وعمالة مدربة ولكن من يستغلون المحاجر ومن يراقبون عليهم فى المحافظات يتعاملون بمبدأ الكسب السريع بلا تكلفة حقيقية".
وحسب الإحصاءات التى قدمها لنا دكتور حسن فإن إنتاج مصر الإجمالى من رمل الزجاج عام 2007 بلغ ما يزيد على (1214395 متراً مكعباً) بقيمة مالية حوالى (42.5 مليون جنيه فقط) تم تصدير حوالى (1046854متراً مكعباً) كل هذه الثروة فقط جلبت بعد التصدير حوالى 81 مليون جنيه!
قصة أخيرة لها أيضاً ألف دلالة عن تعاملنا مع ثرواتنا المعدنية فى المنيا، حيث أشهر محاجر الحجر الجيرى الذى يعد أكبر وأهم مخزون استراتيجى فى مصر حسب وصف د.حسن، حيث يدخل فى 9 صناعات مهمة جداً على رأسها صناعات الأسمنت والحديد والصوف الصخرى والجير والصناعات الغذائية والصناعات الدوائية وغيرها.
وبينما يعمل فى المنيا على استخراج هذا الحجر أكثر من 80 محجراً مرخصاً وعشرات المحاجر غير المرخصة، فلا أحد يعرف كم تستفيد مصر من هذه الخامة المهمة؟ ولكن حسب كلام دكتور حسن فإن السعر الذى تقدره إدارة مشروع المحاجر لهذه الخامة رغم جودتها العالية جدا لدينا لا تزيد على 7 جنيهات مصرية بينما سعره الحقيقى يزيد على 100 جنيه حيث تعامل سعرياً كطفلة، بينما تستخدم فى صناعات شديدة الأهمية خاصة الصناعات الدوائية، لدرجة أن شركة عالمية أمريكية افتتحت مصنعاً خاصاً لاستقبال تلك الخامة وتجهيزها فى العاشر من رمضان لتعيد شحنها وتصديرها للخارج مستفيدة من الفارق الشاسع فى الأسعار!
هذا السيناريو الذى يعتمد على استخراج الخام بسعر زهيد وإعادة تصديره بالسعر العالمى يتكرر الآن مع خامة الكاولين الأساسية فى صناعة السيراميك وأن بعض أصحاب مصانع السيراميك تعاملوا صناعياً مع المادة الخام هنا، بل امتلكوا محاجر استخراجها، لمزيد من تقليل تكلفة الإنتاج القليلة أصلاً لضمان المادة الخام طوال العام وبلا توقف كما فعل المهندس محمد أبو العينين الذى يقال إن لديه 7 محاجر لاستخراج الكاولين لمصانعه هو فقط.
لمعلوماتك ..
◄أكثر من 17 مادة وخامة محجرية تمثل قائمة ثروة مصر المعدنية يأتى على رأسها الحديد، حيث يوجد فى شرق أسوان والواحات البحرية والصحراء الشرقية فى منطقة جنوب القصير ويقدر الاحتياطى منه بحوالى 250 مليون طن.
◄ المنجنيز فى سيناء بمنطقة أم البجمة وفى أبو زنيمة ومنطقة حلايب، ويستخدم
المنجنيز فى صناعة الصلب والبطاريات الجافة وصناعة الطلاء والصناعات الكيميائية ويقدر الاحتياطى منه بحوالى 120 ألف طن.
◄الذهب أقدم صناعه تعدينية عرفتها مصر ويوجد فى منطقة السكرى بالصحراء الشرقية والبرامية وأم الروس وعطا الله وينتشر على هيئة حبيبات فى عروق الكوارتز والصخور الجراتينية.
◄القصدير يوجد فى نويبع بسيناء وأبو دباب والمويلحة وعدة مناطق فى الصحراء الشرقية ويستخدم فى صناعة المصابيح والآلات الثقيلة والثاقبة.
◄النحاس ينتشر فى مصر ولكنها، لم تستغل اقتصاديا حتى الآن ويتواجد فى منطقة سرابيط الخادم وفيران وأبو سويل فى الصحراء الشرقية.
◄الكروم فى الصحراء الشرقية فى جبل دنقاش وأبو ظهر وأبو مرة ويستخدم بشكل أساسى فى صناعة الصلب والدباغة والصباغة.
◄الفوسفات وهو من أهم الرواسب المعدنية فى مصر ويوجد فى مصر حزام من رواسب الفوسفات يبلغ طوله حوالى 750 كيلو طولاً وهو من أهم المواد التى تصدر للخارج ويدخل فى صناعة أسمدة الفوسفات وتبلغ احتياطياته ما يزيد على 2 مليار طن.
قائمة أسعار استغلال الخامات التعدينية حسب القانون 86، كما وردت فى المادة (27) منه:
أحجار الدبش الجيرية أو الرملية 15 مليماً للطن أو 20 مليماً للمتر المكعب.
الأحجار المنحوتة الجيرية أو الرملية 100 مليم للمتر المكعب
الطفلة والطين بمختلف أنواعهما 50 مليماً للطن أو 75 للمتر المكعب
الجبس والانهايدرات 50 مليماً للطن أو 75 للمتر المكعب
رمل الزجاج 150 مليماً للمتر المكعب
الدبش الزخرفى من أحجار الجرانيت أو السماقى الإمبراطورى أو الرخام أو صخور الموازيكو 200 مليم للمتر المكعب.
الأحجار الزخرفية من الجرانيت 600 مليم للمتر المكعب.
أحجار البازلت 100 مليم للمتر المكعب.
أما الجديد فى لعبة نهب كنوز مصر فهو أن المحافظات، ورغم أنها جزء من الجهاز الإدارى للدولة، أدركت الكارثة ولكن على طريقة أن السفينة تغرق وعلى من يستطيع أن يأخذ ما يريد ودخلت بدورها لتكون الوسيط بين الغافلين فى القاهرة وبين مستغلى الكنوز الرخيصة، وباعت هى بأسعارها الخاصة فى لعبة سمسرة غير محترمة طبعاً بأسعار مختلفة توضع فى جيوب مسئولى المحافظة، بينما ما يورد لجيب الدولة هو ملاليم القانون 86!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.