نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: كريم عبد العزيز ل عمرو أديب أنا أهلاوي مجنون بحضور تركي آل الشيخ .. مفاجأة من وزير التموين للمواطنين بشأن الدعم على البطاقات التموينية    وزير الإسكان يجرى حركة تغييرات بين رؤساء أجهزة المدن الجديدة    مقتل قائد كبير في جيش الاحتلال شمال غزة    جيش الاحتلال يعلن مقتل ضابط في كتيبة تابعة للواء جفعاتي خلال معارك شمال غزة    اشتباكات وقصف مدفعي إسرائيلي على مخيمي «الشابورة» و«دوار النجمة» في رفح الفلسطينية    ناقد رياضي: متفائل بالتشكيل الوزاري وأدعم استمرارية أشرف صبحي في وزارة الرياضة    مواعيد مباريات اليوم الخميس 4- 7- 2024 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    موعد إجازة رأس السنة الهجرية واستطلاع هلال شهر المحرم    وزير السياحة والآثار: نستهدف الوصول ل 30 مليون سائح بحلول 2030    تراجع سعر الفراخ.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الخميس 4 يوليو 2024    «بي إن سبورتس»: الجيش الملكي يقترب من تعيين عموتة    حرب شوارع، قوات أمن مركزي ودعم سريع للسيطرة على مشاجرة بالأسلحة النارية بين عائلتين بأسيوط    محافظ الدقهلية: العمل الميداني سر نجاح أي مسئول وقيادة.. ونعمل على حل مشاكل المواطنين ومحدوي الدخل    دراسة: أغلب الأوربيين يساورهم الشك في قدرة أوكرانيا على هزيمة روسيا    فرنسا تسحب نوع "كوكاكولا" بسبب مخاطر صحية: لا تشربوه    أول تعليق من توفيق عبدالحميد بعد تعرضه لوعكة صحية..ماذا قال؟    مع تصاعد الحرب في غزة ولبنان.. الشرق الأوسط يجلس على برميل بارود    مفاجأة من وزير التموين للمواطنين بشأن الدعم على البطاقات التموينية (فيديو)    6 نصائح للعناية بالأسنان والحفاظ عليها من التسوس    «هيئة الدواء» تسحب عقارا لعلاج السكر من الصيدليات.. ما السبب؟    لجنة تحقيق إسرائيلية: تفجير صور عام 1982 عملية انتحارية وليس حادثا عرضيا    إصابة طفل وانهيار جزئي لعقار مجاور.. تفاصيل سقوط عقار بالحي القبلي في شبين الكوم    مصرع طفلين شقيقين غرقا في كفر الشيخ    العثور على شاب مصاب بطلقات نارية في ظروف غامضة بقنا    عبد الرحيم علي يشكر الوزراء والمحافظين الذين غادروا مواقعهم    عمرو أديب الزمالك «نمبر وان».. وكريم عبدالعزيز يرد: أنا اهلاوي مجنون (فيديو)    حظك اليوم برج الجوزاء الخميس 4-7-2024 مهنيا وعاطفيا    قصواء الخلالي: الحكومة الجديدة تضم خبرات دولية ونريد وزراء أصحاب فكر    ميمي جمال: أنا متصالحة مع شكلي وأرفض عمليات التجميل    عبدالرحيم علي يهنئ المحافظين الجدد ونوابهم    دعاء استفتاح الصلاة.. «الإفتاء» توضح الحكم والصيغة    أول ظهور لحمادة هلال بعد أزمته الصحية    فولكس ڤاجن تقدم أقوى Golf R فى التاريخ    ملف يلا كورة.. قائمة الأهلي.. تعثر الزمالك.. وموقف بيراميدز من المنتخب الأولمبي    التشكيل الوزاري الجديد، مدبولي يعقد اليوم مؤتمرا صحفيا بالعاصمة الإدارية    وزراء خارجية روسيا والصين ومنغوليا يناقشون التعاون في المجالات الاقتصادية    أول رد سمي من موردن سبوت بشأن انتقال «نجويم» ل الزمالك    حر وقطع للكهرباء وأخطاء بالأسئلة.. دموع وشموع في امتحانات الثانوية!    ميدو: المنتخب الأولمبي «بيشحت» لاعبيه من الأندية    "مين كبر ناو".. شيكو يحتفل بعيد ميلاده    3 أبراج تتوافق مع «الدلو» على الصعيد العاطفي    لميس حمدي مديرا لمستشفى طلخا المركزي    أمين الفتوى: لا ترموا كل ما يحدث لكم على السحر والحسد    حدث ليلًا| موعد إجازة رأس السنة الهجرية وحالة طقس الخميس    الكويت تعلن اعتقال مواطنين بتهمة الانضمام لتنظيم محظور    أبرز مشروعات وزير البترول الجديد بالقطاع الحكومي.. تعرف عليها    في أول تصريح صحفي له، محافظ بورسعيد الجديد يوجه رسالة إلى اللواء عادل الغضبان    رئيس مجلس الوزراء يعلن موعد إجازة رأس السنة الهجرية    عمرو خليل: اختيار الوزراء في الحكومة الجديدة على أساس الكفاءات والقدرة    أستاذ استثمار عن التغيير الوزاري: ليس كل من رحل عن منصبه مقصر أو سيئ    نجم الزمالك السابق: الأهلي وبيراميدز يعاندان المنتخب الأولمبي    هاني سعيد: بيراميدز لم يعترض على طلبات المنتخب الأولمبي.. وهذا موقفنا النهائي    أدعية رأس السنة الهجرية.. يجعلها بداية الفرح ونهاية لكل همومك    سعر الأرز الشعير اليوم الخميس 4 يوليو 2024 في جميع الأسواق المحلية    والدة شاب تعدى عليه بلطجي بالمرج تكشف تفاصيل الحادث    فحص نشاطها الإجرامي.. ليلة سقوط «وردة الوراق» ب كليو «آيس»    اتحاد الصناعات: وزارة الصناعة تحتاج لنوعية كامل الوزير.. واختياره قائم على الكفاءة    تعيين عبلة الألفي نائبة لوزير الصحة والسكان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من شباك الزنزانة رقم 5
نشر في اليوم السابع يوم 04 - 12 - 2014

كان شباك الزنزانة الصغير ذو القضبان السوداء الخشنة هو منفذى الوحيد إلى العالم الخارجى، من الشباك أسمع وقع الأقدام الثقيلة لعساكر السجن، وعبر الشباك يأتينى الأمل مع كل سجين جديد يدخل السجن من طلبة الجامعة الذين كان نظام السادات يعاقبهم بالبطش والسجن كلما خرجوا فى تظاهرات تطالب بالديمقراطية وتحرير أرض سيناء المغتصبة فى يونيو 1967.
فى الزنزانة 5 قضيت ليلة رأس سنة 1973.. ليلة موحشة وقاسية على فتى لم يتجاوز الواحد والعشرين عامًا، وكانت الاتهامات المعلبة فى هذا الزمان هى يسارى متطرف محرض على قلب نظام الحكم ومثير للبلبلة يهدد الأمن القومى للبلاد، كلام ضخم واتهامات كانت تغيب أى أحد فى السجن لسنوات، ولم يكن عقلى يستوعب فى هذه السن خطورة الاتهام بتهديد الأمن القومى، كل ما كنت أعرفه وأطالب به مع آلاف الطلبة فى الجامعة هو تحرير أرض سيناء التى احتلتها إسرائيل وأن يسمح النظام للشعب بحرية التعبير والتنظيم وأن يتوقف عن اعتقال السياسيين وأصحاب الرأى.
لم أكن أعرف عندما أخذت فجرًا من شقة الطلبة التى أقطن فيها فى حى بين السرايات قبالة جامعة القاهرة، أنى سوف آتى إلى هذا المكان المظلم الموحش، ولم أكن أعرف أنى فى سجن القلعة الرهيب إلا فى صباح اليوم التالى عندما شعرت أن هناك سكانًا غيرى فى المكان.. وسمعت من ينادى.. يا شبه.. أيوه.. مين.. بهاء؟.. سمير.. زين.. المخزنجى.. الكردى و.. تعالت الصيحات والهتافات.. أصوات طلبة من كل الجامعات وجوه عاشقة لمصر، كلها هنا فى سجن القلعة تهتف.. تحيا مصر!
وفى سجن القلعة ومع بشائر أول صباح أيام عام 1974 كتب الشاعر الكبير زين العابدين فؤاد (طالب الفلسفة فى كلية الإعدادى آنذاك) قصيدته الشهيرة .."واتجمعوا العشاق فى سجن القلعة.. اتجمعوا العشاق فى باب الخلق.. والشمس غنوة من الزنزانة طالعة.. ومصر غنوة مفرعة فى الحلق".
وهى الأغنية التى لحنها الشيخ إمام عيسى فيما بعد وكانت إلهامًا لكل انتفاضات الشباب حتى ثورة يناير 2011 .
وفى منتصف نهار ذلك اليوم.. هز فضاء القلعة صوت زميلنا سمير غطاس (الطالب بكلية طب الأسنان) من زنزانة مجاورة وهو يهتف.. نجم وصل يا شباب.. أهلا يا أبو النجوم.. واختلطت أصوات سكان كل الزنازين مهللة ومرحبة بشاعر الحركة الطلابية المصرية فى السبعينيات أحمد فؤاد نجم.
وبالنسبة لى أنا سجين الزنزانة رقم 5 كان حضور نجم إلى السجن حدثًا رائعًا ومثيرًا.. والأهم أنه أدخل الطمأنينة إلى قلبى الصغير وشعرت حينها بأن أهلى معى الآن.. مصر كلها هنا فى سجن القلعة!
ثم أخذ نجم ينادى علينا بالاسم واحدًا واحدًا.. مين اللى فى زنزانة واحد؟.. مين اللى فى اتنين.. مين اللى فى تلاتة.. مين اللى فى أربعة.. ومين اللى في خمسة؟ .. هتفت بأعلى صوت: أنا يا نجم.. أنا الشبه.. فقال: أنت هنا يا أبو الشباب.. طيب خد بالك بقى من بلاط السجن.. احسن برد القلعة وحش !
كنت أصغر الموجودين فى القلعة وكان أحمد فؤاد نجم يعاملنى كابنه.. شاعر صغير.. تلميذ قادم من المنصورة بلد الشعراء وأم كلثوم، وكان بيته فى حارة حوش قدم بالغورية أول مكان أذهب إليه منذ قدومى لدراسة الصحافة بجامعة القاهرة.. كنا ننهى محاضراتنا ونتوجه إلى حوش قدم نجتمع كلنا حول نجم يلقى أشعاره والشيخ إمام يغنى بصوته الأزهرى على عود قديم .
"مصر يا أمة يا بهية يا أم طرحة وجلابية.. الزمن شاب وانتى شابة هوه رايح وانتى جاية".. وكلما كان الشيخ يقول "وانتى شابة" يقولها وراءه بصوت عالٍ ويشير لى وهو يضحك .
وكنت فى ذلك الوقت معروفًا بين طلاب الجامعة بأنى من حفظة أشعار أحمد فؤاد نجم ألقيها فى الندوات والمؤتمرات، وكان من أشهر قصائده ذائعة الصيت فى ذلك الوقت قصيدته عن "تشى جيفارا" التى نعى فيها المناضل العظيم التى قتلته المخابرات الأمريكية فى أحراش بوليفيا وسخر فيها فى نفس الوقت من مناضلى الميكروفونات فى مصر .
"جيفارا مات.. ما رأيكم دام عزكم يا أنتيكات.. يا غرقانين فى المأكولات والملبوسات.. يا دفيانين ومولعين الدفايات.. جيفارا مات يا بتوع نضال آخر زمن فى العوامات.. لا طنطنة ولا شنشنة ولا إعلانات "!
كان أحمد فؤاد نجم أشهر سجين سياسى فى مصر، ملهم الثورة الشاب وشاعر الفقراء هو نزيل الزنزانة رقم 6 الملاصقة لزنزانتى فى القلعة، وفى هذه الزنزانة كتب نجم قصيدته الشهيرة عنا نحن طلبة السبعينات.
"صباح الخير على الورد اللى فتح فى جناين مصر.. صباح العندليب يشدى بألحان السبوع يا مصر.. صباح الداية واللفة ورش الملح فى الزفة.. صباح يطلع بأعلامنا من القلعة لباب النصر".
ومنذ ذلك اليوم لم يتوقف أحمد فؤاد نجم عن الحلم بالثورة وعن التحريض بالقصيدة وعن مقاومة الظلم والدفاع عن الفقراء.. دخل السجن 18 مرة، وعبرت أشعاره حدود الوطن وكان لسانه الطويل وسخريته القاسية سوطًا يلهب أنظمة القمع والاستبداد فى مصر والمنطقة العربية.. وعاش نجم ابن حارة حوش قدم حياته بالطول وبالعرض، كان أقوى من جلاديه والحكام الذين هاجمهم وسخر منهم نجم، ماتوا إما مهزومون أو مغتالون أو زجت بهم شعوبهم فى السجون! .. وعاش أحمد فؤاد نجم حرًا طليقًا، ولم يمت إلا بعد أن شاهد المصريين وهم يشعلون ثورتين فى 3 أعوام والملايين تهتف بإشعاره فى ميادين مصر.. "الجدع جدع.. والجبان جبان.. بينا يا جدع ننزل الميدان".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.