معاوية بن أبى سفيان داهية العرب الذى قلما أنجبت النساء مثله، والذى عرف بالدهاء السياسى والحكمة البالغة فى إدارة شئون الدولة باللين تارة وبالقسوة تارة أخرى حسب ما يتراءى له وبمقدار نظرته الثاقبة للموقف. ولسنا هنا بصدد تعديد صفات ومناقب هذا الفذ ولكن أردت أن نستدعيه للمشهد لمجرد الاستفادة من عقلية وعبقرية معاوية رضوان الله عليه. وشعرة معاوية مصطلح عندما تسمعه تتذكر فورا الدبلوماسية والذكاء فى التعامل مع الناس بمهارة فائقة وحزم شديد. وشعرة معاوية يقصد بها قولته الشهيرة (أنا لا أستخدم سيفى حيث يكفينى سوطى ولا أستخدم سوطى حيث يكفينى لسانى ولا أستخدم لسانى حيث يكفينى صمتى ولو أن بينى وبين الناس شعرة ما انقطعت إن شدوها أرخيتها وإن رخوها شددتها) وهنا أذكرها بمفهومها ولن أتطرق لنطقها فروايتها كثيرة ولكنى هنا أبغى الاستفادة بلا جدال أو مزايدات كلامية لا طائل منها. وأعود لشعرة معاوية وهذه المقولة العبقرية التى قد تمر على الكثيرين دونما الاستفادة منها بل وعدم معرفة قيمتها فهى حكمة بالغة وأسلوب عمل بل لو أردنا شرح معانيها لا يكفينا مداد أقلام عدة فهى تمس جميع مناحى الحياة. واستخدام شعرة معاوية لا يحتاج الحصول على الدكتوراه أو الدرجات العلمية العالية بل يحتاج إلى تحكيم العقل واستخدام الحكمة ومفهومها الأساسى وهو (وضع الأمور فى نصابها الصحيح) فلا تعطى الأمر أقل من حجمه فتكون مستهترا ولا أكبر من حجمه فتجهد نفسك بلا داعى. فلو أصلنا هذا المفهوم فى نواحى الحياة المختلفة لوجدنا تغيرا ملحوظا فى حياتنا إلى الأفضل، ولو كل منا طبقه على نفسه بداية من بيته وتربية أولاده بالإضافة إلى تعاملاته اليومية مع الغير وصولا لعمله لأحدث ذلك تغيرا مجتمعيا إلى الأفضل. فعن طريق استدعاء فكرة شعرة معاوية أثناء تصرفاتك فى بيتك مع عائلتك وفى عملك وفى وسطك الذى تعيش فيه، وتذكرت أن للصمت وقته وللحديث وقته ولكل فعل له ما يقابله من تصرف يليق به لأيقنت ساعتها أن استخدام الحكمة فى التصرف يوفر الكثير من الأخطاء التى نقع فيها ثم نندم كثيرا على فعلها. عزيزى القارئ المحترم الأفذاذ فى تاريخنا القديم بل والمعاصر كثيرون وكل ما علينا هو مراجعة تاريخنا المشرف والبحث فى هذا العبق عن كل ما يؤصل احترامنا لهذا التاريخ بل واستكمال البناء عليه وعدم تركه والتشدق به فقط، بل يجب الاستفادة من تلك العقول والخبرات التى أثرت التاريخ الإنسانى فى جميع مناحى الحياة لأننا نحتاج فعلا أن نكمل بناء هذا الوطن (الذى توقف كثيرا) ولكن على أساس قوى تظهر فيه ثقافتنا المجيدة التى سبقنا بها العالم فترات كبيرة من التاريخ.