لاعزاء للرقابة على الإعلام

من الصعب جداً أن يدعو أى مثقف حقيقى أياً من إجراء ملاحقة أو تضييق على الحريات، وغير منطقى أن يدعو أى إعلامى إلى الضبط أو الرقابة، الحرية شرط مهم لازدهار أى فكر أو إبداع، نحن أمام كم هائل من بث متواصل للتردى والإنفلات الأخلاقى عبر منظومة من أغانى لمطربين يستمدون شهرتهم من الأغانى المسفة والمبتذلة، وموجة من أفلام أبطالها ابتذال وجسد وسقوط وسوقية، وإفيهات هابطة وتشبيهات مسيئة وإعلانات خادشة للحياء ومحرجة فى غاية الانحلال والقبح؛ ومابين السوقية والوقاحة وجرأة الاعتداء على القيمة لا الطرح المجدى لم يعد العمل القيم إنجازاً إذا لم يكن مسفاَ؛ أما إذا بلغ هذا التدنى درجة من السيطرة والانتشار ضمن خطاب إعلامى سائد فى وسائل الإعلام.. فلا عزاء للرقابة على الإعلام.
فى عصر أصبح الإعلام لا يحدده ضابط ولا يعمل به محترف؛ فضائيات وسموات مفتوحة وشبكة عنكبوتية أنقذت الكثير من مبدعى ومبتكرى وصانعى الفنون من مقص الرقيب؛ رفع الكثير من المبدعين شعارات منها الرقابة تقتل الإبداع، الرقابة قتل للعقل ومجزرة للأراء؛ مطالبات كثيرة طالبت بإلغاء الرقابة وترك الإبداع أمانة بين ضمير المبدعين ووجدان الناس، واعتبر البعض أن الرقابة جريمة فى مصادرة الفكر والإبداع.. ولكن ماذا عندما يتحول الفكر والإبداع والابتكار إلى جريمة فى أمن المجتمع الاجتماعى!
فى ندوة أقيمت بمعرض القاهرة الدولى الكتاب فى دورته ال42 تحت عنوان "حرية التعبير فى الرواية" اعترف الناقد محمد عبدالتواب بحدوث انفلات تحت دعوى حرية الإبداع، وقال: هناك بعض الكتاب الذين يركزون على خلطة الجنس والدين والحشيش وغيرها التى يتبعها البعض كوسيلة للشهرة، وقال: "المحافظة على حرية الإبداع تفرض على النقاد تقييم العمل الأدبى جيدا".
وصرحت السيدة منى الصغير رئيس الرقابة فى التليفزيون المصرى إلى جريدة المصرى اليوم "أن الرقابة ليست ضد الإبداع "، ووصفت التليفزيون المصرى الأكثر تحرراً فى الوقت نفسه الأكثر حفاظاً على قيم الأسر المصرية والعربية ولا نقبل من يزايد علينا ضد الإبداع، وقالت: "نحن كمراقبين ومتابعين نعد ضلعاَ ثالثاً فى مثلث الأسرة والمدرسة ووظيقتنا الحفاظ على القيم وكلنا شركاء فى تلك المسئولية"
نضال عشر سنوات للحصول على حرية الإعلام يتوقف بعد أن وصلنا إلى أن الحرية وحدها لا تصنع إعلاماَ متقدماَ وننادى بالمسئولية بجانب الحرية لتحقيق تقدم ونمو.
الزمن يتقدم ليعود بنا إلى الوراء، للأسف أساء البعض إلى الحرية وجعل منا إعلاميين ينادون وجود الرقابة على الإبداع وذلك احتراماَ للعمل الجيد ومعياراً للأداء وحفاظاً على جيل يدخل بأهمية الحياة يرى أن الوقاحة والسوقية والابتذال فلكلوراَ شعبياً.
*إعلامية مصرية