يقف داخل محل صغير فى أقدم أزقة مدينة طنطا على قدم واحدة ليعمل بالأخرى وهو منحنيا ليستكمل مسيرة جده "أبو اليزيد" أقدم صاحب محل "مكواة الرجل"، يأتى إليه العُمد من القرى ليطلبوا منه كى عباءتهم بإتقان لتتناسب مع هيبتهم. هو كريم أبو اليزيد الشاب ذو ال17 عامًا، بالصف الثالث الثانوى، يشاهد منذ صغره جده وهو ينحنى من أجل خدمة أفضل للزبائن، دون أن يبوح لأحد عن آلام ظهره التى تسببت فيها المهنة، ويقول "كريم" "حكى جدى لنا عن كبار الأعيان الذين كانوا يحضروا إليه يوميا للكى، فكانت مكواة الرجل أفضل طريقة لفرد الملابس والأقمشة من وجهة نظرهم فى القدم، كل قطعة قماش فى المنزل كانت لابد أن تكوى بعد الغسيل لإعطاء مظهر أفضل، بالإضافة إلى الاعتقاد أن الحرارة تقتل الميكروبات، ولكن أكثر من يفضل مكواة الرجل فى الاستخدام هم من يرتدون العباءة الفلاحى، لأنها تصمم من أقمشة ثقيلة لا تفردها المكواة البخار سواء القديمة أو الحديثة". ويستكمل كريم "تربيت على هذه المهنة أشعر أنها جزء من حياتى وليست مهنة فقط أتدرب عليها حتى أتقنها (البلد ما فيهاش شغل وبدل ما أقعد على القهوة أشتغل فى مهنة جدودى علشان ما تموتش معاهم)، والعمل هنا لا يوقفنى عن الدراسة، ولا يمكن تطوير المهنة لأنها من التراث القديم الذى نعتز به فكل عباءة مر عليها كف المكواة الثقيل تحكى حكاية شعب كافح من أجل زيادة أرضه وزراعتها وإنبات أفضل الخضروات والفواكه". ويحكى كريم "كانت المكواة فى القدم تسخن على "وابور الجاز" ولكن مع توفر الأنابيب فهى تسخن حاليا فى أفران مخصصة لها تشتعل بالأنابيب، المهنة صعبة للغاية ولكن تدريبى عليها منذ الصغر ساعدنى على استكمال المشوار، ورغم انصراف الكثيرين للكى بالبخار إلا أن الزبون الدائم معنا هو الفلاح المصرى والترزى الذى يفصل هذه العباءة". حفيد أقدم مكوجى رجل فى مدينة طنطا