كم مرة تحاورنا مع أنفسنا كى ندرك بالفعل ماذا نتمنى من أبنائنا تحقيقه فى المستقبل؟ كم مرة فرضنا على أبنائنا اختيارات بذاتها لاقتناعنا أن مانفعله هو الأفضل لهم وأننا الأمهر فى قرائه المستقبل؟ كم مرة أرهقنا عقولهم البريئة وأجهدنا أيديهم الناعمة وهم فى عمر الزهور فى واجبات مدرسية مكثفة بحيث يبدأ اليوم، وينتهى دون أن يمارسوا عملهم الحقيقى فى هذا العمر.. وهو اللعب.. ونست الأم دورها الحقيقى فى حيات أبنائها.. وأنها منبع الحنان والأمان والأحضان الدافئة والذكريات السعيدة التى تعينهم فى المستقبل على صعوبات الحياة.. وأصبح الأب يعمل ليل نهار من أجل توفير المال اللازم للدروس الخصوصية. فأصبحت البيوت كالسجون على السجان والمسجون...على الآباء والأبناء... من لحظة دخول الابن المدرسة حتى يوم تخرجه ...ممنوع الخروج ...ممنوع الدخول ...ممنوع التواصل مع العالم الخارجى ...ممنوع الاستمتاع بأجمل سنين العمر. فننتج جيلاً متشابه معظم أفراده..جيل حامل للشهادات الجامعية ...(بعد ما الأهالى باعوا حتى عفش البيت) ...جيل مبرمج على نفس المناهج ... يردد نفس الكلمات والأفكار ... دون أى إبداع أو اختلاف ... فأصبح الوطن متخم بأصحاب الشهادات العالية على المجتمع فارغى العقول والجيوب.. ألم ندرك بعد أن معظم من حققوا نجاحات شهد لها العالم لم يكونوا من أصحاب التفوق الدراسى؟ ألم ندرك بعد أن أبناءنا لن يحققوا نجاحاً فعلياً فى أى مجال إلا إذا أحبوه وأصبحوا موهوبين فيه سواء بالفطرة أو الممارسة .. ألم ندرك بعد أن أبناءنا فى حاجة إلى أن نعلمهم فن (السعادة) والرضا .. قبل أن نعلمهم أساليب الكفاح.. لأن من اجتهد دون أن يكون محبا للحياة مفعم بالبهجة...مهما حقق من إنجازات...فلن يستطيع الاستمتاع بها... نحن بحاجة إلى ثورة فى الفكر التربوى.. ثورة على الآباء قبل الحكام .. فكما قال على (كرم الله وجهه): ( لا تؤدبوا أولادكم بأخلاقكم، لأنهم خلقوا لزمانٍ غير زمانكم) ... وأقول أنا: لا تعلموا أولادكم بتعليمكم، لأنهم خلقوا لزمانٍ غير زمانكم.