عندما يذهب شيوخ الخليج إلى الغرب، فإن أخبارهم عادة ما تحتل العناوين الرئيسية للصحف بصفقاتهم التى تبلغ مليارات الدولارات فى الخارج، ومشروعاتهم العملاقة فى الداخل مثل بناء أطول برج فى العالم فى دبى وإقامة متحف لوفر جديد فى أبو ظبى. أما دولارات النفط التى يذهب جزء منها إلى الدول الفقيرة فلا تحظى بكل هذا الضجيج. ففى السنوات الست الأخيرة، تدفقت من دول مجلس التعاون الخليجى رؤوس أموال بلغت حوالى 700 مليار دولار لاستثمارها فى أمريكا وأوروبا، ولكن مع تباطؤ العوائد على رؤوس الأموال فى الدول الغنية، توجهت دول المجلس إلى أسواق فى آسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تشهد دولها تطبيق سياسات التحرير الاقتصادى والخصخصة بمعدلات سريعة واتساع نطاق المشروعات الجديدة، وهى السياسات التى جذبت رؤوس الأموال العربية وحولت وجهتها من الأسواق الغربية. وطبقاً للمعهد الدولى بواشنطن فإن دول آسيا والشرق الأوسط حظيت بحوالى 22% من استثمارات دول الخليج بين 2002-2006. وتتنوع هذه الاستثمارات بين مناجم حديد فى موريتانيا التى قامت بشرائها شركة قطر مقابل 357 مليون دولار، ومشرع تعمير حضرى فى جنوب ماليزيا تنفذه مجموعة شركات خليجية بتكلفة استثمارية 1.2 مليار دولار، هذا فضلاً عن شركات الاتصالات الخليجية التى أنفقت ما لا يقل على 20 مليار دولار لتوسيع أنشطتها من الجزائر إلى سنغافورة. وقد حولت استثمارات الخليج البورصات الخاملة فى القاهرة والدار البيضاء وعمان، إلى أكثر أسواق المال نشاطاً فى العالم وساعدت على حمايتها من الصدمات التى تضرب الأسواق العالمية. وكانت أسواق العقارات هى أكثر المجالات الجاذبة للاستثمارات الخليجية والتى صاحبتها حملات دعائية ضخمة، فشركة التعمير العملاقة بدبى "إعمار" تقول إن مشروعاتها فى الخارج بلغت 65 مليار دولار وتشمل إقامة منتجعات سياحية فى المغرب، ومشروعات سكنية فاخرة فى القاهرة ودمشق وحيدر آباد واسطنبول وكراتشى. أما الشركة الأخرى المنافسة "دماك" فهى تقيم قرية سياحية على ساحل البحر الأحمر فى مصر بتكلفة استثمارية 16 مليار دولار، بينما تقوم شركة إماراتية أخرى وهى شركة المعابر بإنشاء ضاحية سكنية فاخرة فى تونس بتكلفة 10 مليارات دولار، كما تبنى شركة ديار القطرية أبراجاً إدارية فى القاهرة والخرطوم ومنتجعات سياحية فى سوريا والمغرب وجزيرة سيشيل، بالإضافة إلى تجمع سكنى فى العاصمة اليمنية صنعاء. وقد بدأت هذه الأموال المتدفقة من دول الخليج فى تغيير أوضاع هذه الدول، وغذت أحلام الطبقات المتوسطة فيها بمستويات معيشية مرتفعة وضواحى سكنية تضاهى مدينة دبى وتذكر بأيام الأندلس الباذخة.