◄◄ قيادات أمنية ضغطت على مسئولين فى الدولة للحصول على فتوى من الأزهر تخفف من حدة بيان القرضاوى وخطبة حسن نصر الله تمر الأيام الحالية صعبة على الأجهزة الأمنية المصرية التى رفعت درجة الاستعداد القصوى خوفا من أى هجمات تخريبية فى سيناء والقاهرة، فى ظل حالة الغضب ورد الفعل العربى والشعبى الرافض لفكرة الجدار الفولاذى الذى تقوم مصر ببنائه على حدودها مع غزة بهدف تدمير الأنفاق ومنعها بشكل نهائى. الأيام الأخيرة شهدت حالة نشاط غير عادى على المستوى الأمنى، كانت سببا فى حالة ارتباك غير عادية أدت إلى اتخاذ بعض القرارات غير المفهومة، مثل إلغاء حفل الفنان محمد منير الذى اعتاد الجمهور حضوره كل رأس سنة، وحفلة الفنان عمرو دياب، بالإضافة إلى تعطيل مشروعات عدد من الفنانين أرادوا تقليد منير وتنظيم حفلات خارجية ذات حضور جماهيرى متميز. القرارات غير المفهومة كان من بينها قرار منع قافلة شريان الحياة من العبور إلى غزة، ونشر هذا الكم الهائل من رجال الأمن فى جميع الأماكن التى يتحرك أو يتجمع بها النشطاء الأوروبيون المشاركون فى الحملة، بالإضافة إلى عودة عربات الأمن المركزى للانتشار بكثافة بجوار الجامعات وأماكن المظاهرات المعتادة. الارتباك الأمنى بات واضحا فى عدم وجود تفسيرات مقنعة للقرارات السابقة، والاكتفاء بالكلمة الشهيرة «لدواعى أمنية» دون شرح أى تفاصيل، غير أن العديد من الأنباء الواردة من داخل الأجهزة الأمنية أكدت وجود حالة استنفار وخوف من حدوث عمليات إرهابية فى العاصمة، أو أى عملية انتقامية فى منطقة سيناء ردا على الجدار الفولاذى، خاصة بعد فتوى الشيخ القرضاوى التى أكد فيها «حُرمانية» بناء الجدار الفولاذى قائلا فى نص بيانه إن الجدار عمل محرم شرعاً، وهو البيان الذى اعتبرته وزارة الداخلية المصرية تحريضا مباشرا من جانب الشيخ القرضاوى ضد أعمال الجدار العازل، وحسب ما ورد إلى «اليوم السابع» من أنباء فإن هناك تيارا قويا داخل الأجهزة الأمنية شجع على ضرورة رفع الاستعداد للدرجة القصوى بناء على التجارب السابقة التى شهدت تحريضات صريحة بأعمال إرهابية من خلال توصيات أو بيانات صادرة عن شيوخ ثقة وفى حجم شيخ مثل الدكتور القرضاوى، حيث وجد هؤلاء فى فتوى القرضاوى بتحريم الجدار حالة تحريض مستترة يمكن لبعض الشباب المتحمس أو بعض الخلايا النائمة التى ظهرت فى تفجيرات الحسين وكنيسة الزيتون أن تستغلها كذريعة لتنفيذ عمليات جديدة داخل الأراضى المصرية، وعلى نفس المنوال نشط العديد من العناصر المصرية على الحدود مع غزة خوفا من أن تدفع فتوى الشيخ عناصر حماس لمحاولة التسلل وارتكاب أى أعمال تخريبية تؤثر على سير العمل فى الجدار العازل. حدة التوتر الأمنى زادت بشكل ملحوظ بعد خطاب حسن نصر الله فى ليلة عاشوراء، والذى ناشد فيه مصر وقف بناء الجدار الفولاذى، ووقف إغراق الأنفاق المؤدية إلى القطاع المحاصر، وفك الحصار عن غزة، حتى لا تصبح «موضع إدانة كل العرب والمسلمين وكل الشرفاء وأحرار هذا العالم»، ثم أكمل كلامه بجزء اعتبره بعض القيادات الأمنية تحريضا واضحا يستدعى القلق حينما قال «لا يجوز السكوت الظالم على حصار شعب بكامله أيا تكن الحجج والأعذار». كلام حسن نصر الله استدعى لأذهان القيادات الأمنية طبيعة تواجد وأعمال الخلية التى تتم محاكمتها حاليا بتهمة التعاون مع حزب الله، مما دفع الأجهزة الأمنية لدفع المزيد من العناصر الأمنية إلى متابعة ومراجعة قضية حزب الله من جديد خوفا من وجود فلول أو هاربين قد يستخدمون كلام نصر الله أو فتوى القرضاوى كتشجيع لهم على ارتكاب أعمال عنف. الاستعدادت الأمنية لم تتوقف عند حدود الخطط ونشر القوات ومنع الحفلات ذات التجمعات الضخمة، بل دفعت حالة القلق التى ولدت داخل بعض القيادات الأمنية، بسبب الخوف من الأثر الدينى لفتوى شيخ بحجم القرضاوى، إلى الإسراع لدى المؤسسات الرسمية بالضغط على عدد من شيوخ الأزهر لتظهر تلك الفتاوى التى حرمت أنفاق غزة واعتبرتها عملا من أعمال الشر، لأنها أرض لتهريب المخدرات والسلاح، ولم تنس فتاوى شيوخ الأزهر أن تؤكد مشروعية بناء الجدار الفاصل وأنه حق مشروع لمصر من أجل حماية أرضها. وعلى قدر ما ورطت هذه المحاولة الأمنية رجال الأزهر، على قدر ما أشعلت معركة على مسار آخر بين شيوخ مصر، وأعادت الحديث مرة أخرى عن فوضى الفتوى، وأمام الهجوم الذى تعرض له الأزهر بسبب هذه الفتاوى لم تجد القيادات الأمنية مفرا من الاعتماد على الحذر الأمنى الذى كان سببا قويا فى منع قافلة شريان الحياة من العبور إلى الغزة، خوفا من أن تكون القافلة وما ستحدثه من فوضى إعلامية هدفا أو منفذا سهلا لأى عناصر تخطط لأعمال تخريبية، وهو المنع الذى يعكس حالة ضيق الأفق داخل الدولة، لأنه يساعد فى تأجيج المشاعر ضد مصر ويساهم فى تدعيم فتوى القرضاوى بشدة، على اعتبار أن مصر ستكون -طبقا لهذا المنع الدولة- التى لا ترحم ولا تترك رحمة ربنا لتمر إلى غزة وأطفالها.