لا يكف عن السخرية من نفسه وأصدقائه وشعره وأسرته، حتى إنه كان يسخر من الموت، هذا ما أجمع عليه أصدقاء الشاعر الراحل محمد صالح فى حفل التأبين الذى أقامه أمس أتيليه القاهرة للراحل، وحضره عدد كبير من المثقفين على رأسهم أصدقاء الراحل الدكتور جابر عصفور رئيس المركز القومى للترجمة، الكاتب سعيد الكفرواى والشاعر فريد أبو سعدة، والشاعر محمد بدوى، والشاعر محمد عفيفى مطر، والكاتب سعد هجرس، كما حضر الحفل الذى تخلله قرأة فى شعر الراحل عدد كبير من أسرته. وفى كلمته قال عصفور، إنه عرف الراحل منذ المرحلة الثانوية، مؤكداً أنه لن يستطيع اليوم أن يكون ناقداً، وإنما سيكون رفيقاً لمن عرفه بهواية الأدب والشعر، وبالرغم من أنه كان يكتب فى البداية شعراً رديئاً، إلا أنه ظل يكتب حتى أصبح شعره جميلاً. بينما قال الشاعر محمد بدوى، إن الراحل استطاع تحويل تفاصيل الحياة اليومية إلى شعر جميل، وكان له حلم بسيط بالعزلة، حيث الحياة الطبيعية، وظل يطارده لفترة طويلة وعبر عنه فى قصائده، مضيفاً أن الحياة المصرية فقدت واحداً من الأصوات بالغة الخصوصية والذى شكل مع آخرين المشهد الشعرى فى مصر. وقال سعيد الكفرواى، إن محمد صالح كان طوال حياته أسيراً لعدد من الهموم الإنسانية، ولم تعطيه الأيام ما يستحق، لكنه كان راضياً كتوماً، لا يمكن أن يشتكى لأحد أو يعبر عن إحساسه بالعجز، كما قراء الكفرواى كلمة للدكتور نصر حامد أبو زيد عن الراحل، كتبها وأرسلها لأنه لم يستطع الحضور. وفى كلمة له قال عفيفى مطر، إن الراحل لم يكذب يوماً على نفسه ولا على الغير، ولم يزيف الحقائق، كما أنه كان مشاكساً، كما كانت له قدرة كبيرة على الاستثناء، وهو ما حدث مع الشاعر أمل دنقل الذى وصفه مطر ب"القنفد"، الذى لا يمكن الاقتراب منه، مضيفاً أن صالح استطاع الاقتراب منه بالقدر الذى جعلنا جميعاً نقترب منه بعد ذلك. وقال سعد هجرس، إن صالح لم يستغل يوماً منصبه كرئيس تحرير فى تسويق أعماله، كما كان كتوماً على مرضه ولم يعلن عنه حتى مات، وهو ما نخشى منه جميعاً، فبالأمس رحل صالح واليوم يرقد محمد ناجى لا يعلم أحد من التالى. وقال سعيد الكفرواى، إن الراحل رغم مكانته الكبيرة لم يكن لديه "C.V"، وهو الأمر المستغرب، لكنه كان كذلك، يقوم بعمله كما هو مطلوب منه، يتأمل ذاته والمحيطين به، يرفض الدخول فى مليشيات شعرية أو جماعات أدبية لقناعته بأن الشعر يدافع عن نفسه، وكان يحفظ كل ما يكتبه من شعر وغير شعر، فكانت ذاكرته هى الهامش والمسودة والنسخة الأخيرة. كرسى مندوب الرئيس "الخالى" فى عزاء محمد صالح