مُفرّغة من داخلى كبالون قديم.. مساحات قاحلة مشققّة كالأرض البور.. بقايا أحلام كانت هنا.. لكنها لم تعد كذلك.. لم يبق منها سوى صور مُهترئة.. مشاهد باهته "مَضغتها" الأيام ثم لَفظتها.. ذكريات مُشوشّة.. أولها تشاكيل لونيه فى دفتر رسمى وأنا طفلة.. رَسَمت قوس قزح وشمس مُشرقة بَسّامة.. فراشه تهيم فى حقل نشوانه فى شعاع ضوء.. مشهد آخر لكفىّ الصغيرة فى يد أمى.. ندور فى المتاجر واختيارى لفستان أحمر.. الأحمر بقى دائماً فى قلبى لون "العيد".. أسير مع أبى فى مشهد جديد.. احتضن قطتى الجديدة وأضحك.. ليالى الشتاء أمام المِدفأه.. القطة الكسول تلحس فِراءها وتتمطى.. أنا مُنكبّه فى مشهد أخر على دفاتر مذاكرتى.. أتصارع مع المسطور أمامى لأفهمه.. ثم صوره لشابة متألقة فى قاعة.. استلم شهاده تخرجى وسط عيون مُزغرِدة.. اِقتحم عقلى مشهد لملامح حبيبه.. صاحبها يَعدّنى بحب أبدىّ.. تبعها صورة مُبهرجة لأهازيج زفاف.. عروسان سعيدان بعالم جديد.. أجدُنى فى مشهد احتضن طفلاً بملامح مُنمنمَة.. فيه منى أجمل ما فِىّ.. ها هى صوره لىّ وسط زملاء عملى.. نتمازح ونضحك حول طعام إفطار.. أجدنى فى صوره أخرى بيدى شنطه سفر.. أضعُها فى سيارة وأنطلق فى رحله عمل.. ألِوّح من شباك السيارة مودّعِه.. أنا والطريق الصحراوى الطويل نَحتّل مشهداً.. فجأه.. اقتحم عقلى نورً أبيض ساطع.. أصوات عالية متداخلة وصرخات.. ثم... ثم الصمت والخواء!!! لا أصوات ولا صور.. لا شىء البتة.. عقلى فارغ كالضباب.. أعتصر ذهنى بلا فائده.. بداخلى يتشكل "الرعب".. اتَطلَع حولى ذاهله.. أين أنا؟؟؟!!! الباب يُفتَح بهدوء حذِرّ.. رجل يدخل وبيده طفل مازال يتعثر فى مشيته.. من هؤلاء؟؟؟ !!! الطفل يبتسم لى ماداً يده الحُرَه.. أرفع عيناىّ مُتطلعَة بتساؤل إلى الرجل.. أجد دمعه تنحدر على وجنته فى صمت..