سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
شارون وبيجن وايتان خططوا لاحتلال بيروت عام 1982.. صحيفة هآرتس: الغزو كان يهدف لتثبيت "حكومة الجميل" الموالية لإسرائيل.. وتؤكد: قائد جيش الاحتلال اخترع أكذوبة "إبعاد الفدائيين عن الحدود" لإخفاء المخطط
كشف الصحفى الإسرائيلى أمير اورن، فى مقال بصحيفة "هآرتس"، اليوم الأحد، تفاصيل المبررات التى أعلنها أريئيل شارون ومناحم بيجن ورفائيل ايتان، لتبرير العدوان على لبنان عام 1982، وقال إن تقريرا أخفاه الجيش الإسرائيلى طوال أكثر من 20 عاما، أكد أن القادة الثلاثة عملوا وخططوا للحرب طوال قرابة سنة، قبل الحرب، وأعدوا مسبقا لاحتلال بيروت وفرض انسحاب القوات السورية منها وطرد منظمة التحرير وتثبيت حكومة بقيادة بشير الجميل تكون مريحة لإسرائيل وترتبط معها باتفاق سلام. وقال "أورن" أن التقرير الذى أعده العقيد مئير مينتس وضابط المخابرات ايتان كالمر، قبل أكثر من عشرين عاما يكشف الخديعة الكبرى التى استخدمها رئيس الحكومة الأسبق مناحيم بيجن، ووزير الأمن فى حكومته أريئيل شارون، وقائد الأركان فى حينه، رفائيل ايتان، لتبرير حرب لبنان الأولى فى عام 1982. ويقول أورن، إن التقرير الذى حمل عنوان "جليد الأكاذيب - لبنان"، سيتم نشره فى الذكرى العشرين لمقتل مينتس فى قطاع غزة عام 1993. ويصف التقرير بأنه أكثر الخطوات جرأة فى الجيش على كشف خديعة حرب لبنان، مشيرا إلى أن الجيش صنف هذا التقرير ضمن التقارير السرية التى يمنع اطلاع المواطنين عليها، ليتواصل بالتالى نهج بلورة الوعى الكاذب. ويضيف أن الهدف من إخفاء بعض التقارير العسكرية قد يكون عدم الرغبة فى حدوث احتكاك مع المسئولين الكبار فى القيادتين العسكرية والسياسية، فى الماضى والحاضر، وتوقع التغطية مستقبلا على فصول محرجة فى مسار القادة الحاليين الذين سيطمحون إلى التقدم سواء فى الجيش أو على الحلبة السياسية. وفى هذا الإطار تم إخفاء تقرير حرب لبنان الأولى التى حملت الاسم المضلل "حرب سلامة الجليل". ويعتقد الكاتب أنه ليس صدفة السماح بنشر هذا التقرير بعد وفاة شارون، معتبرا أن الدولة بجيشها وشرطتها ومستشارها القضائى لا يزالون يتخوفون من عائلة شارون ولا يجرؤون على استعادة الأرشيف العسكرى الضخم الذى احتفظ به شارون فى مزرعته، ليس هذا فحسب، بل يتحفظون على المواد التى يملكها الجيش ويخفونها عن المواطنين الذين تم إرسالهم بفعل أكاذيب الحكومة والقيادة العسكرية إلى النزيف اللبنانى. وأكد أورن، أن الجيش الإسرائيلى بقيادته الحالية التى كان بعضها مشاركا فى المراحل الأولى من حرب لبنان، كضباط أو قادة وحدات عسكرية، يتخوف من نفسه ويخجل بالأبحاث التى لم يتم تصنيفها سرية، والتى نشرت فى وسائله الإعلامية، ويعيق قدر الإمكان وصول الصحفيين إليها، مشيرا إلى أن مينتس وكالمر يستعرضان فى ذلك التقرير الخلفية التى أدت إلى التدخل الإسرائيلى فى لبنان، حيث كتبا أن "مساعدة المسيحيين فى شمال لبنانوجنوبها ازدادت مع وصول الليكود إلى السلطة فى إسرائيل، خاصة بعد استقالة وزير الأمن عيزر فايتسمان، وتسلم شارون لمنصب وزير الأمن ووقوفه وراء قرار ضم الجولان فى عام 1981. وجاء فى الوثيقة أن فايتسمان لخص فى العام 1979، بعد عام ونصف من عملية الليطانى، نقاشا حول أهداف الحرب، وحدد بأن هدفها سيكون فقط "تحطيم قوة الفدائيين فى جنوبلبنان ومنطقة الساحل". وأما الهدف الثانى فكان "الطموح إلى الربط بين الجيوب المسيحية فى منطقة جونيه مع المنطقة الجنوبية، على امتداد الساحل، ومحاولة تشكيل حكومة مريحة لإسرائيل". وتم التركيز على إبعاد قوات منظمة التحرير الفلسطينية من المنطقة، لكنه لم يتم ذكر الوجود العسكرى السورى فى لبنان. وفى أعقاب توجيهات فايتسمان أعد الجيش خطة عسكرية حملت اسم "العائلة الطيبة" لاحتلال جنوبلبنان. ويقول أورن، أنه من المثير معرفة ما إذا كان الحاسوب قد اختار اسم العملية صدفة، أو أنه يرمز إلى العلاقات الوثيقة التى ربطت إسرائيل ببشير الجميل ودانى شمعون. ويضيف حسب التقرير السرى، أنه تم إعداد خطتين أخريين حملت الأولى اسم "زوهر" والثانية "قانون الانتقام"، وركزتا على السيطرة على المنطقة الممتدة حتى نهر الزهرانى والرد على تعزيز القوات السورية فى لبنان. وفى مايو 1981، قبل الانتخابات الإسرائيلية، أجرت القيادة العسكرية "لعبة حرب" أطلقت عليها اسم "أجواء القمم"، وتم خلالها تناول ثلاثة سيناريوهات لتدمير القوات السورية والفدائيين فى عدة قطاعات، "بهدف خلق ظروف ملائمة لاتفاق سياسى جديد فى لبنان يساهم فى تحسين الوضع الأمنى لإسرائيل" أو "يتيح لها حرية العمل الجوى فى لبنان وتوسيع الحزام الأمنى المحيط بالبلدات الشمالية". ومع توسيع أهداف تدمير القوات السورية والفدائيين فى أنحاء لبنان، تم إعداد الخطة العسكرية "الأرز" التى استبدلت خطة "العائلة الطيبة". ويضيف التقرير أنه، خلال العامين السابقين لإعداد تلك الخطة، لم يعقد أى نقاش على مستوى وزير الأمن أو الحكومة حول أهداف الحرب أو العملية، فى حال تقرر تنفيذها، وكتب مينتس وكالمر، أن "القائد العام للجيش وقسم العمليات استغلا هذا الفراغ لتوسيع أهداف الحرب وتغيير جدول الأولويات"، ومع دخول شارون إلى وزارة الأمن، تم إبعاد الجنرال يانوش بن غال عن قيادة المنطقة الشمالية، وعرضت القيادة العامة، لأول مرة، خطة "الصنوبر" على أنها الصيغة المعدلة لخطة "الأرز". وحدد شارون، فى رأس سلم الأهداف، فى 30 أكتوبر 1981، "أن القضاء على الفدائيين وقواتهم والقواعد العسكرية لمنظمة التحرير، خاصة قوتها المدفعية، لن يكون ناجحا، إذا تم منح حصانة لقيادة المنظمة ومجال سيطرتها". وكان ذلك قبل الطموح إلى طرد ياسر عرفات ورفاقه إلى دولة أخرى، فى إطار "الترتيبات الجديدة فى الشرق الأوسط" (إسقاط النظام الهاشمى فى الأردن وإقامة دولة فلسطينية هناك). وقال شارون للقائد العام للجيش رفائيل ايتان: "المقصود منذ البداية أن الهدف يشمل بيروت، وأنه سيتم تخطيط العملية كمتدحرجة، لأسباب من بينها التخوف من رد أمريكى، ولذلك لن يتم إشراك كامل القوات فى الهجوم منذ البداية، ولكن، يجب عدم الاكتفاء بمخططات جزئية تلبى جزء من الأهداف فقط، رغم أنه من المحتمل أن يتم تنفيذ جزء منها فقط. ويجب وضع خطة تتجاوب مع كل الأهداف – علاقات سريعة مع المسيحيين، خلق تهديد يجعل السوريين ينسحبون، وخلق وضع يمنع تمكن الفدائيين من الانسحاب دون أن تتم معالجتهم بشكل جوهرى". ويضيف مينتس وكالمر: "مع دخول وزير الأمن الجديد إلى منصبه، هبت "رياح جديدة" انعكست على أهداف الحرب، حيث أعيد طرح القضاء على الفدائيين على رأس سلم الأولويات، ولأول مرة أضيفت بيروت إلى أهداف الحرب، وحدد وزير الأمن تغيير السلطة فى لبنان كهدف لا يخضع لأى شروط. ومن هنا فإن دخول شارون إلى منصبه أدى إلى توضيح أهداف الحرب للقيادة العسكرية، وهو ما لم يتم منذ يونيو 1979. ومن جانب آخر، سمح بتوسيع أهداف الحرب عن تلك التى حددها فايتسمان وعملت القيادة العسكرية بموجبها". ويضيف التقرير أنه خلال مناقشة تنفيذ المخططات الحربية لدى القائد العام للجيش، تم استبدال تدريج الأهداف، حيث أصبح الهدف الثالث بالنسبة لايتان، هو الهدف الأول بالنسبة لشارون، والعكس بالعكس، وباستثناء ذلك تمسك ايتان بتوجيهات وزير الأمن. وتواصل بين الرابع من ديسمبر 1981 وحتى السادس من يونيو 1982 العمل على صياغة خطط الهجوم على لبنان فى إطار سلسلة من الاستعدادات، بدءا من ضم هضبة الجولان إلى إسرائيل وما تبع ذلك. وفى إطار المصادقة على مخططات ألوية القيادة الشمالية "36" و"91"، قال شارون موضحا الهدف الرئيسى الذى يحتم اجتياح بيروت أن "هدف التدمير الجسدى ينطوى على أبعاد تتجاوز تحقيق الهدوء لشمال الجليل، إلى إمكانية الحوار مع الجمهور الفلسطينى فى المناطق الفلسطينية التى نسيطر عليها، والذين لا يمكن التوصل الى حوار معهم طالما كانوا يخضعون إلى تهديد تنظيمات "المخربين"، وطالما كانت قيادات منظمة التحرير الفلسطينية و10 -20 ألف محارب من قواتها قائمين فى لبنان، لن نتمكن من التوصل إلى حوار واتفاق مع عرب (الضفة)، على إقامة نوع من خطة الحكم الذاتى". ويضيف الكاتب أن خطة "الصنوبر" عرضت على الحكومة لأول مرة، فى 20 يناير 1981. وكتب مينتس وكالمر: "من المناسب الانتباه إلى نقطتين أساسيتين: الأولى، أن شارون لا يؤكد ولا يبرز الإشكالية المعروفة له وللقائد العام، بشأن محاربة الفدائيين فى المناطق الخاضعة للسيطرة السورية، والثانية أنه يرى علاقة بين كل الأهداف، بحيث أن تحقيق الهدف الثالث (انسحاب القوات السورية) سيتيح تحقيق الهدف الرابع (تشكيل حكومة تعيش بسلام مع إسرائيل)، الأمر الذى يحتم خلق تواصل إقليمى مع رجال بشير الجميل فى الشمال". ويضيف أرون أن شارون انفرد عمليا بمسئولية الربط بين الجيش والحكومة، وبما أن القيادة العسكرية الرئيسية كانت متحمسة للحرب، فإنه لم تكن هناك أى قناة رسمية يمكنها تحذير الوزراء من أن بيجن وشارون وايتان يحيكون من وراء ظهورهم أهدافا سرية ويوسعون خطة تم الادعاء بأنها محدودة. وفى الرابع من مايو 1982، قبل 32 سنة تماما، قال شارون خلال محادثة مع الضباط فى الشمال: "يجب محاولة فحص إمكانية خلق واقع سياسى آخر فى لبنان، ما دام الجيش سيتواجد فى بيروت". وتابع: "الخروج إلى الحرب ليس هدفا إسرائيليا، ولكن ما دامت ستخرج، يجب فحص هذه الإمكانية". وأوضح أن الجيش الذى سيصل إلى بيروت لطرد القوات السورية منها خلال أربعة أيام سيضطر إلى البقاء فيها لتحقيق هذا الهدف لفترة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر على الأقل". واستطرد: "لقد أخطأ شارون، فالجيش بقى فى لبنان، خارج بيروت، وليس فى المدينة، ليس لنصف سنة وانما لمدة 18 سنة. ويقول إن شارون كان يختار الجمهور الذى كشف أمامه نواياه الخفية، فهو لم يقل ذلك للوزراء وأعضاء الحكومة المسئولة عن الجيش، وإنما فقط للضباط العسكريين الذين يتحتم معرفتهم بأفكاره الكاملة كى يتسنى لهم تنفيذ الأوامر والتوجيهات. وبحسب الكاتب فقد نشأ خلاف بين بيجن وشارون وايتان، حيث أصر ايتان على فهم أهداف الحرب بشكل مغاير لما فهمه شارون وبيجن. وقال "إن الأهداف لم تتغير كأمر ملزم للجنرالات، وإنما تغيرت الصياغة فقط، وقال: "كى نخفى نوايانا، النوايا التى تكمن فى خطة "الصنوبر"، علينا أن ننشر بأن هدف العملية هو إبعاد نيران المدفعية عن بلداتنا". وهكذا تم إخفاء النوايا عن الوزراء والجنود والمواطنين، أولئك الذين تم تجنيدهم للخدمة الاحتياطية، وأولئك الذين طلب منهم دعم الحكومة والجيش خلال الحرب. وتقرير مينتس وكالمر، الذى تم التستر عليه، ولم يتم كشفه إلا بعد أن خرج من تحت سيطرة الجيش، ويعتبر نصبا صامتا لمئات قتلى الجيش فى لبنان، والذين قتل الكثيرون منهم بنيران جيش بيجن وشارون ورفول، وكذلك نصبا لضابط شجاع واحد، أحد كاتبى التقرير، الذى قتل فى غزة بعد ثلاثة أشهر من توقيع عرفات ورابين على اتفاق "غزة أولا".