اختلف عدد من الخبراء السياسيين حول أسباب رفض مصر التصويت على مشروع قرار ألمانى وافق عليه مجلس محافظى الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمس يدين إيران بتهمة انتهاك قرارات مجلس الأمن الدولى بوقف الأنشطة النووية، فبينما رأى خبراء أن مصر رفضت القرار لعدم لإدانته إيران دون إسرائيل التى تعترف بامتلاكها سلاحاً نووياً، ذهب آخرون إلى أن مصر تحاول من خلال عدم تصويتها تحسين علاقتها بإيران باعتبارها قوة إقليمية. ووصف المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية القرار الذى أصدره مجلس محافظى الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول الملف النووى الإيرانى أمس وامتنعت مصر عن التصويت لصالحه، بأنه غير متوازن. وقال المتحدث، فى تعقيب على هذا الموضوع، إن القرار لم يراع البعد الإقليمى فى تناوله للملف النووى الإيرانى، وكان الأمر يتطلب تضمين إشارة واضحة إلى أهمية التعامل مع القدرات النووية الإسرائيلية وإخلاء الشرق الأوسط من السلاح النووى. أضاف المتحدث الرسمى، أن القرار تم طرحه على الدول أعضاء مجلس محافظى الوكالة الدولية للطاقة الذرية دون إعطاء الوقت الكافى للتشاور بشأنه، وجاء فى توقيت غير مناسب، وبما لا يسهم فى تدعيم الثقة بين الأطراف المعنية لتسوية أزمة الملف النووى الإيرانى. وذكر المتحدث الرسمى، أن مصر مازالت متمسكة بالحق المشروع لكافة الدول أطراف معاهدة منع الانتشار النووى - بما فيها إيران - فى الاستفادة من الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وفقا لالتزاماتها بموجب المعاهدة، وبدون فرض قيود إضافية تحد من هذا الحق. وفى الوقت ذاته، أوضح المتحدث الرسمى أن مصر رأت الامتناع عن التصويت على مشروع القرار لعدم إتاحة الفرصة لأى طرف للإيحاء بأن مصر تؤيد نهج إيران فى التعامل مع ملفها النووى. وأعرب عن خيبة الأمل لعدم قيام إيران بالإعلان عن وجود منشأة نووية بالقرب من مدينة قم، انتهاكا لالتزاماتها تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك رغم تأكيدات طهران للوكالة بأنها لم تخف البيانات الخاصة بهذه المنشأة، والتى لم يتم الإعلان عنها قبل سبتمبر الماضى. ارتباطا بما تقدم، أعرب المتحدث الرسمى عن القلق مما يمثله استمرار وجود منشآت نووية غير معلن عنها - وغير خاضعة لنظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية - فى الشرق الأوسط من تهديد للأمن القومى المصرى ولأمن المنطقة بأكملها، وأضاف أن مصر ستواصل جهودها لإخلاء الشرق الأوسط من السلاح النووى. أصحاب الرأى الأول يميلون إلى أن مصر لم تهدف إلى التقرب إلى إيران بقدر ما كانت تسعى لخلق تأييد حول فكرة إخلاء الشرق أوسط من السلاح النووى، من بين هؤلاء د.عمرو الشوبكى، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والذى يرى أن مصر لها أجندة سياسية تختلف تماماً عن نظيرتها بإيران وهو ما يعنى، من وجهة نظره، أن د.عبد الله فوزى، سفير مصر بالنمسا وممثلها بوكالة الطاقة، حينما رفض التصويت على القرار الألمانى بإدانة إيران كان يقصد الإشارة إلى تغاضيه عن استمرار إسرائيل، الواقعة بقلب الشرق الأوسط، فى التسلُّح النووى تحت غطاء من مساندة مجلس الأمن الدولى والوكالة والدول الكبرى. تلك الرؤية يؤمن بها أيضاً د.عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية السابق، والذى يضيف أن مصر موقفها ثابت بشأن شرق أوسط خال من السلاح النووى أياً كانت هوية الدولة التى تمتلكه، مستبعداً احتمالية مجاملة مصر بإيران برفضها القرار الألمانى، لكنه يعتقد فى الوقت ذاته أن النظام المصرى يؤمن بأمرين مرتبطين بشدة، الأول أن المجتمع الدولى يحاول معاقبة إيران على نوايا لم تظهر حتى الآن على أرض الواقع أما الثانى فهو أحقية الجمهورية الإيرانية الإسلامية فى الاستفادة السلمية من الطاقة النووية. الأشعل يصف عدم إشارة مشروع القرار الألمانى إلى السلاح النووى الإسرائيلى بأنه محاولة عالمية للتغافل المتعمد عن إدانة إسرائيل رغم أن الشواهد، كما يقول، أثبتت أنها تملك ترسانة من الأسلحة النووية، مضيفا أن ما حدث أمس خلال اجتماع مجلس محافظى الوكالة الدولية للطاقة الذرية يدين من حضروا ومن صوَّتوا قبل أن يدين إيران. غير أن د.أحمد حشاد، خبير المواد النووية نائب رئيس هيئة الطاقة الذرية السابق، يمثل وجهة نظر أخرى تقول إن مصر تحاول تقوية علاقاتها بإيران وهو ما تجلى، برأيه، أمس فى رفض مصر التصويت لمشروع قرار إدانة إيران لانتهاكها قرارات مجلس الأمن الدولى، معتبراً ما حدث دليلاً على عدم خضوع توجهات السياسة المصرية للإجماع العالمى أو الضغط الأمريكى. حشاد لا ينفى أن مصر كانت تهدف لإدانة الإزدواجية فى تعامل الوكالة التى أدانت السلاح النووى الإيرانى ولم تدن الإسرائيلى، لكنه فى نفس الوقت يعتقد نية مصر تحسين علاقتها بإيران لعبت دوراً لا بأس به فى الرفض المصرى لمشروع القرار الألمانى.