حالة من الترقب والغليان والاحتقان الطائفى، بسبب تصوير شاب مسيحى لفتاة مسلمة فى أوضاع مخلة و توزيعها على الهواتف المحمولة مما نتج عنه قتل والده، بالإضافة لتهشيم بعض الشباب الغاضب لبعض المحال التجارية وبعض الصيدليات التى يمتلكها الإخوة الأقباط، لى بعض المداخلات أود طرحها فى هذه السطور لعل وعسى أن تهدأ البلاد والعباد وتأخذ العدالة مجراها. أولا : لقد جاء الإسلام ليمحو الظلم ويقيم دولة العدل بين الناس على اختلاف أجناسهم وأديانهم على أسس من أهمها قوله تعالى (و لا تزر وازرة وزر أخرى) صدق الله العظيم بمعنى إذا ارتكب أى إنسان أى جرم لابد أن يعاقب هذا الشخص وحده على ما قام به من جرم وليس لأهله أو عشيرته أن يحاكموا جراء تصرفه. كما أوصى الإسلام المسلمين بحسن معاملة غير المسلم ونهانا عن إيذائه وظلمه بل وأمرنا أن نبرهم ونودهم ما داموا يعيشون بيننا فى سلام ولم يظهروا العداوة والبغضاء لنا قال تعالى (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين....) صدق الله العظيم . كما جاءت السنة المطهرة مؤيدة لذلك فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم "من آذى ذميا فأنا خصيمه يوم القيامة" وفى رواية أخرى "من آذى ذميا فقد آذآنى ومن آذانى فقد آذى الله" و قوله أيضا صلى الله عليه وسلم "استوصوا بأهل مصر خيرا فإن لهم نسبا وصهرا" صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم . لقد تحدث كثير من الفقهاء المسلمين عن عاقبة ظلم المسلم لغير المسلم، منها قول الفقيه الحنفى ابن عابدين (أن ظلم غير المسلم فى ديار الإسلام أشد إثما وأكبر ذنبا عند الله، لأن غير المسلم فى ديار الإسلام يكون أضعف شوكة). ثانيا : لا ينكر أحد أن ما قام به هذا الشاب المدعو ملاك من تصوير للفتاة وتوزيع الكليب هو عين الندالة والفجر والمجاهرة بالذنب والتى وعد الله مرتكبها بالعذاب الشديد، لأنه بفعلته هذه قد سلك مسلك الشيطان وقد أدين هذا الشاب من جانب كثير من الإخوة المسيحيين قبل المسلمين، لأن ما قام به يدل على انحراف فى سلوكه. ثالثا : أطالب الأجهزة الأمنية سرعة ملاحقة هذا الشاب والإمساك به وتحويله إلى محاكمة عاجلة كى تشفى الصدور وتهدأ الأنفس، فالحادث جد جلل وخطير وأخشى إن تم تأخير المحاكمة أن يحدث مالا يحمد عقباه لأن المسلمين وعائلة الفتاة فى حالة غليان ولابد من عمل شىء لإطفاء وإخماد هذا الغليان عن طريق سرعة القبض عليه و محاكمته. رابعا: أهيب بالشباب المسلم ألا يتسرع وتأخذه الحماسة والحمية فى رد فعلهم فيقوموا بقتل بعض الإخوة المسيحيين أو تصوير فتياتهم عرايا أو تهشيم محالهم التجارية ودور عبادتهم، لأننى كما قلت سابقا إن هذه الأفعال تضر أكثر مما تفيد وتسىء لتعاليم الإسلام والتى منها ولا تزر وازرة وزر أخرى بالإضافة للبغى الذى نهى الله عنه فى قوله تعالى (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر و البغى يعظكم لعلكم تذكرون) صدق الله العظيم. فالشاب وحده هو الذى قام بفعلته الشنيعة ولابد أن يحاسب هو ومن ساعده فى نشر هذا إذا أثبتت التحريات أن هناك من ساعده فقط عن طريق يد العدالة وحدها، وليعلم شباب المسلمين أن باقى الإخوة الأقباط ليس لهم ذنب أو جريرة فى هذا الموضوع. خامسا: أحب أن أنوه هنا إلى أنه كما يوجد متعصبون مسلمون يوجد أيضا متعصبون مسيحيون ولابد من محاسبة الجميع لأن أمثال هؤلاء هم من ينفخون فى نار الفتنة ويجب أن يعرف شباب المسيحيين أننا فى وطن وسفينة واحدة ولا يعتقدوا أن أمريكا أو غيرها ستأتى لحمايتهم أو الاستقواء بها، أعلم أن عقلاء المسيحيين يعلمون هذا جيدا. سادسا: من هذا المنبر أهيب بعائلة الفتاة وهى عائلة كبيرة ومحترمة بمدينة ديروط أن يساعدوا فى تهدئة الأوضاع ويتركوا يد العدالة تأخذ مجراها وأقول لهم مواسيا إياهم أن ما حدث لكم لهو والله فاجعة أصابتنا جميعا مسلمين وأقباطا وآلمتنا مثلما آلمتكم ، واعتبروا أن ما حدث لكم هو امتحان واختبار من الله تعالى لكم قال تعالى (الم* أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ..) صدق الله العظيم. سابعا: إن ما حدث ما هو إلا صرخة تحذير وجرس إنذار لكل أسرة أن تأخذ حذرها وانتباهها لتربية أبنائها ومراقبة سلوكهم ومعرفة أصدقائهم وزرع قيم الفضيلة والأخلاق القويمة فيهم وهم صغار حتى مماتهم. ثامنا: إننى كتبت هذا من منطلق حبى لمدينة ديروط وخوفا عليها من فتنة تأخذ الحق بالباطل والصغير بالكبير والظالم بالمظلوم والجانى بالمجنى عليه والطالح بالصالح والفاسق بالمؤمن، ولعل ما حدث فى ديروط فى بداية تسعينيات القرن الماضى لا زال عالقا فى أذهاننا من حظر للتجوال وحصار واعتقالات وغلق للحوانيت وقتل هنا وهناك، كما يجب أن يعرف الجميع أن الإسلام أكبر من أن يحاك ضده بمثل هذه الأفعال كما يتصور بعض المسلمين وأنه باق ما دامت الحياة باقية وأن ما حدث لا يخرج عن كونه جريمة جنائية، أعلم أننى فى هذا التوقيت أسبح ضد التيار ولكن هذا قدر من يحمل القلم وأمانة الكلمة ويملك حبا لهذا الوطن وغيره على الإسلام.