تعانى تجارة التجزئة فى الفترة الأخيرة من عدة مشاكل تعوقها عن القيام بدورها الأساسى وهو تنشيط السوق المحلى وإيجاد فرص العمل لآلاف العاطلين من الشباب... الخبراء اتفقوا جميعا على أهمية تجارة التجزئة، ولكنهم اختلوا على المسئول المباشر عن هذا القطاع هل هى وزارة التجارة أم التجار أنفسهم أم هناك أطراف أخرى تتحكم فى هذا القطاع؟ وكيف يتم تطوير هذا القطاع المهم فى منظومة التجارة الداخلية؟ وما هو تأثيره على التجار الصغار من ناحية وعلى المستهلكين من ناحية أخرى والمنتجين من ناحية ثالثة؟. محمد مؤمن، عضو مجلس تصدير الصناعات الغذائية ورئيس مجموعة شركات مؤمن، أكد أن التجارة الداخلية يجب أن تكون منظومة كاملة من الإجراءات تضمن حماية السوق من ناحية والحفاظ على 3000 تاجر صغير يعملون فى هذه المنظومة، وما يتبعها من آلاف فرص العمل. إلا أن المشكلة أن التجارة الداخلية فى مصر غير منتظمة على الإطلاق، حيث لا يوجد بها فواتير منتظمة مما يضيع على الدولة الكثير من الضرائب، لذا بدأت الحكومة مؤخرا فى إنشاء هيئة للتجارة الداخلية تهدف إلى إعادة تنظيم التجارة الداخلية، ومحاولة حل ما تواجهه من مشكلات، حيث لا توجد قنوات واضحة بين المصنع والمستهلك النهائى، كما أن هناك تقدما واستثمارات كبيرة للصناعة وخاصة فى الصناعات الغذائية لا يقابله استثمارات فى التجارة الداخلية، لذا نجد أن الصناعة تتأثر بذلك من ناحية أخرى، لأن تقدم الصناعة يحتاج وجود تجارة داخلية على مستوى عال من الكفاءة. وأوضح مؤمن أن تجارة التجزئة تعد أحد عناصر التجارة الداخلية التى تحتاج للاهتمام بها لكى تتقدم وتنشط التجارة الداخلية، لذا حث الجهاز المصرفى مؤخرا على أهمية تجارة التجزئة كجزء من التجارة الداخلية، وبدأ فى توجيه بعض الدعم المصرفى لها. وأشار مؤمن إلى أن هناك بعض المشكلات التى تواجه التجارة الداخلية فى مصر والتى منها ما تركز فى بعض المحافظات كالقاهرة والإسكندرية، وفى المقابل هناك الكثير من المحافظات الأخرى "منسية " تماما، بالإضافة إلى عدم وجود الأماكن المناسبة لها، وخاصة تجارة التجزئة حيث يحتاج تاجر التجزئة لاماكن قريبة من التجمعات السكنية ليستطيع تصريف تجارته بها. وأضاف أن التجارة الداخلية تحتاج للمزيد من تشجيع الدولة لها من خلال تسهيل الانتقال من مكان لآخر وتسهيل مرور السيارات المحملة بالبضائع وتفريغها، وكذلك توفير دعم تمويلى من الجهاز المصرفى لهذه المشروعات على كافة مستويات محافظات مصر، لأن ذلك ينتج عنه انتظام للتجارة الداخلية، وبالتالى انتظام لحركة تحصيل الفواتير من خلال مصلحة الضرائب، وكذلك حدوث تداول للسلع الغذائية بشكل امثل على مستوى جميع محافظات مصر. أما اللواء محمد أبو شادى، رئيس قطاع التجارة الداخلية، فأكد أن قطاع التجارة الداخلية هو الجهاز المعنى بتطبيق الأحكام والتشريعات التى تحكم حركتى السوق والتجارة، وأن القطاع يحاول تطبيق القانون للتصدى للتجارة غير المشروعة، والسلع مجهولة المصدر والتصدى أيضا لظواهر الغش التجارى وكل صور الاستغلال التى قد تؤثر تأثيرا سلبيا على نشاط التجارة الداخلية. وأشار إلى أن جهاز التجارة يحاول إلزام القطاع التجارى بتحقيق مفهوم حماية المستهلك ليكون هناك ثقة بين المستهلك والتاجر مما يؤدى لنشاط التجارة الداخلية، وأضاف أبو شادى إلى أن هناك اهتماما بتجارة التجزئة أيضا كأحد عناصر التجارة الداخلية، حيث قامت الغرف التجارية بعمل مركز لتدريب التجار فى القاهرة والإسكندرية، لتعيد تدريب التجار مرة أخرى على فنون البيع وأساليب التخزين وأساليب التداول الحديثة وكذلك تقليل الفائض، كما قامت أيضا بجمع هؤلاء التجار فى أسواق خاصة بهم، وخير مثال على ذلك ما قامت به غرفة التجارة بالإسكندرية حيث جمعت 30 تاجرا متجولا تقريبا، وأقرضت كلا منهم مبلغا ماليا لعمل نشاط تجارى خاص بهم. وأوضح أبو شادى أن تطوير التجارة الداخلية فى مصر بدأ حديثا، لذلك تم البدء بالمحافظات الكبرى كالقاهرة والإسكندرية لتوافر الإمكانيات اللازمة للتجارة الداخلية بهما، ولكن ليس معنى ذلك أننا لن نهتم بالمحافظات الأخرى، بل إن تطوير التجارة الداخلية عبارة عن خطة تدريجية لها أولوياتها. وذكر أن تطوير هذه التجارة تقع مسئوليته على أكثر من جهة مثل قطاع التجارة الداخلية ودوره رقابى لتتبع المخالفات، وهناك أيضا جهاز تنمية التجارة بوزارة التنمية بجانب الغرف التجارية وغيرها من الجهات المسئولة. ويتفق معه صلاح عبد العزيز، رئيس شعبة البقالة بالغرفة التجارية، فى أهمية التجارة الداخلية وخاصة تجارة التجزئة كعنصر هام من عناصرها، حيث إن تجارة التجزئة تعد نشاطا موجها للمستهلك بصفة مستمرة "24 ساعة"، وأكد أن نجاح تجارة التجزئة يتوقف على تكامل العناصر بها من عمال وسلع ونقل لهذه السلع بسهولة لضمان وصولها لأماكن الاستهلاك فى الوقت المحدد، لأن أى تأخير فى وصولها يعطل من نشاط التجارة وقد يؤدى لارتفاع أسعارها فى بعض الأحيان. وأشار عبد العزيز فيما يخص تمويل تجارة التجزئة إلى أن هذا النوع من التجارة يعتمد على الأفراد فقط بشكل كلى وقدرة كل فرد المالية، حيث إنها عبارة عن نشاطات صغيرة تعتمد على رأس مال قليل، لذا لا يوجد قروض بها ولا تمويل لها، لأن القروض غالبا ما تكون عالية القيمة وأرباح هذه التجارة لا تغطى قيمة القرض. وأوضح أن الاهتمام بالتجارة سواء أكانت التجارة الداخلية أو تجارة التجزئة ليس مسئولية الدولة وحدها، ولكنها مسئولية الأفراد أيضا حيث كان من المقترح منذ فترة قيام تجار التجزئة بعمل شركة مساهمة لاستيراد البضائع، ولكن ذلك لم يتم، لأن لدينا قصور فى ثقافة العمل الجماعى فكل فرد يفكر فى نفسه وتجارته فقط لذلك لم نشهد تقدما ملحوظا لتجارة التجزئة حتى الآن، وأضاف أن دور الدولة يتمثل فى توفير الخدمات الأساسية لهؤلاء التجار وتقليل الضغط عليهم وتوفير التسهيلات اللازمة لهم.