أحمد ومحمد.. طفلان مصريان يعيشان فى آخر بيت عمار أمام بحر الرمال العظيم فى واحة سيوة.. ستواجههما مشكلة كبيرة، هما ومن فى سنهما العام القادم عند دخولهم المدرسة، تكمن فى عدم معرفتهما اللغة العربية ولا حتى اللهجة المصرية، التى يبدأ التلاميذ فى تعلمها هناك فى المرحلة الابتدائية، لأنهم وحتى هذه السن لا يتحدثون إلا الإمازيغية، طلبت من أحدهما، وأنا هناك أتأمل لحظات الغروب الأخيرة للشمس كوب من الماء، فلم يفهمنى، فقلت له بالإمازيغية "إمانة سوي"، فذهب فوراً وأحضر لى كوب الماء. - مازالت واحة سيوة التابعة لمحافظة مطروح لأسباب عدة مثالاً للحياة القديمة بكل طرائقها، فبعد مرور 8 سنوات على زيارتى الأولى لها، لم ألحظ إلا تغيراً طفيفاً، حدث بفعل تقادم الزمن ومرور الوقت.. لكن علىَّ أن أعترف بدرجة الوعى السياحى البيئى الكبير الذى يزداد عند المواطن هناك. - قطعت حوالى 400 كيلو متر من القاهرة إلى مدينة مرسى مطروح ثم منها إلى سيوة حوالى 300 كيلو متر وعلى بعد 90 كيلو متر من الحدود الليبية، قابلت هناك الشيخ عمر راجح، شيخ قبيلة أولاد موسى، هو رجل عمره حوالى 42 عاماً، لكنه يتحلى بهدوء وحكمة رجل بلغ الثمانين، أخبرنى بأن سيوة الآن تسكنها 10 قبائل ترجع جذورها إلى قبائل البربر، الذين جاءوا من حوالى الألف عام وجلبوا معهم الثقافة واللغة الإمازيغية، بعد ذلك بوقت قصير غزا العرب الفاتحون الواحة جالبين معهم الدين الإسلامى، الذى اعتنقه الناس هناك بسرعة وكان سبباً فى مكاتبة عدد من العبيد هناك وعتقهم. - من الكرفيش – الحجر الرملى مع الطين - بنى سكان سيوة الأقدمون "شالى"، وهى أقرب فى تصميمها إلى القلعة، ليحتموا بها من الغزو الخارجى، وما زالت أطلالها باقية إلى الآن حتى الدور الثالث منها.. والذى تستطيع أن ترى منه بوضوح معالم المدينة رغم كثافة أشجار النخيل.. فترى جبل الموتى الملىء بقبور الفراعنة الأقدمين ورسوماتهم، كما تستطيع أن ترى معبد آمون الذى توج فيه لاسكندر الأكبر ابن للإله آمون سنة 331 قبل الميلاد، ولذلك ترى كثيراً من اليونانيين والإيطاليين هناك وقد تملك بعضهم مساحات من الأراضى واستصلحها ولبس الجلابية وعاش حياة السيويين هناك. - فى سيوة أكثر من 220 عيناً جوفية، تسقى الأراضى الزراعية الواسعة المزروعة بالنخيل والزيتون وتصب أغلبها فى بحيرات ملحية أربع ستسبب كارثة فى المستقبل إن لم تحل. - شربت فى قرية إغورمى القديمة كوباً من الشاى مع حشيشة الليمون عند عم عبد الله حارس معبد آمون، لم أذق فى جمالها وقد كانت سبباً فى يقظتى الكاملة لصباح اليوم التالى. - الناس هناك يحبون الجوار ويحترمونه كثيراً كما يحترمون خصوصيتهم الثقافية، لكنهم محتاجون إلى مزيد من مشاريع التنمية والبنى التحتية، وهذا ما أكده لى اللواء سمير بلال رئيس مجلس المدينة وهو رجل نشيط ومجتهد، لكن فى تقديرى هو محتاج إلى معاونة جهاز التنسيق الحضارى ليواجه ذلك التحدى فى وضع اللمسات التى تضمن التجانس والانسجام بين شالى القديمة والمدينةالجديدة، خاصة فى مشروع ترميم قلعة شالى وإضاءتها ليلاً، وفى ذلك الفندق الذى يبنى فى حرمها، كذلك تلك الساحة التى أمامها. - المرأة السيوية لباسها مميز سواء فى التصميم أو فى الألوان وقد استخدمته المطربة روبى بذكاء فى آخر أغنياتها، كما استخدم المخرج أحمد المهدى فى نفس الأغنية البيوت الطينية السيوية بشكل له طعم ومذاق مصرى خالص. - لكن تبقى مشكلة أحمد ومحمد وباقى أطفال سيوة مرهونة بواقع التعليم هناك.