عكس الفيلمان السوريان اللذان شاركا فى المسابقة الرسمية لمهرجان دمشق السينمائى فى دورته السابعة عشرة استمرار تراجع صناعة السينما فى سوريا، وعدم قدرة الأفلام التى اختيرت للعرض على منافسة الأفلام الدولية الأخرى على المستوى الفنى أو الدرامى. وبعد الفيلم الأول "بوابة الجنة" للمخرج ماهر كدو الذى كتب السيناريو له حسن سامى يوسف متناولا ملامح من المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلى من خلال حكاية عائلة تعيش أحداث الانتفاضة الأولى وتشارك فيها فاعلة وضحية، تم أمس الخميس عرض شريط "مرة أخرى" وهو العمل الأول للمخرج جود سعيد، إلا أن العديد من النقاد السوريين والعرب المتتبعين للمهرجان اتفقوا على أن حظوظ هذين الفيلمين لحصد أى من جوائز المسابقة تبدو شبه معدومة. وبعدما أثار عرض "بوابة الجنة" استياء عاما لدى النقاد ولدى الجمهور السورى الذى أقدم بكثافة على مشاهدته، وذلك بسبب طريقة الطرح ومستوى المعالجة الفنى المتدنى مقارنة بمستوى الأفلام الأخرى المشاركة، علق الكثير الأمل على الفيلم السورى الآخر، ولكنه لم ينل الإعجاب أيضا. وظل فيلم "مرة أخرى" محاولة قاصرة لتصوير قصة قائمة بين مكانين وزمنين هما فى الواقع حربين: حرب العام 1982 وحرب العام 2006 فى لبنان، حيث تقوم علاقة حب بين مهندس إلكترونى سورى ومديرة مصرف لبنانية مطلقة تذهب للعمل فى سوريا، رغبة فى الحصول على مزيد من المال اللازم لها ولابنتها وعائلتها، إلا أن ذلك الحب يمر بتأثيرات واضطرابات كثيرة تشبه فى ملامحها تلك العلاقة القائمة بين الشعبين اللبنانى والسورى، بعد أن تركت تفاعلات الحرب اللبنانية والوجود السورى فى لبنان أثره عليها. ويحتوى "حكاية طويلة" على أكثر من شخصية، حين تتم إثارة ذلك الماضى الذى يتكشف رويدا من خلال صور تتقاطع مع الحاضر فى الشريط الذى أنتجته المؤسسة العامة للسينما فى دمشق، وشارك فى العمل عليه ممثلون وتقنيون من لبنان وفلسطين. وأشرف دراميا على الفيلم المخرج عبد اللطيف عبد الحميد، كما أدى بنفسه دور أبو سعيد العسكرى الطيب الذى تربطه بابن الضابط الذى يصاب عرضا برصاصة، ويظل فى غيبوبة طويلة علاقة خاصة ويصبح له بمثابة الأب. ويؤدى قيس شيخ نجيب دور البطولة فى الفيلم إلى جانب اللبنانية بياريت قطريب التى تتكلم بالفرنسية مع أختها وابنها، فى إشارة إلى فئة معينة من اللبنانيين وتكريس لكليشيه معين عن هذا الشعب. ورغم محاولة الفيلم قول الكثير من الأشياء عن العلاقة بين اللبنانى والسورى من خلال قصة الحب، فالمشاهد تبقى معلقة على أساس غير متين بل متأرجح تماما مثل ذلك الجسر المستخدم فى نهاية الفيلم والذى يقف فوقه الحبيبان وكل يسير فى اتجاه.