أعتقد أنه لابد من وقفة مع النفس لتقييم أعوام ثلاثة من عمر الثورة المصرية المجيدة بما حوته من أمل فى التغيير وإخفاقات فى إدارة التغيير، ثلاثة أعوام لم تكن ضائعة من عمر الوطن كما يذهب البعض بل كانت فى فارقة فى تاريخ الوطن وحياة المواطن،حقًا أقول لقد حدث. تغيير حقيقى على الأرض، فالثورة التى أطاحت بأعمدة الحكم الفاسدة وتوالت توابعها بمقاييس ريختر السياسية قد أحدثت تغييًرا جادًا وجيدًا فى جوانب عديدة وليس كل تغيير يبتغى منه الكمال إلا أن التغيير الأكبر والعلامة البارزة للثورة المصرية هى الرسالة القوية التى وصلت للحاكم والسلطة المحيطة به، إنه من يتخطى إرادة الشعب ويتجاهل مطالبه ويعرض عن أولوياته فالتوابع قائمة وسارية لكل من يتجاوز الخطوط الحمراء للشعب والوطن. الساسة يسعون لتغيير الحكم والحكماء يسعون لتغيير أنفسهم ومن حولهم، لذلك فكثير مايتضاءل إنجاز الحاكم أمام تأثير الحكيم ومن ذلك فليس بالضرورة أن يتغير الحكم كما تريد ولو أنك أوجدت فى نفسك التغيير الذى كنت تنشده ساعتها تدرك أنك قادر على أن تكمل المسيرة نحو التغيير المنشود. لقد وضعت الثورة أساسًا جديدًا للتعامل بين الحاكم والمحكوم من خلال علاقة تعاقدية تقوم على أساس الإجادة والرضا، العمل الجاد من قبل الحاكم والرضاء من قبل المحكوم فلم يعد الحكم تشريفًا ووجاهة ولن تحكم مصر من جديد بالسيارات السوداء والنظارات السوداء،ولن تعود إلى عصر الفرعنة وصناعة الفراعنة والتأليه السياسى ومن لم يعِ هذا فعليه أن يتنحى جانبًا قبل أن ينضم لسابقيه. إن الوطن يمر بمرحلة بالغة الخطورة لكنه والحمد لله يمتلك كافة المقومات التى تؤهلة لتجاوز الصعاب و تخطى المحن، لذا نحتاج فى لحظتنا الراهنة إلى قيادة واعية تحسن إدارة الموارد المتاحة لتعظيم العوائد التى تصب فى مصلحة الوطن وصالح المواطن وليست القيادة شخصًا بعينه وإنما تعنى كل فى موقعه فلم يعد للحاكم الفرد مكانًا فى ديمقراطيات الدول المتقدمة أو الراغبة فى التقدم، فالإدارة الخلاقة هى كلمة السر ومفعول السحر لنهضة مصر وتقدمها وعبورها نحو المستقبل، نحتاج فى لحظتنا الراهنة إلى قيادة راشدة تحسن الاختيار وتجيد صناعة القرار وتعى المطالب قبل إصدار الأوامر. لقد وضعت الثورة المصرية المواطن طرفًا أصيلا فى المعادلة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولم يعد صفرًا كما كان سابقًا أو بالأصح كما كان يظن به سابقًا وهذا بدوره يضع على الحاكم مسئولية لابد أن يكون جديًرا للاطلاع بها وعلى المواطن مسئولية أكبر فى القيام بواجبه وألا يقبل الدنية فى حقه ليصنع حاضره ويجنى مستقبله. تحية إلى كل شهيد كان يبغى الحق والعدل والخير لوطنه ولم يدركه. تحية إلى من يريد للوطن تقدمًا ورفعة ولا يدخر فى سبيل ذلك ما ينفقه. تحية إلى ثورة مصر الملهمة فى عيدها الثالث من عمرها المديد.