يقول المولى عز وجل "لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر" والمتصفح للتاريخ الإسلامى يجد الكثير من المواقف والأحداث، التى تحوى كثير من العبر والعظات والدروس المستفادة، التى يجب لكل ذى عقل أن يتوقف عندها علها تنير له الطريق وتهديه سواء السبيل. أولا: يوم أحد كانت غزوة أحد فى السابع من شوال للعام الثالث للهجرة بين قريش وجيش الإسلام، وقد كتب النصر للمسلمين فى بادئ الأمر، ولكن جمع من الرماة لم يلتزموا بأماكنهم، وهرولوا صوب الغنائم ظنا منهم أن المعركة قد انتهت، ولم يكن الأمر كذلك فجيش الظلم لم يكن قد قصفت شأفته بعد وعاد ليلتف على جند الله لينال منهم، وكان ما كان حتى أفاق الجند، وعادوا إلى رشدهم وائتمروا بأمر رسول الله، حتى كتب الله لهم النصر بعدما فقد المسلمون سبعين شهيدا من خيرة صحابة رسول الله. والناظر إلى ذلك الحدث قد يجد تشابه كبير (مع فارق التشبيه فى الأشخاص) بين ما حدث يوم أحد وما حدث يوم الحادى عشر من فبراير 2011 من تاريخ الثورة المصرية، فقد انفض الثوار من الميدان، ظنا منهم أن الأمر قد انتهى وراح كل فريق يبحث عن مغانمه السياسية من ناحية والمادية من ناحية أخرى، دون أن يدرى الجميع أن المعركة لم تنته بعد وأن النظام قد سقطت من يده الراية فقط، وذهب الثوار وتفرقوا شيعا وأسباطا وتباعدت بينهم المسافات بعد أن كانوا يدا بيد وكتفا بكتف، وعلى قلب رجل واحد فتمكن منهم أعوان النظام وإذنابه عله يؤسس لنفسه عودا جديدا.. ثانيا: يوم حنين "ويوم حنين إذ أعجتكم كثرتكم فلم تغن عنكم من الله شيئا"، هكذا تحدث القرأن الكريم عن حال المسلمين يوم حنين فى العاشر من شوال للعام الثامن من هجرة (النبى صلى الله عليه وسلم) إذ ظن المسلمين أن لهم الغلبة من خلال الحول والقوة لتحقيق النصر وغاب عنهم للحظات أن النصر من عند الله، وليس بالأسباب وحدها مهما كانت من وفرة العتاد وكثرة العدة والعدد، إذ قال المسلمون لن نهزم اليوم من قلة، وهكذا قال أهل السياسة لن نهزم من قلة، ونسوا أنهم تفرقوا ولم تعد القلوب واحدة كما كانت بالميدان، لكن أصبحت القلوب شتى فكان ما كان، ولم يكن الأمر محل تندر وعجب فبالشتات خسر من خسر وكاد أن يخسر من فاز. ثالثا: يوم الحديبية كان صلح الحديبية فى العام السادس من الهجرة، أبرمه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مع قريش، وقد كان فيه ما كان من الشروط والضمانات والتطمينات، بل والتنازلات، واعترض من اعترض من الصحابة حتى قال سيدنا عمر، رضى الله عنه، لما نرضى الدنية فى ديننا يا رسول الله، لا الدنية فى أمر الدنيا وشأن السياسة، لكن رسول الله بحكمته وفطنته التى أحوج ما نكون إليها فى وقتنا هذا، ولحظتنا الراهنة رأى بفطنته وفقه الموائمة السياسية فكان عقب الصلح فتحا قريبا ونصرا مبينا، فما زاده التنازل إلا عزا وما زاده التفاوض إلا نصرا. رابعا: حجة الوداع أوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحثكم على طاعته وأستفتح بالذى هو خير. أما بعد أيها الناس اسمعوا منى أبين لكم فإنى لا أدرى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا فى موقفى هذا، أيها الناس إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا، ألا هل بلغت اللهم فاشهد، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها. كان هذا جانب من خطبة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ألقاها يوم عرفة بحجة الوداع فى العام العاشر من هجرته الشريفة وفى هذا الجانب أمران مهمان ألا وهما حرمة الدماء وما أهونها الآن والأمانة وما أضيعها الآن فقد كنا نعتقد أنه بعد الثورة تعصم الدماء عما قبل وتصان الأعراض عما قبل وتؤدى الأمانة عما قبل من الحاكم قبل المحكوم ومن الراعى قبل الرعية لكنه تعثر الأمن وعاست البلطجة فى الأرض فسادا، قتلا وهتكا للأعراض وأصبح التخوين هو السمة الغالبة والتهمة المتداولة بين الأطياف والقوى السياسية على الساحة المصرية. أقول كلامى هذا فى رحاب الاستنارة والاقتداء بسيرة خير البرية وسيد البشرية، ونحن قد تجاوزنا كل الدروس، ولم نعد نأبه بما نقرأ أو نسمع بل الأدهى إننا لم نعد نقرأ أو نسمع وعلا الكلام على كل الأفهام، والآن ونحن نقف على أعتاب العبرة والاعتبار من الماضى عله يكون منارة وطوق نجاه لما هو آت به نهتدى ومنه نقتدى، فقليلا ما يعود الزمان ويجود بمثل ما جاد به.. فاعتبروا يا أولى الأبصار.