«إذا صعد الخطيب المنبر فلا صلاة ولا كلام».. حديث للرسول صلى الله عليه وسلم، بدأ به الدكتور حسنى توفيق، مدير الإرشاد الدينى بوزارة الأوقاف خطبة الجمعة بمسجد أحمد عفيفى بالتجمع الخامس، ضمن قافلة علماء الأزهر والأوقاف المشاركين فى القافلة الدعوية بالتجمع الخامس، حيث تحدث عن قدسية صلاة الجمعة ومكانة الإمام الذى يقف على منبر رسول الله، بعد استباحة بيوت الله والاعتداء على علماء الأمة فى الفترة الأخيرة من قبل عناصر جماعة الإخوان المسلمين. وتابع توفيق خطبته، قائلا: الجالس فى المساجد ينبغى أن يكون فى ذكر وتسبيح وتحميد مع الله سبحانه وتعالى خاصة وقت إلقاء خطبة الجمعة التى هى جزء من شعيرة هذه الصلاة المفروضة وورد فيها حديث الرسول، وقد قال الحق «وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا». وشدد على ضرورة احترام العلماء وتوقيرهم مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «العلماء ورثة الأنبياء» فيجب الاستماع والإنصات لخطبة الجمعة بدلا من الإثارة والاتهام والإخلال بحرمة المسجد لذلك فحرى بالمسلم أن يعى حرمة وجلال هذا الموقف ويعطى لكل ذى حق حقه، ولا يستغل المسجد للتطاول أو الازدراء، أو رمى الناس بالاتهامات دون سند أو دليل. وأطلق علماء الأزهر المشاركون فى القافلة إنذارا شديدا لكل من يحاول أن يعتدى على حرمة المساجد والعلماء، قائلين لهم "إلا بيوت الله، فهى خط أحمر والأزهر والأوقاف لن يقفا مكتوفى الأيدى أمام أى محاولة للنيل من قدسية بيوت الله". وفى خطبة الجمعة بمسجد حسن الشربتلى، قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر لم يكن شىء فى الوجود على قلب المسلم يلقى التقديس والتعظيم والإجلال مثل كتاب الله، وحرمات الله، وبيوت الله، فإن بيوت الله من شعائره التى يجب أن تعظّم، ولا يحتاج مسلم صادق توجهه إلى الله، وموثّق ارتباطه بدينه، لا يحتاج إلى مذكِّر له بتعظيم بيوت الله، وإنما يندفع اندفاعاً من تلقاء نفسه يعظِّم بيوت الله، ويصون حرمتها، ويحافظ على قدسيتها. وأكد أن ما يدمى الفؤاد ما نراه اليوم من أن الكثير من شباب المسلمين يبتعدون عن بيوت الله فلا يدخلوها حتى وإن أقيمت الصلاة، وكلنا يعلم أنه لن يقوم للإسلام مجد، ولا عز، ولن تصبح لنا كرامة وهيبة؛ إلا بعودتنا إلى المساجد فتتعلق بها قلوبنا، وتهوى إليها أفئدتنا، وحينها يصلح حالنا. وشدد وكيل الأزهر على أن رفع الأصوات والاعتداء على أئمة المساجد يعد جريمة، فأحكام الشريعة تجرم الكلام فى أثناء إلقاء خطبة الجمعة، بل قال العلماء إن الكلام ممنوع حتى لو كان أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر، إن الاعتداء على العلماء بأى نوع من صور الاعتداء أمر مستقبح جدا، والعلماء يبينون أن الذى يعتدى عليهم خاسر خسرانا كبيرا، ولهذا نجد من العبارات التى تظهر المكانة الأدبية للعلماء قولهم بأن «لحوم العلماء مسمومة» والمعنى أنه سيرتكب جرما كبيرا من يتعدى على أى عالم من العلماء. وأكد الدكتور أسامة الأزهرى، فى خطبته بمسجد الحمد، أن للمساجد رسالة جليلة فى حياة الأمة، فهى مكان العبادة، وهى ملتقى العلم والمعرفة، وهى دور الثقافة ومأوى الأفئدة، كيف لا؟ والمسلمون يفدون إليها فى اليوم والليلة خمس مرات مهلّلين مكبّرين مسبّحين يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم، قد ملئت قلوبهم بنور الإيمان وطاعة الرحمن، على قلب رجل واحد لا فرق بين عربى ولا أعجمى، ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى، هكذا تتجسد فيهم روح المحبة والإخاء، ويسودهم خلق التسامح والعفو والصفاء، لما لبيوت الله من روحانية تعمر بها القلوب، وتزكو بها النفوس، فضلا عما يقام فى تلك المساجد من دروس علمية وحلقات لتحفيظ القرآن الكريم، الأمر الذى يكون فيه المسجد مدرسة إيمانية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، فدور المساجد لا يقتصر على الصلوات الخمس فحسب، بل هى منبر إسلامى له دور مباشر فى الدعوة إلى الله من خلال الإمامة والخطابة، وأثرهما فى التوجيه والإرشاد للأمة. وأضاف قائلا، ما أحوج المسلمين، اليوم، إلى تأليف القلوب وجمع الكلمة، ومعالجة قضايا الأمة بالعقل والحكمة، فنحن اليوم فى عصر يموج بالفتن والتيارات الفكرية المنحرفة، فما أحوجنا إلى التعاون والتكاتف والاجتماع والألفة، ونبذ الخلاف والفرقة، ويمكن أن توظَّف خطبة الجمعة فى المساجد لهذا الغرض، فيحصل التأثير الإيجابى على حياة الأمة من خلال رسالة المسجد فى الإسلام، وما لها من دور فاعل فى إبراز سمات الإسلام وخصائصه، كاليسر، والعدل، والسماحة، والمساواة، والسمع، والطاعة، والوفاء بالحقوق، والبعد عن مواطن الشبهات والشهوات بأسلوب علمى بعيد عن التشدّد والغلو، فالرفق واللين لا يكون فى شىء إلا زانة، ولا ينزع من شىء إلا شانه. وهو بهذا يقرّر المصالح العظمى للأمة، ويدرأ عنها المفاسد والشرور. وطالب الأزهرى المصلين، بأن يسارعوا ويستجيبوا لداعى الخير وألا يستسلم أحدهم لليأس والوهن، بل ينهض لامتثال أوامر الله تعالى نحو عمارة الأرض، وأن يتمسك بالأمل محذرا المصلين من التراخى أو أن يكون أحدهم مثبطا سلبيا لأن الإنسان السلبى تتحول حياته إلى كآبة. وقال الدكتور محمد عبد العاطى، رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية بجامعة الأزهر، فى خطبته بمسجد طلعت مصطفى، أن المساجد منزهة عن أن يصرخ فيها أحد ليعترض على خطيب الجمعة، ولو تصورنا أن هذا مباح لما كانت هناك صلاة جمعة، فمن الطبيعى أنه إذا صرخ شخص فى خطيب الجمعة أن يرد عليه شخص آخر، ولا نتصور إتمام صلاة جمعة كل أسبوع ويكون فيها هذا الاعتداء على الخطيب أو رفع الصوت بالإهانات.