إن قانون تنظيم التظاهر ليس بدعة، وإنما هو قانون ينظم حرية التظاهر بما لا ينتقص من سيادة الدولة أو حقوق المواطنين، وهنا فى مصر وبعد 30 يونيو وخروج مظاهرات لمؤيدى الإخوان شبه يومية حملت معها أعمال تخريب، كان على الحكومة الحالية إصدار "قانون تنظيم التظاهر" وهو بقراءته من منظور قانونى ودستورى يتسق مع المعايير العالمية لهذا القانون أو أكثر يسرًا إذا ما قارناه بدول أخرى ولكن هناك بعض الأخطاء فى إصدار هذا القانون نذكرها فى عُجالة لعل تداركها يمنع إتساع حدوث الأزمة الحالية بشأنه. أولاً: كان على الجهة التى أصدرت القانون النقاش مع القوى السياسية والثورية والمنظمات الحقوقية قبل إصداره كى يكون قانونًا معبراً عن إرادة المجتمع ككل ويُسهل من عمليه تطبيقه بدلاً من أن يرتطم بالواقع فينبذه الجميع ونقع فى أزمة، وهو الأمر الذى لم يحدث للأسف إلا بعد فوات الأوان فحكومة الببلاوى المنتمية إلى حدٍ كبير إلى جبهة الإنقاذ لم تناقش القانون مع جبهة الإنقاذ أو أى جهة أخرى بل أصدرته، وبعد وقوع الأزمة أعلنت عن تشكيل لجنة مصغرة تناقش مقترحات جبهة الإنقاذ وغيرها من القوى السياسية وهو ما يجعلنا نتساءل لماذا لم يتم ذلك من البداية. ثانيًا: عند تعريف المقصد من أى قانون سنهتدى إلى عنصرين أساسيين يرتكز إليهما إصدار أى قانون وهما "المصلحة العامة" و"العدل" فكل قانون يقوم بحماية المصلحة العامة ولكنه وفى نفس الوقت يقوم بالعدل بين المواطنين وعدم الانتقاص من حقوقهم ففى كل الدول الديمقراطية القانون يحدد حقوق المتظاهر والتزاماته التى إذا خالفها يتم تطبيق القانون عليه وأيضًا يتم تحديد حقوق والتزامات الجهة المنفذة لهذا القانون وهى "الشرطة" بأن يحدد العقوبة التى تقع على هذه الجهة إذا ما خالفت قواعد تطبيق القانون وهو الأمر الذى أغفله قانون التظاهر المصرى فنجد أن المتظاهر عليه التزامات إذا خالفها تتم معاقبته بينما الجهة المنفذة للقانون لم يذكر القانون معايير التزامها أو عقابها إذا ما التزمت بذلك، وهو ما يعيق تطبيق القانون ويطيح بعنصر العدل الذى أشرنا إليه سابقًا وبذلك فهو قانون غير متوازن. ثالثًا: إمكانية القانون للتطبيق هى العامل الرئيسى فى تطبيقه فمن غير المتوقع أن يكون هناك قانون يتضمن هذا الكم من العقوبات فى مرحلة حساسة غير مستقرة كالتى نعيشها الآن ومن حكومة أتت بالتظاهر وبدون توافق بين القوى المحركة للشارع وهو ما جعل الأمر بمثابة تحدى للطرفين الحكومة والشعب وخلق أزمة وضعت الحكومة والدولة فى حرج كبير بين سيادة القانون والرفض الشعبى له فهى لا تستطيع أن تقوم بإلغائه وإلا تكون حكومة مهتزة ألغت قانون لأن هناك فئة ترفضه وفى نفس الوقت لا تستطيع الاستمرار فيه وإلا ستضخم الأزمة وتخلق تداعيات لا يُحمد عُقباها. على الحكومة أن تقوم بعمل مراجعة قانونية لقانون التظاهر بالإشتراك مع القوى السياسية وأن تدرس الواقع قبل إصدار القوانين حتى يتم إحترامها وإقامة دولة تشرع قوانين يحترمها الجمهور فيقومون بتطبيقها، ذلك إذا كنا نتكلم عن دولة قانون.