أثار مشروع «قانون التظاهر الجديد» الذى أعدته وزارة العدل ووافق عليه الدكتور حازم الببلاوى رئيس الوزراء، موجة انتقادات لاذعة ما بين مؤيد ومعارض فى الوسط السياسى المصرى، فالبعض يراه تقييداً للحريات والبعض الآخر يرى أنه ضرورة خاصة فى الوقت الحالى الذى تمتد فيه يد الإرهاب للنيل من الوطن. ويؤكد عبدالغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى والقيادى فى جبهة الانقاذ ونائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان أن قانون التظاهر الجديد لا يراعى المزاج النفسى السائد الآن لدى الجماهير المصرية، وأضاف «شكر» فى تصريحات خاصة ل«الوفد»، أن هذه الجماهير لا تستطيع الحصول على حقوقها إلا بالضغط والاعتصام، موضحاً أنها لن تتوقف عن التظاهر رغبة منها فى الحصول على حقوقها لذلك تلجأ إلى الضغط على صانع القرار. وأشار نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان إلى أن القانون يتضمن عقوبات مغلظة لا تتناسب مع المخالفات التى يمكن أن تحدث فى التظاهرات، فضلاً عن أن القانون يجرم الاعتصام ويمنع تحويل أى تظاهرة إلى اعتصام اذا ما رأى المتظاهرون استمرار التظاهرة للضغط للحصول على المطالب. وقال القيادى بجبهة الإنقاذ إن تحديد القانون للمدى الذى لا يمكن للتظاهرة أن يتجاوزه سيفقد الغرض من التظاهرة لبعده عن المكان أو المنشأة الخاصة بالتظاهرة، بالإضافة الى تمكين القانون سلطات الأمن منع التظاهرات من الأساس بما يعنى تقييد التظاهر السلمى. ولفت «شكر» إلى أن السلطات الأمنية تستطيع بسهولة قول إنه وردت إليها معلومات تفيد بوجود عناصر مندسة أو اللجوء إلى أعمال تخريبية وهو ما يعنى وجود حجج لمنع التظاهر. ويرى «شكر» انه كان من المفروض ان تطرح الحكومة مشروع قانون التظاهر لحوار مجتمعى لمدة اسبوعين على الأقل لمناقشته قبل صياغته والموافقة عليه. يؤكد شوقى السيد الفقيه الدستورى أن قانون التظاهر الجديد ينظم حق التظاهر شأنه شأن جميع الحقوق، موضحا أنه لا يجوز أن يكون حقا مطلقا وإلا فسينقلب لفوضى. وقال «السيد» فى تصريحات خاصة ل«الوفد»، معلقا على قانون التظاهر الجديد: «القانون ينظم متى يتم التظاهر، وسبب التظاهرة، وتقديم إخطار للجهات المسئولة، كما أن الدولة تتحمل حماية المتظاهرين وغير المتظاهرين». وأشار «السيد» إلى أن قانون التظاهر لا يعنى الحرمان من التظاهر، موضحا أن مصر فى الفترة الراهنة أحوج ما تكون لهذا القانون خاصة فى ظل الأعمال الإرهابية التى تمارس تحت غطاء حق التظاهر. وأوضح «السيد» أن حق التظاهر السلمى برىء من الممارسات الإجرامية من قبل الجماعات الإرهابية، قائلاً: «المسألة ليست فوضى وللمواطنين حق العيش بأمان». وشدد «السيد» على ضرورة تطبيق الدولة لقانون التظاهر الجديد فور الموافقة عليه دون تباطؤ لحماية المصريين من الأعمال الإرهابية. ومن ناحيته أوضح اللواء فؤاد علام، الخبير الأمنى ووكيل جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق، أن قانون التظاهر الجديد ليس جديدا وكان موجودا فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى، وما قبله. وأكد علام فى تصريحات خاصة ل«الوفد»، فى تعليقه على قانون التظاهر، أن بعض المغرضين يريدون تشويه القانون وتهييج الرأى العام العالمى ضد مصر. وأشار وكيل جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق إلى أنه لا توجد دولة واحدة فى العالم ليس لديها قانون ينظم حق التظاهر السلمى، ولا تعمل بنظام الإخطار قبل موعد التظاهرة. وقال الخبير الأمنى متعجبا ممن يرفضون قانون التظاهر: «لماذا تهاجمون القانون، هل يتضمن مادة واحدة ضد حق التظاهر السلمى؟!». بينما انتقد المهندس أحمد ماهر , المنسق العام لحركة «6 ابريل», قانون التظاهر الجديد, مشيرا إلى أنه سيعصف بحق المصريين فى التظاهر بحجة محاربة الإرهابيين. وقال ماهر, فى تغريدة له على حسابه الشخصى ب«تويتر» أمس: «بيقولك قانون التظاهر علشان نحارب الارهابيين، طيب ما مبارك قال كده من 30 سنة وقعد يحكم بالطوارئ لغاية ما البلد خربت». وتابع قائلا: «بعد ما تخلصوا على الارهابيين, هاتخلصوا برضه على الألتراس والاشتراكيين والعمال و6 إبريل». ووصف محمد عبد العزيز مسئول الاتصال السياسى بحركة تمرد قانون التظاهر الجديد بالقانون الجائر، وقال على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك: «أى قانون يحد من حق التظاهر «السلمى» الذى اكتسبه المصريون فى ثورتى 25 يناير و30 يونية هو قانون جائر.. التعامل مع التظاهر «غير السلمى» يجب ان يتم بالقانون دون ان يستخدم ذلك للتضيق او منع التظاهر السلمى». واعتبر الدكتور حازم عبدالعظيم الناشط السياسى أن التظاهر السلمى حق للمواطنين, قائلا: «لا يوجد قانون فى العالم يصهين على تظاهر مسلح.. وهناك من يدس السم فى العسل من عبيد الربيع العربى». وقال عبد العظيم , فى تغريدة له على حسابه الشخصى ب«تويتر» أمس: «قانون التظاهر الجديد حائر بين حق التظاهر السلمى الذى يجب أن تحميه وتقننه الدولة مثل كل دول العالم, والمتظاهر المسلح المفروض ياخد بالجزمة». وتابع قائلا: «هناك ورم إرهابى فى جسد الدولة, وهناك بعض المرضى بمتلازمة مبارك و25 يناير والفلول والدولة «العميقة», لازم يعالجوا أنفسهم قبل صياغة القانون». وأشار عبد العظيم إلى أن تقرير الطب الشرعى فى أحداث الحرس الجمهورى يفيد بأنه لا نساء ولا أطفال ولا ساجدين ماتوا أثناء الصلاة, ساخرا «هو فيه حد كان مصدق الإخوان غير الإخوان». وطالب عبد العظيم الحكومة بإقرار قانون لمكافحة الإرهاب قبل قانون التظاهر الجديد. وأعلن «تحالف ثوار مصر» فى بيان له أمس رفضه للقانون، وطالب التحالف الرئيس منصور بعدم إصداره واصفين القانون بأنه سوف يولد ميتا لأن غالبية الشعب المصرى والتى ما زالت تنتظر تحقيق ولو جزء بسيط من أهداف الثورة لن تلتزم بهذا القانون الذى يمنع التظاهر، وعلى الرئيس منصور أن يستشير القوى الثورية الحقيقية قبل التفكير فى إصدار هذا القانون. وقال عامر الوكيل «المتحدث باسم التحالف»: «إن الحكومة الحالية تعترف بشعار «الثورة مستمرة» ومع ذلك تصدر قانون للتظاهر ضد هذا المبدأ لأن الثورة المستمرة تعنى بالتأكيد وجود مظاهرات سلمية ضد وقوع أى أخطاء فى المرحلة الانتقالية لكنها بهذا القانون تقع فى نفس أخطاء نظام المجلس العسكرى ونظام الإخوان اللذين أرادا منع أى تظاهرات ضدهما». وأضاف الوكيل أن التحالف يجرى اتصالات مع عدد من المسئولين فى السلطة لمنع هذا القانون من الصدور وإلا سوف يبدأ التظاهر ضده وسوف يقود شباب التحالف مع كل القوى الثورية الحقيقية موجة من المظاهرات فى حملة تحت عنوان بسيط جدا يرفعه كثيرون فى الشعب المصرى وهو «ادينى حقى ما افتحش بقى» لأن الشعب المصرى انتفض لثلاث سنوات مطالبا بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية ولم يتحقق شىء والكل ينتظر تحقيق ذلك لأنه حق الشعب على الدولة وتساءل «الوكيل» هل تحقق ولو جزء بسيط من العدالة الاجتماعية لكى نطالب المواطن باجراءات تعجيزية فى شكل قانون قبل التظاهر للمطالبة بحقه؟! وطالب الوكيل حكومة الببلاوى بإصدار قانون للعدالة الانتقالية لمحاسبة المجرمين فى حق مصر بدلا من محاسبة المطالبين بحقوقهم وآخرهم عمال المحلة الذين أخذوا حقهم مؤخرا فقط بسبب تظاهراتهم السلمية المحترمة.