مابين إعلانات دستورية مؤقتة إلى وثيقة مبادئ فوق دستورية، ومن ثم دستور الإخوان، ووصولا إلى وثيقة لجنة الخبراء ال10 لتعديله، لم يكن للنوبيين أى نصيب فى أن يستجاب لحقِ واحد من مجموعة حقوق طالبوا بها، حتى كاد أن يؤمن الجميع، أن لا مكان ولا مكانة لهم فى بلادهم، رغم سطوع شمس ثورتين شاركوا فيهما، فبذلوا الدماء وقدموا الأرواح، إلا أن عطاءهم يُقابل دائما بمزيد من التهميش والإقصاء. كانت لجنة ال10 قد غضت الطرف عن وضع معايير ثقافية فى اختيار الشخصيات المُمثلة، فحددت للأحزاب السياسية، والهيئات المهنية والمؤسسات الحكومية والمستقلة، وأصحاب الاتجاهات الفكرية المختلفة، والديانات والطوائف المتعددة مقاعد لمُمثليهم إلا "النوبيين" أصحاب الثقافة النوبية المتميزة، الذين يحرصون على حماية حقوقية الثقافية، هم الاستثناء الذى خرج كالعادة دون أى اعتبار! هذه كانت مؤشرات سلبية كانت تشير إلى أن سياسة الإقصاء هى حلقات مسلسل مُمل وطويل لم تنته بعد! اكتلمت لجنة الخمسين بوجود "الأديب النوبى حجاج أُدول" الذى تم اختياره كشخصية عامة، إلا أننا قد ارتضينا بهذا الواقع ثقة منا فى إخلاص وتفانى ممثل النوبة الاعتبارى، وأملا فى وجود مُمَثلين فى اللجنة "مثقفين ووطنيين، متفتحين ومُنفحتين على الآخر"، هم سيكونون دعما وداعمين لابن النوبة "حجاج أُدول ". وبرغم تباين أحاسيس النوبيين واختلاف الظنون ما بين متفائل مؤمن بالتغيير بعد 30 يونيو وما بين متشائم لتكرار تجارب الإقصاء المتعمدة، خرجت علينا بشائر خير تحمل لنا أخبارا مضمونها "النوبة الآن". لقد تقدمت النوبة بعدة مطالب حقوقية تصل إلى عشرة حقوق، تتنوع ما بين حقوق فى الأرض والعودة إليها، وحقوق فى المساواة ومكافحة التمييز على أساسى اللون والعرق، وحقوق تتعلق بالحفاظ على التنوع والتعددية الثقافية والإقرار بهما، والعناية باللغات المحلية ومنها "اللغة النوبية"، والتزام الدولة بتطبيق المواثيق والإعلانات والمعاهدات الدولية الموقعة عليها فى المجالات الحقوقية والاقتصادية والسياسية وغير ذلك. وكان لشباب النوبة الفضل الأول فى صياغة مطالبه، حيث إنها مطالب الحاضر والمستقبل، فالشباب النوبى اليوم هم أعمدة العمل النوبى حيث يتخذون العلم والثقافة المتفتحة على الآخر والاطلاع على كل الأحداث الدولية وعلى دساتير دول العالم القريب منا والبعيد عنا، وعلى المواثيق الدولية لتكون مرجعا لهم، مكتفين بهذا بما تم من سرد حكاوى التهجير تلك التى كان كبارنا يتخذونها السبيل الوحيد فى الطرح، فلم تعد لهم بشىء! منذ أيام أعلن السيد "محمد سلماوى"، المتحدث الإعلامى للجنة الخمسين عن التصديق بالموافقة، فى القراءة الأولى على بعض من المواد، قدمتها لجنة الحقوق والحريات، وكان للنوبيين نصيب منها، وهى تلك المواد والحقوق التى طال انتظار النوبيين لها سنين، حتى يكون هناك تطبيق حقيقى للمواطنة يشعرون به ويعيشونه. وقد سعد بها النوبيون واستبشروا خيرا بالتغيير الحقيقى الذى يوضع لبنة جديدة فى بناء وطن يتسع ويسع الجميع، دون أى تمييز ثقافى أو أى تمييز من أى نوع أو على أى أساس. وإذ يأمل النوبيون فى أن تتحق المطالب النوبية والتى يأتى فى مقدمتها مطلب"العودة" بواسطة مادة انتقالية دستورية، والذى إن تم وانتهينا منه، فسيتم البحث بجدية عن الحقوق فى "الداخل" وليختفى نداء "التدويل" الذى طالما كان هو السبيل الوحيد للحل، حيث كان الاستناد لقوانين ومواد المواثيق الدولية، التى لم يكن لها وجود فى الدستور المصرى أو قوانينه. لذا بعد البشائر المُفرحة، أوجه تحية شكر وعرفان لكل عضو وعضوة داخل لجنة الخمسين كانوا ومازالوا داعمين للحقوق النوبية، ولكل صاحب وصاحبة قلم من النخب المصرية الوطنية الذين ساندوا النوبيين بالكلمة، وأثق أنه بعد انتهاء الصياغة النهائية للتعديلات الدستورية وبعد أن يتم التصويت عليها "بنعم "- إن شاء الله تعالى -سوف يقيم النوبيون الأفراح أياماً وليالى طوال، وسيتم دعوة الأعضاء ممن كانوا داعمين لحقوق النوبيين لتكريمهم، فالنوبيون لا ينسون أبدا من كان معهم أو كان عليهم. نعم "النوبة الآن"، النوبة المنسية تعود اليوم للذاكرة ولن تكون مرة أخرى منسية بفضل الله سبحانه وتعالى أولا، وبدعم كل الشرفاء والمخلصين من أبناء الوطن. * ناشط نوبى