بدأ منذ قليل المؤتمر العالمى للطريقة العزمية، بالعاصمة الفرنسية باريس، والذى يعقد تحت عنوان ""تفعيل الدور الصوفى فى أمن واستقرار المجتمعات". وقال محمد علاء الدين ماضى أبو العزائم، شيخ الطريقة العزمية، فى كلمته بالمؤتمر: لقد أثير حول التصوف الإسلامى قديماً وحديثاً حوار وجدل، فقد حاول بعض الفلاسفة الماديين، وبعض المتزمتين الجامدين وساندهم خصوم الإسلام التاريخيين، أن يثيروا دخاناً وغباراً حول التصوف ليحجبوا سناه وضياه، ولينالوا من جلاله وهداه. وأضاف: حاولوا أن يصوروه سبحاً فلسفياً خيالياً، وضعفاً وزهداً انعزالياً، وفراراً وانهزاماً وهروباً من واقع الحياة ونضالها، وعجزت أقلامهم وتحطمت محاولاتهم، وذهبت الريح بدعواهم.. وبقى التصوف.. منارة ومحجة للسالكين إلى الله، وعزماً وبأساً وإرادة منتصرة للمجاهدين فى الحياة. بقى كما أراده الله، أفقاً أعلى للفكرة الإسلامية، وقوة إيجابية تحمى الإسلام وتصون عقائده، وتنشر دعوته، وتناضل تحت رايته، وتحمى جماهيره وتفكيره من الضعف والانحلال، والغبار الوثنى والزيغ الإلحادى. وأوضح "أبو العزايم" قائلا إن التصوف "بقى يقدم لأتباعه ورواد مناهجه زاد الإيمان، ولباس التقوى، وروح الإسلام، وأفقه الأعلى، ويلهمهم قوة النضال وعزيمة الجهاد، ويضفى عليهم أخلاق الأنبياء، وآداب المرسلين، وروح الكتاب المبين"، مشيرا إلى أننا اليوم فى حاجة إلى الصوفية الإيجابية التى تخرج من عزلتها ووحدتها إلى ساحة الحياة وقيادتها، فالتصوف ليس ضعفاً ولا خمولاً ولا انعزالاً، إنه الجهاد فى أعلى ذراه، والٍعلم فى أصفى موارده، والخلق فى أعلى مُثله، والإيمان فى أسمى أنواره وإشراقاته. وأضاف أن إقامة هذا المؤتمر الكبير يصور للمسلم ملامح أعظم القوى الروحية فى العالم، وأكبر الدعوات الانبعاثية فى التاريخ، وأهدى المناهج الخلقية والتربوية والإيمانية التى ترتكز عليها الأمم فى نهضاتها، وتستند إليها الشعوب فى وثباتها، لتكون دليلاً ومرشداً للمسلم، وهو يبنى حياته ويعد نفسه للغد العظيم. وأشار "أبو العزايم" إلى أن المؤتمر يهدف إلى رد الجميل للحكومة الفرنسية التى وافقت على إقامة هذا المؤتمر بالعاصمة الفرنسية باريس، مما يجعلنا نرد هذا الجميل بتفعيل الدور الصوفى فى أمن واستقرار المجتمعات، وإظهار حقيقة الخوارج الجدد الذين ظهروا بآرائهم المتطرفة منذ عشرينيات القرن الماضى، فلم يسيئوا لأحد إلا المسلمين، ولما كان الدور الصوفى فعالاً فإن آراء الخوارج لم يكن لها الأثر الكبير فى حياة الأمة، وفى العقود الثلاثة الأخيرة قويت شوكتهم بفضل مدد شيوخ النفط وتراجع الدور الصوفى، لذلك لابد من تفعيل هذا الدور مرة أخرى عن طريق جميع الطرق الصوفية، ونشر الفكر الصوفى المعتدل الذى أساسه الكتاب والسنة وهدى الأئمة من السلف الصالح. ذلك التصوف الذى صنع بطولات الصدر الأول، وصاغ رجاله وأئمته وأبطاله، وترك على الشخصية الإسلامية طابع كماله وهداه، لتكون أعلى وأطهر نماذج للحياة. ذلك التصوف الذى كان له أكبر الأثر فى توجيهات العالم الإسلامى، الفكرية والعلمية والتعبدية، بل أكبر الأثر فى فتوحاته وانتصاراته العالمية، وفى رسم أهدافه ومثله العليا، الاجتماعية والخلقية والروحية.