تجديد اعتماد "صيدلة المنصورة" من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم    وزير الكهرباء: تركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة النووية الثالثة بالضبعة خلال أكتوبر    ترحيب واسع بدعم الرئيس السيسي لتوصيات الحوار الوطني.. تعزيز لحقوق الإنسان والإصلاح القانوني في مصر    كيف استعانت مدرسة ابدأ للعلوم التقنية بشركة تأهيل لتنمية مهارات التميز للطلاب؟    وصول الدعم لمستحقيه بقاعدة بيانات توحد الجهود التطوعية أبرز مميزات التحالف الوطنى    وثيقة سياسة ملكية الدولة.. مدبولي: هدفنا تعظيم الأصول والعروض غير المناسبة لا نقبلها    إزالة 5 حالات بناء مخالف بقنا    مكتب الصحافة الإسرائيلي ينشر إحصائية بالأضرار التي خلفتها صواريخ "حزب الله"    بلينكن: يجب التنسيق والعمل لردع الأنشطة المزعزعة للاستقرار التي تقوم بها إيران    وزير الرياضة يلتقي فرانشيسكو توتي في العاصمة الإدارية الجديدة    قضية التيك توكر وخطأ المواقع    كواليس تصوير محمد عبد الرحمن حماقي ل "روج أسود" (صور)    كلامها حلو.. هشام عباس يكشف تفاصيل ألبومه الجديد وموعد طرحه    خالد الجندى: عمليات التجميل والتحول الجنسى فعل شيطانى للحرب على بنيان الله    انطلاق دورة التعامل اللائق مع رواد المسجد لعمال المساجد    علي جمعة يكشف عن مبشرات ميلاد النبي: رضاعته وفرح أبولهب بمولده    خطوة صحيحة ومفيدة للمريض.. نقابة الصيادلة تعلق على مقترح مدبولي بكتابة الروشتة    حملة «100 يوم صحة» تقدم أكثر من 87 مليونا و915 ألف خدمة مجانية    بلينكن يؤكد أهمية احتواء التصعيد بين إسرائيل وحزب الله اللبناني    «القاهرة الإخبارية»: إسرائيل تعمل على عزل بلدات وقرى الجنوب اللبناني    وليد فواز يكشف سبب خوفه من دوره في مسلسل «برغم القانون».. قللت وزني    موعد بدء العام الدراسي الجديد للجامعات 2024-2025.. والخريطة الزمنية للعام المقبل    كنوز| 54 عاما على غياب زعيم في ذاكرة المصريين    لاستيفاء نسبة ذوي الهمم.."العمل" تنظم ندوة بمنشآت القطاع الخاص بسوهاج    وزير التموين يجتمع مع رئيس البريد وممثلي شركة فيزا العالمية لبحث أوجه التعاون المشترك    الأرصاد تكشف حالة الطقس في مصر غدا الخميس 26 سبتمبر 2024    ما حكم قراءة سورة "يس" بنيَّة قضاء الحاجات وتيسير الأمور؟    محافظ الدقهلية ييستلم دفعة من المواد الغذائية لتوزيعها على الأولى بالرعاية    بوليتيكو: الهجوم على حزب الله سبب خلافا كبيرا بين الولايات المتحدة وإسرائيل    وزارة العمل: ختام مشروع إدماج النوع الإجتماعي في العمل بالسويس    محافظ أسوان ونائب وزير الإسكان يتفقدان خزان أبو الريش العلوي بسعة 4 آلاف مكعب من محطة جبل شيشة    شغل ومكافآت وفلوس كتير.. 4 أبراج فلكية محظوظة في بداية أكتوبر    أحمد سعد وإليسا ورامي صبري وبهاء سلطان.. رباعية تاريخية في أرينا بالكويت    الأهلي يحفز اللاعبين قبل السوبر الأفريقي    أيتن عامر عن أزمتها مع طليقها : «الصمت أبلغ رد» (فيديو)    13 مليون جنيه إجمالي إيرادات فيلم عاشق بدور العرض السينمائي    بمشاركة أكثر من 40 دار نشر.. افتتاح النسخة الأولى من معرض نقابة الصحفيين للكتاب    تنظيف وتعقيم مسجد وضريح السيد البدوي استعدادًا للمولد (صور)    مدرب السد القطري: مباراة الغرافة ستكون صعبة للغاية    ميكالي يستقر على إقامة معسكر لمنتخب 2005 في التوقف الدولي المقبل (خاص)    وزير النقل اللبناني: لا توجد مشكلات لوجيستية بمطار بيروت.. وملتزمون بقوانين الطيران العالمية    النائب محمد الرشيدي: جرائم الاحتلال الإسرائيلي في لبنان تشعل فتيل الصراع بالمنطقة    رئيس هيئة الدواء: سحب كافة الأدوية منتهية الصلاحية وليس نسبة منها    إجراء 267 ألف تدخل طبي في مستشفيات التأمين الصحي الشامل    بالصور- تطعيم 63.6% من تلاميذ مدارس الوادي الجديد ضد السحائي    «صحة المنوفية»: إدارة المتوطنة قدمت خدماتها ل20 ألفا و417 مواطنًا في مجالات الفحص والمكافحة    عملت وشم فشلت في إزالته هل صلاتي باطلة؟.. رد حاسم من داعية (فيديو)    تتخطى مليار دولار.. شركة تابعة للسويدي إليكتريك تشارك في إنشاء محطة توليد كهرباء بالسعودية    الصين تطلق صاروخًا باليستيًا عابرا للقارات يحمل رأسا حربيا وهميا    ليفربول يواجه وست هام يونايتد في كأس كاراباو    إمام عاشور يكشف مفاتيح الفوز على الزمالك ودور اللاعبين الكبار في تألقه    ضبط 200 ألف علبة سجائر بقصد حجبها عن التداول بالغربية    عقب تداول «فيديو».. سقوط لصوص أغطية بالوعات الصرف بالمنصورة    وزير التعليم العالي يشهد حفل استقبال الدفعات الجديدة    القبض على عنصرين إحراميين يديران ورشة لتصنيع الأسلحة النارية بالقليوبية    إصابة 7 أشخاص فى مشاجرة بين عائلتين بقنا    تشكيل ليفربول المتوقع.. 7 تغييرات.. وموقف صلاح أمام وست هام    تشيلسي يكتسح بارو بخماسية نظيفة ويتأهل لثمن نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالصور.. فى الذكرى التاسعة لرحيل حكيم العرب.. الشيخ زايد آل نهيان فارس العصر حبيب مصر.. حمل راية وحدة الإمارات وامتدت أياديه البيضاء لأشقائه العرب.. أبرز أقواله: النفط لن يكون أغلى من الدماء العربية
نشر في اليوم السابع يوم 02 - 11 - 2013

فى التاريخ الإنسانى، محطات فارقة وشخصيات قيادية استثنائية تعرف جيدًا كيف تدير أحداث التاريخ وتوجّه سياقاته محققة تحولًا فارقًا ونقلة حضارية فى زمن قياسى، ويظل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حكيم العرب ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الراحل علامة فارقة وشخصية متفردة فى طبيعتها القيادية.
الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، وأول من نادى بإقامة اتحاد بين إمارات الساحل الخليجى كى تكون قادرة على مواجهة التحديات الجديدة بعد الجلاء البريطانى، ما أنبله من إنسان، أفعاله تسبق أقواله، خيره اجتاز حدود بلاده؛ وأياديه البيضاء امتدت إلى الجميع، عربى أصيل، قلما يجود الزمان بمثله.
رجل من هذا الزمان، حكيم بقراءة سطور الأيام وحروف التاريخ، استطاع أن يستشرف آفاق المستقبل بكل ثقة ووضوح؛ فسار بشعبه نحو الحضارة والتقدم الذى أذهل العالم، فى أرض صحراء قاحلة، صارت خلال 40 عامًا وجهة سياحية رائدة فى العالم، وأنموذجًا اقتصاديًا وسياسيًا وشعبيًا يحتذى به، وينظر إليه كبارقة أمل تنتظر هذه المنطقة التى طالما عانت من شظف العيش، وطالما انتظرت رجلًا ك"زايد الخير"
لا توفه الكلمات حقه؛ فتقف عاجزة عن إبراز دوره فى نهضة دولته، وتقف الحروف حائرة بين السطور، عاجزة عن الإنشاء والإخبار. . فزايد تجاوز اللغات وتجاوز التاريخ.
مولده ونسبه
هو سمو الشيخ زايد بن سلطان بن زايد بن خليفة بن شخبوط بن ذياب بن عيسى بن نهيان بن فلاح الياسى، كتبت مسيرة الخير أول أوراقها، بمولده عام 1918 م، فى أبوظبى فى قصر الحصن، الذى كان والده الشيخ سلطان بن زايد قد بناه فى عام 1910 م، وهو الابن الرابع، وله ثلاثة من الأخوة الذكور هم: شخبوط، وهزاع، وخالد، وله أخت واحدة. ووالدته هى الشيخة سلامة بنت الشيخ بطى بن خادم بن نهيان آل حامد القبيسى.
تعود أصول البوفلاح وهم من قبيلة البنى ياس إلى قبيلة بنى هلال بن عامر بن صعصعة أصهار النبى الكريم محمد بن عبد الله- صلى الله عليه وسلم-، كما أنهم من فخذ الزغابا من بنى هلال، وكتب فى ذلك الشاعر ابن ظاهرى المايدى قائلًا:
عاضنا عن رفاقتنا بقوم
من مشاهيب الحروب بنى هلال
الزغابا اللى يحثون الركاب
فى الخرايم كنهن ربد جفال
ما وجد المشيخة لك مستعار
من نهيان وورثة بنى هلال
جدهم المباشر هو ياس بن عبدالأعلم بن برسم بن الأسعد بن حبيب بن عمرو بن كاهل بن أسلم بن تدول بن تيم بن اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة.
وإلى البنى ياس تنتمى قبائل البوفلاح بالإضافة إلى البوفلاسة، ومنهم آل مكتوم والسودان والهوامل وبومحارب والمزاريع وبومهير، والرميثات والقبيسات والمرر وبوحمير والقمزان والهواجر وغيرها. والده سمو الشيخ سلطان بن زايد الكبير، الذى يُعدّ الحاكم الرابع عشر فى سلسلة آل نهيان. ويجتمع آل نهيان وآل مكتوم فى جد واحد هو هلال بن فلاح بن هلال اليبلى الياسى، واليبلة هم بنو جبلة بن أحمد بن ياس بن عبدالأعلم.
حكم آل نهيان
انتقل نهيان الجد الأكبر للأسرة الحاكمة إلى واحة ليوا على أطراف صحراء الربع الخالى فى أواخر القرن السابع عشر (نحو 1633 فى عهد اليعاربة)، وخلفه ابنه عيسى، ومن ثم ذياب بن عيسى، بين العامين (1760-1793)، حيث اكتشفت المياه العذبة فى أبوظبى نحو عام 1961، ومن هنا يعتبر الشيخ ذياب المؤسس الحقيقى للحكم فى أبوظبى، وخلفه ابنه الشيخ شخبوط، واستمر حكمه حتى عام 1816 حيث خلفه الشيخ محمد بن شخبوط، ومن ثم الشيخ طحنون بن شخبوط، ثم خليفة بن شخبوط ثم سعيد بن طحنون ثم زايد بن خليفة (زايد الأكبر)، ثم توالى على الحكم أبناؤه طحنون فحمدان فسلطان فصقر، ثم جاء الأخ الأكبر للشيخ زايد شخبوط، حتى السادس من أغسطس عام 1966 حيث تولى الشيخ زايد- رحمه الله- الحكم.
ومن هنا نرى أن الأصول العربية العميقة لهذه الأسرة الكريمة تستطيع تفسير ما تميزوا به على مر العصور من صفات عربية أبيّة كالعزة والنخوة والكرم والكرامة والعفة والإيثار، وقد تكون هذه الكلمات أقل بكثير مما تمتع به سموه- رحمه الله- من مروءة وشهامة، طار صداها فوصل للقاصى والداني؛ فأحبه الجميع، وعندما رحل عن سماء الدنيا فُجع الجميع لرحيله.
نشأته حتى توليه الحكم
سُمى زايدًا تيمّنًا بجده لأبيه زايد بن خليفة الكبير أمير بنى ياس، الرجل القوى الذى وحّد القبائل وعزّز من مكانة آل نهيان بينها، واستطاع أن يربط إمارته بعلاقات قوية مع الإمارات والقبائل المجاورة، وتمتع بالحكمة والسيرة العطرة وحسن التصرف. حكم منذ عام 1855 حتى 1909، وقد شبهت الكثير من الدراسات ما تميز به الجد زايد بالحفيد، وخصوصًا فى المروءة والعزّة والشهامة.
ولما بلغ الرابعة من عمره وتحديدًا فى عام 1922، تولّى والده الشيخ سلطان بن زايد زمام الأمور، وقد تميز سموه بالشجاعة والجرأة وسرعة التصرف والحكمة؛ حيث استطاع خلال فترة حكمه تحسين علاقاته بالجوار وتعزيز مكانته بين مواطنيه على الرغم من قصر مدة حكمه، وكان سمو الشيخ زايد فى هذه الأثناء طفلًا فى قصر الحصن- مقر الحكم- وقد فتح عينيه على معاناة الناس آنذاك وما كان والده يفعله لمساعدتهم، فأدرك مصاعب الحياة وقهرها، وأعطاه ذلك الكثير من الخصال التى اختلطت ببيئته البدوية الإسلامية التى أضفت عليه صفات الجَلَد والصبر، وجعلته ذا بصيرة وحكمة بالغتين.
تعليمه
الكُتّاب كان المعين الأول الذى نهل منه سموه، تمامًا كغيره من أبناء البلاد آنذاك، وكان القرآن الكريم أول زاده العلمى، بدأ رحلة التعليم فى سن الخامسة على يد "المطوعين"، وهم رجال الدين الذين يدرسون القرآن الكريم والحديث الشريف وأصول الدين واللغة العربية، واستعذب لسانه اللغة العربية شعرها ونثرها؛ فكان متفوقًا فيها، وكما يقول المثل فإن مجالس الرجال تعلم الرجال؛ فها هو يتخذ من مجلس والده الحاكم منارة يهتدى بها فى معرفة قصص الأسلاف ومأثورات العرب، ومعايشة الحياة الاجتماعية والسياسية والإنسانية أيضًا.
وظلت سفينة الحياة تسير بزايد الخير؛ فشب وسط التجاذبات التى كانت تعصف بالمنطقة فى بيئة صعبة وظروف قاهرة، وقد برع فى رياضتى الصيد بالصقور واستخدام البندقية، وذلك حتى بلوغه السادسة عشرة من عمره، ولكن سموه توقف عن استخدام البندقية واكتفى بالصيد بالصقور ويبرر ذلك بقوله: " فى ذات يوم ذهبت لرحلة صيد فى البرارى، وكانت الطرائد قطيعًا وافرًا من الظباء يملأ المكان من كل ناحية، فجلت أطارد الظباء وأرميها، وبعد نحو 3 ساعات قمت أعد ما رميته من الظباء فوجدتها 14 ظبيًا، عندئذ فكرت فى الأمر طويلًا، وأحسست أن الصيد بالبندقية إنما هو حملة على الحيوان، وسبب سريع يؤدى لانقراضه، فعدلت عن الأمر واكتفيت بالصيد بالصقور."
حكمه للمنطقة
ومع حلول عام 1964 انتقل سموه إلى قلعة المويجعى بالعين، وذلك كحاكم للمنطقة الشرقية، وقد استبشر الناس بحكمه خيرًا؛ فسيرته العطرة، وحكمته، ونبل أخلاقه، وتواضعه، وكل مقومات شخصيته الشابة كانت قد سبقته إلى مدينة العين.علّق الناس عليه الآمال العريضة، فكان عند حسن ظنهم، ولم تثنه صعوبة الظروف والعقبات وندرة المياه آنذاك عن حلمه بتطوير مدينته وتحسين ظروفها، فتم افتتاح المدرسة النهيانية عام 1959، وتم إنشاء أول سوق تجارى، ومشفى طبى، وشبكة من الطرق. ومن أبرز ما يذكر للمغفور له قراراته التى عمدت إلى توفير المياه العذبة للجميع، وإعادة النظر فى ملكيتها الخاصة.
رحلته حول العالم:
فى عام 1953 بدأ سموه رحلة حول العالم يعزز فيها من خبرته السياسية، ويطلع من خلالها على تجارب أخرى للحكم والعيش، فزار بريطانيا ومن ثم الولايات المتحدة وسويسرا ولبنان والعراق ومصر وسوريا والهند وباكستان وفرنسا، وقد زادته هذه التجربة اقتناعًا بمدى الحاجة لتطوير الحياة فى الإمارات، والنهوض بها بأسرع وقت ممكن؛ للحاق بركب تلك الدول التى صارت تتمنى أن تصير كالإمارات اليوم!
وفى السادس من أغسطس عام 1966 تولى سموه- رحمه الله- مقاليد الحكم فى إمارة أبوظبى، وبدأت منذ ذلك الحين الوتيرة المتسارعة للتطور والنهضة، ولم تقف عجلة الازدهار عن التسارع والمضى للأمام.
زايد وحلم الوحدة
إن القلوب العامرة بالإيمان، العارفة بأهمية الاتحاد لا يهنأ لها بال حتى تحقق مرادها، فبعد تولى سموه مقاليد الحكم فى الإمارة بدأ يتطلع إلى الوحدة مع أشقائه فى الساحل، وكان شديد الإيمان والثقة بفكرته هذه التى طالما سكنت وجدانه، ولهذا فقد كان أول من نادى بالاتحاد بعد الإعلان البريطانى عن نية الاحتلال الجلاء عن الإمارات فى يناير 1968 وذلك بحلول عام 1971، فرأى- رحمه الله- الحاجة إلى إقامة كيان سياسى موحد له كلمة قوية ومسموعة فى المحافل الدولية، وقادر على تقديم الحياة الأفضل لمواطنيه الذين طالما عانوا من ظروف الصحراء والبحر المضنية.
فبدأت الحركة المكوكية لسموه وكان اجتماع (السمحة) البذرة الأولى لبناء الاتحاد، حيث تم الاتفاق على تنسيق الأمن والدفاع والخارجية وتوحيد الجوازات بين الشقيقتين دبى وأبوظبى.
وفى عام 1969 انتخب رئيسًا للاتحاد التساعى الذى ضم الإمارات السبعة وقطر والبحرين، وبانسحاب الأخيرتين تم الإعلان عن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1971 بست إمارات انضمت لها رأس الخيمة فى 10 فبراير 1972 م ليكتمل النصاب وتعم الفرحة أرجاء البلاد، وانتخب سموه رئيسًا للاتحاد وقائدًا أعلى للقوات المسلحة.
فى 18 يوليو 1971 م اجتمع حكام الإمارات السبع لإجراء مباحثات لإتمام الحلم، ومن أقواله حينها رحمه الله: " هذه فرصة هيأها الله تعالى لنا، فرصة وجودنا اليوم فى مكان واحد، إن قلوبنا جميعًا عامرة والحمد لله بالإيمان، بمبدأ الوحدة، فلنجعل إذن من إجماعنا فرصة تاريخية لتحقيق أملنا المنشود " وتوصل المجتمعون فى ذلك اليوم إلى التوقيع على وثيقة قيام دولة الإمارات العربية المتحدة؛ لتكون نواة اتحاد يضم باقى الإمارات التى لم تسنح لها ظروفها بالانضمام.
وثيقة الاتحاد
عمل زايد- رحمه الله- منذ البداية على إرساء قواعد الدولة المؤسساتية المنظمة على أسس حضارية وعصرية، وحرص على إقامة مشروعات قصيرة الأمد، وأخرى طويلة الأمد فى شتى المجالات.
ومنذ ذلك الحين والإمارات تقفز بخطوات هائلة على طريق التطوير والحضارة، وقد قاد سموه- رحمه الله- هذه المسيرة فى كل المجالات، فسار بالدولة بحكمة وعدالة وحنكة سياسية أدهشت العالم، فصارت الإمارات قوة سياسية واقتصادية يحسب لها ألف حساب، وصار مواطنوها من أكثر سكان العالم رخاء وسعادة، فتحقيق الرفاه للمواطنين جميعهم كان حلم الراحل الغالى، وعاش حياته ساعيًا جادًا لتحقيق هذا الحلم، فكان له ما أراد.
وتعاظم حبهم لوالدهم المؤسس، الذى قال ففعل، ووعد فصدق، وقضى زهرة عمره فى خدمة أرض بلاده التى عشقها وأعطاها كل ما بوسعه.
ولم يقتصر حبه على الإمارات فحسب، بل امتد ليشمل جميع أرجاء الوطن العربى والإسلامى والعالمى، فأياديه الخيّرة لا يكاد يخلو مكان منها، ومشاريعه التنموية والخيرية يشهد بها القاصى والدانى.
ولا يمكن أن تنسى صفحات التاريخ مقولته الشهيرة: " النفط العربى ليس أغلى من الدم العربى " وأتبع ذلك بقطع واردات النفط عن الدول الداعمة لإسرائيل إبان الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973 م.
زايد الخير ومصر
لم تتوقف إنجازات المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة عند الحدود الجغرافية للدولة التى أرسى دعائم نهضتها وتقدمها، بل امتدت إلى كثير من دول العالم، وبخاصة مصر التى أوصى بها خيراً، تاركاً أثراً طيباً فى مصر، حيث تعددت مشاريع كثيرة منها بناء عدد من المدن السكنية واستصلاح عشرات الآلاف من الأراضى الزراعية، وإقامة قرى سياحية وتقديم الدعم المادى لعدد من المراكز الطبية والمؤسسات الثقافية.. لتحمل مساهماته طابعاً قومياً وإنسانياً، وظلت إنجازاته فى مصر شاهد عيان على تاريخ من المحبة بين البلدين، وشاهداً على حب عميق من جانب المغفور له، بإذن الله، زايد لمصر وشعبها.
ولعل من أبرز ما قدمه زايد لمصر، مدينة الشيخ زايد التى تعد من مدن الجيل الثانى، حيث تم إنشاؤها عام 1995 بمنحة من صندوق أبوظبى للتنمية، وتعد المدينة إحدى مدن محافظة الجيزة التى تبعد 28 كيلومتراً عن وسط القاهرة وتبلغ مساحتها 9500 فدان ويسكنها ما يقرب من 150 ألف مواطن، وبها العديد من المرافق مثل المستشفيات والمدارس ومحطات تنقية مياه الشرب والكهرباء، وتبلغ نسبة المساحات الخضراء بها 40% ما يعطيها طابعاً معمارياً مميزاً، وتنقسم مدينة الشيخ زايد إلى 20 حياً و4 مجاورات يقع بكل حى مسجد وسوق ومركز خدمى.
بينما يتوسط مستشفى الشيخ زايد التخصصى المدينة السكنية الجميلة، التى مازالت تقدم خدمات كبرى مثل عمليات القلب المفتوح التى تجريها الإمارات عبر فريق عمل من الأطباء الدوليين.
وتعددت المدارس والكليات الخاصة بالمدينة الشهيرة، فيما حملت أسماء العديد من المدارس اسم المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس الدولة، مثل مدرسة الشيخ زايد الثانوية بنين، ومدرسة الشيخ زايد الثانوية بنات ومدرسة الشيخ زايد للتعليم الأساسى "الابتدائى والإعدادى".
كما حملت بعض المساجد اسم المغفور له، بإذن الله تعالى، مثل مسجد زايد، 2000 وواصلت إنجازات زايد طريقها فى مصر لتمتد إلى المنحى الثقافى، حيث أسهم سموه بمبلغ 20 مليون دولار لإحياء مكتبة الإسكندرية القديمة فى الاحتفال التاريخى العالمى الذى أقيم فى مدينة أسوان جنوب مصر عام 1990.
وما أن شرعت مصر فى إقامة مشروع توشكى العملاق الذى يحول نصف مليون فدان من أراض صحراوية مهجورة إلى أراض زراعية عامرة بالسكان والخير، أسهم زايد فى إنشاء قناة مائية تمتد عدة كيلو مترات لتحمل مياه نهر النيل إلى هذه الأراضى الجديدة، لتحمل تلك القناة اسمه.
وبرز الدور القومى والعروبى لدى المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، منذ أن سعى إلى تأسيس دولة الاتحاد، وينتقل هذا الدور الوحدوى العروبى إلى مرحلة عالية عندما اشتعلت الحرب فى أكتوبر عام 1973 بين العرب و"إسرائيل"، حيث كان زايد فى زيارة للعاصمة البريطانية، وكان طبيعياً أن تتحرك الدولة العربية وتقف إلى جانب شقيقاتها على خطوط الحرب مع الدول العربية. ولم يتردد الشيخ زايد لحظة واحدة باتخاذ قراره التاريخى بدعم المعركة القومية حتى آخر فلس فى خزينته، وعندما عجزت خزينته لم يتردد بنخوة العربى وشهامته أن يقترض ملايين الجنيهات الإسترلينية من البنوك الأجنبية فى لندن وإرسالها على الفور إلى مصر وسوريا دولتى المواجهة القصوى فى أجهزتها المختلفة، ووجهت كل طاقاتها الإعلامية لدعم المعركة، وتهيأ جيش الإمارات للتحرك فى أى وقت يطلب منه المشاركة الفعلية فى القتال.
وفتحت الدولة رسمياً مكاتب للتطوع فى المعركة، وفرضت ضريبة جهاد على التجار والشركات العاملة فيها، ونظمت مكاتب للتبرع الشعبى، إضافة إلى تبرع العاملين فيها بمرتب شهر كامل بمبادرة ذاتية.
وواصل المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد دوره العروبى القومى، حيث رصد مبلغ مائة مليون جنيه أسترلينى لمساندة مصر وسوريا، ولم تتوقف المساعدات عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل مساعدات عينية تمثلت فى مستشفيات الميدان الجاهزة، وعربات الإسعاف والمواد الطبية التى قدمت هدية من شعب دولة الإمارات العربية المتحدة.
وكعادته كعروبى شجاع قطع زايد مؤسس دولة الإمارات زيارته للعاصمة البريطانية وعاد ليشارك الأشقاء معركتهم المصيرية، والوقوف مع دول المواجهة بكل إمكاناته المادية وثقله السياسى.
مؤسس الدولة قبل عودته عقد فى لندن مؤتمراً صحافياً، أكد خلاله موقف دولة الإمارات العربية المتحدة فى دعم دول المواجهة ووقوفه إلى جانبهم بكل وضوح وحسم، وفى ذلك المؤتمر قال كلمته الشهيرة التى تكررها الجماهير العربية فى كل مناسبة: "سنقف مع المقاتلين مع مصر وسوريا بكل ما نملك. . ليس المال أغلى من الدم العربى، وليس النفط أغلى من الدماء العربية التى اختلطت على أرض جبهة القتال فى مصر وسوريا".
وبتوجيه المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد وضعت الإمارات كل ثقلها فى المعركة، فأجهزة الإعلام أعلنت الطوارئ، وتلك المساعدات التى جاءت ترجمة لما قاله الشيخ زايد قبل معركة 1973 "عندما تفتح أفواه المدافع سوف نغلق على الفور صنابير البترول، ولن نكون بعيدين عن المعركة".
قالوا فى صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان
الرئيس الأمريكى السابق جيمى كارتر
نحن نشعر بأهمية الدور الذى يؤديه صاحب السمو الشيخ زايد لخدمة الأمة العربية وإبراز دور الإمارات فى المجال العالمى.. حيث أصبحت لها الكلمة المسموعة لمساندة ودعم الأشقاء.
خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز
لابد من الإشادة بالدور البارز الذى يقوم به أخونا وحبيبنا الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وأرجو أن يحذو العرب حذوه فى العمل المشترك من أجل نشر الإسلام والثقافة العربية.
جلالة الملكة إليزابيث الثانية
إننا نشيد بالدور الذى يضطلع به سمو الشيخ زايد على الصعيدين العربى والدولى وبجهود سموه الخيرة فى سبيل لم الشمل بين الأشقاء العرب، ونعرب عن إعجابنا الشديد بالإنجازات التى تحققت فى دولة الإمارات خلال فترة وجيزة من عصر الزمن فى ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ زايد واعتزازنا بالعلاقات الممتازة بين دولة الإمارات وتونس.
جاك شيراك
إننا نعرف يا صاحب السمو أنكم تريدون أن يسود الحق فوق القوة، وأن تعلو الشرعية على الأمر الواقع.
الرئيس محمد انور السادات
نحن سعداء بلقائكم اليوم فوق أرض مصر بلدكم وبلد كل الأخوة العرب.. أرجو أن تنقلوا لأخى وشقيقى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان تحيات الأخوة الحارة. لقد ضرب والدكم المثل الرائع فى العروبة الأصيلة، والعمل المثمر الصامت الذى لا تسبقه أية دعايات.
إن والدكم يعمل فى صمت، ويشارك فى البناء العربى بصمت وهو يعمل معنا، مع أشقائه العرب فى كل مكان.. يده بيدنا وقلبه معنا، ضد ما يهدد أمتنا، ويستهدف النيل من مقدساتنا، ضد قوى البغى والعدوان التى تتآمر على العروبة والإسلام.. ضد العدو الصهيونى الامبريالى.
جلالة الملك أولاف الخامس ملك النرويج
إن عمر الأمم لا يقاس بعدد السنين والحقب بقدر ما يقاس بالأعمال والإنجازات، وإذا أخذنا بهذا المقياس لاستطعنا القول إن دولة الإمارات العربية المتحدة خلال تاريخها القصير استطاعت بعد الاستقلال أن تحتل مكاناً لائقاً بها فى الأسرة العربية، وهى لم تحتل هذا المركز بين يوم وليلة، لكن ذلك المركز المرموق استطاعت دولة الإمارات أن تحتله بعد مواقف عديدة ماضية حتى قبل إعلان الاستقلال وكان يقود هذه المواقف لرؤيته البعيدة صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
جلالة الملكة مارغريت الثانية ملكة الدنمارك
تحياتى وتقديرى لصاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذى وصل بدولة الإمارات إلى هذه المكانة الدولية الرفيعة التى تتمتع بها، إننى أنظر بالإعجاب والتقدير لنهج السياسة الخارجية لدولة الإمارات التى قرأت عنها الكثير ولاسيما عن التقدم السريع والشامل فى كافة المجالات، وأتمنى أن تتاح لى الفرصة لزيارة هذه الدولة الفتية كى اطلع بنفسى على معالمها الحضارية.
نحيى الجهود التى بذلها صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان تجاه شعب الإمارات التى حققت بقيادته إنجازات عظيمة فى فترة قصيرة من الزمن.
الرئيس المكسيكى جوزى لوبيز بورتيلو
أعتبر صاحب السمو الشيخ زايد رجل دولة من الطراز الأول.. فهو يتميز بصفة خاصة بالحكمة والإلهام فى السياسة التى ينتهجها وأنا أشعر بصفة خاصة بالسعادة حين تسنح لى الفرصة بالاجتماع مع سموه وأستفيد كثيراً من تجارب سموه السياسية الواسعة.
الرئيس السنغالى عبده ضيوف
تقديرنا للدور الفعال والحاسم لصاحب السمو رئيس الدولة فى تدعيم أركان اتحاد الإمارات والدور الذى تضطلع به دولة الإمارات تتبوأ مكانة عالية بين دول العالم وتصبح عاملاً هاماً فى الجهود المبذولة من أجل إقرار السلام العالمي.
الرئيس اليوغسلافى بانزرور نوفيشك
زايد قائد عربى أصيل عمل دائماً من أجل التضامن العربى ورأب الصدع وتحقيق الوفاء العربي.
جوائز وأوسمة
1- الوثيقة الذهبية: 1985 من قبل المنظمة الدولية للأجانب فى جنيف.
2- رجل العام: 1988 من قبل هيئة (رجل العالم) فى باريس.
3- وشاح جامعة الدول العربية: 1993 – وشاح رجل الإنماء والتنمية.
4- الوسام الذهبى للتاريخ العربى: 1995 من قبل جمعية المؤرخين المغاربة.
5- الشخصية الإنمائية: 1995–استطلاع لمركز الشرق الأوسط للبحوث والدراسات الإعلامية-جدة.
6- درع العمل: 1996 من قبل منظمة العمل العربية.
7- جوائز أعمال الخليج:. 1996
8- شهادة الباندا الذهبية: 1997 من قبل الصندوق العالمى لصون الطبيعة.
9- وسام المحافظة على البيئة الباكستانى: 1997 من قبل الرئيس الراحل فاروق ليجاري.
10- زايد داعية البيئة: 1998 من قبل منظمة المدن العربية – الدورة السادسة فى الدوحة.
11- أبرز شخصية عالمية 1998: من قبل هيئة (رجل العام) – باريس.
12- زايد شخصية العام 1999 الإسلامية: من قبل لجنة جائزة دبى الدولية للقرآن الكريم.
13- زايد رجل البيئة لعام 2000: يوم البيئة العالمى 5/6/2000 – معهد الجودة اللبناني.
14- ميدالية اليوم العالمى للأغذية: منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) -2001.
15- جائزة كان الكبرى للمياه: 2001 من قبل منظمة شبكة البحر الأبيض المتوسط التابعة لليونسكو للموارد البيئية والتطوير المستدام والسلام.
رحيله
انتقل سموه- رحمه الله- إلى جوار ربه فى الثانى من نوفمبر عام 2004 وكان يومًا حزينًا بكته كل الدول العربية، وبكاه كل محب للإنسانية والسلام فى العالم.
كان- رحمه الله- شخصية متكاملة بامتياز تحيطها الأصالة العربية ومغروسة فيها النخوة الإسلامية، لم تشهد المنطقة ككل رجلًا أحبه الناس كزايد. . لم يستحق أحد مثله أبدًا لقب الوالد، فهو الأب والأخ والصديق لكل مواطن ومقيم على هذه الأرض الطيبة، فتح ذراعيه للجميع دون استثناء، فأجلّه الخصوم قبل الأشقاء، بل صار الخصوم أصدقاء. .. ولما رحل بكاه الجميع، فزايد هو الوحيد الذى أحبّه حتى خصومه.
ففى بلد كانت مجرد صحراء قاحلة، يتنقل فيها الناس، ويبحثون عن نبع ماء عذب، تحرقهم شمس الصيف ويؤلمهم برد الشتاء، يهربون من مناخ قاس يحصد الأرواح، كان زايد الرجل الذى حلم بالمستحيل، فأثبت للعالم أن الأحلام مهما كبرت وعلا سقفها، يمكن أن تصير حقيقة، ويمكن أن تتجاوز صفحات قصص الخيال والروايات. .
زايد هو الرجل الذى أشبع الرجولة معناها، فصار الملهم، والقدوة. . والذى لن ينسى التاريخ يومًا ما قدم وما أعطى لهذا الوطن الذى عشقه بكل جوارحه.
رحمك الله يا زايد الخير. . رحمك الله كما رحمت شعبك. . وأعطاك كما أعطيت. .. رحمك الله وأسكنك فسيح جناته.. نقلا عن الموسوعة الالكترونية الإماراتية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.