لا ريب فى أن يهود العالم على مر العصور كانوا يحلمون بإقامة كيان خاص بهم بعد معاناتهم من الاضطهاد فى أنحاء أوروبا وآسيا والشعور بالعزلة فى وسط الشعوب المسيحية، وتوسع هذا الحلم فى نهاية القرن الماضى مع نهوض أوروبا سياسيا واقتصاديا وفكريا مما أعطاهم دفعة لتحقيق هذا الحلم، وقد أعطاهم اضطهاد النازيين لهم هذه الفرصة فى التماس أى طريقة لتهجير اليهود إلى أرض فلسطين المقدسة، وقد تم وفقا لوعد بلفور وجهود الولاياتالمتحدةالأمريكية، حلمهم ليس فقط إقامة دولة فى الأراضى الفلسطينية إنما كيان يمتد من العراق شرقا إلى مصر غربا كما ورد فى كتابهم. " فى ذلك اليوم قطع الرب مع إبرام ميثاقاً قائلاً لنسلك أعطى هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات " (تك 15:18) "كل مكان تدوسه بطون أقدامكم يكون لكم من البرية ولبنان من النهر نهر الفرات إلى البحر الغربى يكون تخمكم" )تث 24:11) من البرية ولبنان هذا إلى النهر الكبير نهر الفرات جميع أرض الحيثيين وإلى البحر الكبير نحو مغرب الشمس يكون تخمكم" (يش 4:1) جاء مشروع غزو العراق بناء على رغبة الكيان الصهيونى وحفاظا على أمنه من بعد تدفق السلاح الأمريكى إلى العراق أثناء الحرب العراقية الإيرانية وشعور الولاياتالمتحدةالأمريكية والكيان الصهيونى بالخطر من بقاء هذا السلاح الحديث فى يد دولة عربية مجاورة للكيان الصهيونى، وشعر الكيان بأن أمنه مهدد بالخطر أكثر من أى وقت مضى بعد قيام الرئيس العراقى الراحل صدام حسين بإطلاق حوالى30 صاروخا من طراز سكود Scud على أراضى الكيان، ولكن الإصابات لم تكن دقيقة.. صواريخ سكود Scud هى صواريخ سوفيتية قديمة وتتميز بدقتها المعدومة فى إصابة الأهداف، وتم استخدامها فى حروب عديدة كحرب أكتوبر بعدد ثلاثة صواريخ ولكن لم تصب الأهداف بنجاح. دور الكيان فى الحرب على العراق كان دور استخباراتى موسع، وقد تحدثت وسائل الإعلام الصهيونية عن هذا الدور الاستخباراتى التى هيأت للحرب. أكدت صحيفة "هموديع" الناطقة بلسان حزب شينوى عن قيام عدة وحدات خاصة تسمى "هكواح" أى "القوة" بالتسلل إلى العراق لأكثر من ست مرات، كما شاركت وحدات صهيونية خاصة فى التسلل إلى مناطق عراقية يسيطر عليها الأكراد فى مسح استطلاعى واتصالات قامت بها عشرات من وحدات القوات الخاصة والفرق التابعة للمخابرات المركزية الأمريكية "السى أى إيه CIA " بإغراء بعض زعماء القبائل الكردية بملايين الدولارات على نحو ما تم سابقا فى أفغانستان لشراء وتغيير ولاءات، إضافة إلى تحديد قواعد الصواريخ العراقية التى يمكن أن تهدد أهدافا صهيونية من مناطق فى غرب العراق. وأثناء الحرب على العراق من قبل قوات التحالف نشرت صحيفة "يدعوت أحرونوت" الصهيونية مقالا يوم 18-3-2003، قال معلق بارز فى الجريدة: لماذا ننكر سعادتنا التى تردد صداها فيما بين النيل ودجلة والفرات بينما تبدأ حرب إسرائيل السابعة التى سوف تنتهى بنصر أعظم من كل انتصاراتنا السابقة دون أن يسقط فيها إسرائيلى واحد، بل ودون أن يخوضها إسرائيلى واحد، عدا الذين قاموا بالتهيئة السرية والدفع إليها، بحيث يخوض القتال فيها آخرون من أجلنا ودفاعا عن هذه المرة. إنها الحرب التى سوف تغير الشرق الأوسط بأسره لتبدأ مرحلة زاهرة من سيطرة إسرائيل على المنطقة بأسرها، بل وما وراءها أيضا". وقبل غزو العراق بثلاثة أيام قال الوزير الإسرائيلى السابق "يوسى ساريد" ورئيس حزب ميرتس الصهيونى: "إن هذه الحرب الوشيكة ضد الإسلام كله وأنها بتأثير إسرائيلى يهودى كنوع من يأجوج ومأجوج المسيحية الأصولية، لكنها بطبعه تكساسية" كما نقلته صحيفة يديعوت أحرونوت بتاريخ 14-3-2003. غزو العراق يعد أحد جوانب المشروع الأمريكى الصهيونى لإنشاء شرق أوسط جديد يكون خاضعا للكيان الصهيونى، وليكرس قوته العسكرية التى ستجعله قادرا على امتلاك كيان من"النيل إلى الفرات".