أثار قرار الحكومة بإعلان فرض التسعيرة الجبرية على أسعار الخضار والفاكهة نتيجة الارتفاع الكبير وغير المبرر للأسعار، تساؤلات حول مدى صحة القيام بهذا الإجراء فى ظل اتباع مصر لسياسة الاقتصاد الحر الذى يعتمد على العرض والطلب فى تحديد الأسعار. الدكتور أحمد جلال وزير المالية قال بدوره: "لا يوجد ما يسمى سوق حر أو سوق غير حر ولكن هناك سوق منضبط"، مشيرا إلى أنه فى أدبيات الاقتصاد هناك ما يسمى بفشل السوق أو فشل الحكومات، وأكد جلال على أن المسألة تتعلق بالرشادة والمنطقية، والحكومة تتخذ ما تراه من إجراءات صحيحة لضبط السوق. واتفق الدكتور مصطفى السعيد وزير الاقتصاد الأسبق مع رأى وزير المالية، مؤكدا أنه من حيث المبدأ إذا كانت وضع السوق يتطلب إجراء معين لضبطه مثل وجود حالات احتكار ومغالاة فى الأسعار، فإن فرض تسعيرة جبرية بصفة مؤقتة لمواجهة أمر طارئ لا يتعارض على الإطلاق مع اقتصاد السوق الحر، لحين اتخاذ الإجراء الأهم وهو زيادة الإنتاج لخفض السعر. وأكد السعيد أن أحد أسس الاقتصاد الحر هو المنافسة الكاملة، وأن يكون هناك ربح عادى وليس احتكاريا أو مبالغا فيه، وقد حدث فى ألمانيا من قبل أن تدخلت الحكومة لضمان عمل السوق وفقا للأسس الصحيحة الكاملة. وأشار السعيد إلى أن المبدأ العام هو أن يقوم السوق على أساس المنافسة الكاملة، ومن حق الدولة وفقا لقواعد السوق الحر التدخل لضمان تحقيق المنافسة الكاملة. من جانبها اختلفت الدكتورة يمن الحماقى أستاذ الاقتصاد بتجارة عين شمس، مع إعلان وزير التموين لفرض التسعيرة الجبرية وقالت: "أنا ضد هذا المصطلح لأنه لا يتفق مع آليات السوق الحر، ولكن الأسعار الاسترشادية هى الخطوة التى يجب اتباعها لضبط السوق". وأضافت الحماقى أن وضع أسعار استرشادية للسلع الهامة هو أمر يتم فى جميع الدول المتقدمة، وفى ظل عدم كفاءة السوق فى مصر واختلاف الأسعار بين سوق وآخر دون مبرر، فمن حق الحكومة اتباع الآليات اللازمة لضبط السوق دون مخالفة قواعد الاقتصاد الحر، وهو ما يتحقق بتطبيق الأسعار الاسترشادية. وأوضحت الحماقى أن الأسعار الاسترشادية تعنى ببساطة تتبع الحكومة لتسعير السلعة عبر مراحل التداول المختلفة بداية من مرحلة الإنتاج وحتى وصولها للمستهلك، وإعلان هذه الأسعار بشفافية للجميع لمعرفة أسباب الارتفاع، لافتة إلى أن إعلان وزير التموين لوجود نسبة ارتفاع لسعر بيع الخضار النهائى للمستهلك بواقع 300%، وهذه مغالاة شديدة من قبل التجار. وقالت إن الهدف من إجراءات الحكومة هو ضبط الأسعار هو أمر جيد مراعاة لمحدودى الدخل والوقوف ضد جشع التجار، ولكن بداية الخطوة بإعلان فرض تسعيرة جبرية هو أمر خاطئ، لكن الأسعار الاسترشادية هى الخطوة الصحيحة نحو ضبط السوق، مع ضرورة أن يتم هذا بالتوافق مع جهازى حماية المستهلك وحماية المنافسة ومنع الاحتكار وبالتشاور مع التجار، حتى يخرج القرار بتوافق الجميع ويمكن تطبيقه عمليا.