أقام الفنان أسامة السروى، تمثالا للشيخ عياد الطنطاوى، أهداه لدار الكتب المصرية بحضور السفير الروسى بالقاهرة سيرجى كيربيتشينكو والسفير المصرى المكلف بموسكو الدكتور محمد البدرى والمستشار الثقافى الروسى بالقاهرة والدكتور عبد الناصر حسن رئيس الهيئة العامة بدار الكتب والوثائق القومية والدكتورة كاميليا صبحى رئيس قطاع العلاقات الثقافية الخارجية بوزارة الثقافة والدكتور حسين الشافعى رئيس مجلس إدارة دار نشر أنباء روسيا ولفيف من أساتذة الجامعات المصرية والروسية والمثقفين والفنانين. وقامت إدارة المؤتمر بمنح الفنان أسامة السروى ميدالية ذهبية استلمتها الدكتورة علية عزت بالنيابة عنه لتواجده بموسكو. وعن الشيخ الطنطاوى يقول الكاتب الكبير أحمد الخميسى فى كتابه أوراق روسية: عندما قرر الشيخ عياد الطنطاوى السفر إلى روسيا سنة 1840 لتدريس اللغة العربية هناك، استدعاه محمد على وأوصاه ألا يعلم الآخرين اللغة العربية فقط بل وأن يتعلم هو نفسه اللغة الروسية ووعده بالرعاية والاهتمام السامى، وكان الشيخ طنطاوى قبل سفره زميلا وصديقا لرفاعة رافع الطهطاوى رائد النهضة الثقافية المصرية الحديثة، رغم أن رفاعة كان أكبر من طنطاوى بعشر سنوات. كانت شهرة الطنطاوى فى القاهرة بصفته معلما للغة العربية كبيرة داخل الجالية الأوروبية. وتصادف أن كان من بين تلاميذه سياسيان روسيان هما موخين ورودلف فرين. يذكر الطنطاوى فى تاريخ حياته أن صداقته بالروسيين تلك كانت "أول دافع لسفره إلى روسيا". استغرقت المكاتبات الرسمية الخاصة بسفر طنطاوى للعمل فى مدرسة بطرسبورج الإمبراطورية العليا وقتا طويلا إلى أن رحل عام 1840، وأقام فى روسيا واستقر فى بطرسبورج حيث ظل خمس عشرة سنة متصلة يقوم بتدريس اللغة والأدب العربى، وعام 1847 ترقى طنطاوى فأصبح أستاذا فى الجامعة. سنة 1852 أهدى إليه ولى عهد القيصر خاتما مرصعا بالجواهر تقديرا لجهوده. وقد بقيت من حياة الطنطاوى أبحاثه باللغة الروسية وجهده فى نشر الثقافة العربية، كما بقيت منه بعض قصائد منها واحدة يعرب فيها عن شكره للقيصر نيقولاى وزوجته الكساندرا منها قصيدة يقول فى مطلعها: - الله يحفظ قيصرا والقيصرة ويُديم عز نيقوله واسكندره! وانقطعت صلة الطنطاوى بمصر فلم يزرها إلا مرة واحدة عام 1844. ترك الطنطاوى لنا كتابين هما "وصف بلاد روسيا" و"تحفة الأذكياء بأخبار بلاد روسيا"، سجل لنا فيهما رحلته ومنها ما حدث له بعد أن رست به الباخرة فى ميناء أوديسا حيث قضى وقتا شاهد خلاله الأوبرا الإيطالية مرتين. وكتب يقول إنه لم يكن هناك فى المسرح من يضع عمامة على رأسه سواه هو والممثلين على المنصة! وفى كتابه "حياة الشيخ الطنطاوى" المستشرق الكبير كراتشكوفسكى أن "سفر الشيخ الطنطاوى إلى روسيا كان حدثا كبيرا ليس فى حياته فحسب بل وفى الاستشراق الروسى أيضا"، فقد تلقى الروس أصول اللغة العربية فى عقر دارهم على يدى الطنطاوى الذى ترك أيضا كتابا فى النحو العربى باللغة الروسية، فساعد بكل ذلك فى تطوير الاستشراق الروسى. فى يناير 1861 أقعد المرض الشيخ الطنطاوى عن العمل والتدريس وتوفى فى العام نفسه فدفن فى مقابر التتار المسلمين، وظل النصب التذكارى على قبره يحفظ بعضا من سيرة حياته باللغتين الروسية وبالعربية: "هنا مرقد الشيخ العالم محمد عياد الطنطاوى مدرس اللغة العربية أستاذ جامعة بطرسبورج المحروسة. توفى فى 27 أكتوبر سنة 1861 عن خمسين عاما". هكذا تركت مصر بعيدا جدا فى الصقيع الروسى فلذة دافئة من روحها كانت تنشر بها اللغة والأدب.