أصدرت السلسلة الثقافية لأخبار اليوم كتاب "أوراق روسية" للدكتور أحمد الخميسي، يتناول رحلته إلى روسيا عام 1972، يلتقط فيه صورًا دقيقة لمجتمع لا نعرف عنه الكثير، ويروي تفاصيل ممتعة لرحلته إلى هناك، والتي لم تبدأ من لحظة ركوبه الطائرة بل قبل ذلك عن طريق الأدب حينما كان يقرأ في مكتبة والده كل ما كتب على غلافه قصص أو روايات. يصف الخميسي في أوراقه الروسية الصورة التي طبعتها الروايات في خياله عن روسيا بأنها مثل ياقوتة ملونة متوهجة بالوجع والانتفاض والندم، وشخصياتها في كل الأحوال أيديولوجية ذات مشروع لتغيير العالم والصدام معه وضده ومن أجله. يتتبع الخميسي في أوراقه المحطات البارزة في علاقات العرب بروسيا، والتي ترجع لألف عام مضت منذ قام أحمد بن فضلان مبعوث الخليفة العباسي المقتدر بالله عام 922 ميلادي برحلته إلى هناك، وبأسلوب شيق يحكي عن إيليا داشورى وعلى محمد الطالبين المصريين الذين أرسلهما محمد علي إلى روسيا لدراسة التعدين واستخلاص الذهب عام 1845، ثم عادا من روسيا ليرسلهما إلى النوبة وشرق السودان وراء الذهب، ثم سفر الشيخ عياد الطنطاوي إلى روسيا سنة 1840 لتدريس اللغة العربية وتعلم اللغة الروسية واستقراره هناك لنحو خمسة عشر عامًا متصلة، والذي اعتبره المستشرق الروسي كراتشكوفسكي في كتابه "حياة الشيخ الطنطاوي" حدثًا كبيرًا في الاستشراق الروسي ساعد على تطويره. وما بين العام والخاص يتنقل الخميسي برشاقة في كتابه ويكشف روح السخرية والمزاح في الإنسان الروسي خلافًا لما يبدو عليه لأول وهلة، ويقدم في فصل بعنوان "رسائل جندي أمريكي" ترجمته لقطعة أدبية ساخرة للكاتب المعروف مخائيل زادورنوف، تجسد موقف الشعب الروسي من الغزو البربري للعراق، اختار لها شكل الرسائل التي يبعث بها أحد الجنود الأمريكيين إلى زوجته. يقدم الكتاب رؤية عميقة لسمات الشعب الروسي ووجدانه وثقافته وقصائده من بوشكين وتشيخوف واندريه بلاتونوف وبلجاكونوف من الدعوة لتغيير العالم بالمحبة عند تولستوى إلى المدافع واغتيال القياصرة، من المسيح إلى كارل ماركس ومن الشيوعية إلى الابتهالات الدينية. رحلة الخميسى لا تتحدث كثيرًا عن المكان لكنها تستفيض في الحديث عن قلب ووجدان وروح الشعب الروسي.