بعباءته البيضاء وملامحه الطيبة التى تحكى سنوات من الكفاح، جلس على كرسى صغير فى أحد أركان الأسانسير الذى لا تتجاوز مساحته المتر فى متر داخل عمارة رمسيس، ينتظر أى زائر للمكان يرغب فى الصعود أو النزول داخل المبنى الذى تجاوز عدد أدواره الخمسة عشر دورا. عم "محمد بدوى" أحد عمال المصعد بعمارة رمسيس، الذى تجاوز عمره الخمسين عاما، اتخذ من كرسيه مكانا له لا يبرحه منذ أن يتسلم "ورديته" حتى ينهيها، حيث يفضل عدم مبارحة كرسيه بعد أن يأس من سرعة الوقت التى لا تتجاوز سرعة السلحفاة، يحاول أن يسلى نفسه بالحديث مع من يقطع عليه خلوته داخل الأسانسير من رواد المكان، الذين يقصدونه وخاصة مع وجود فندق فى الدور الأخير به. مئات، بل آلاف من الناس يروى عم "محمد" أنه قابلهم منهم من تعرف عليه، ومنهم من لم تتجاوز معرفته به ضغط زر الدور المتوجه له، طوال 12 عاما قضاها فى هذه المهنة. يقول عم محمد" أنا شغال هنا ليا أكتر من 12 سنة فى الشغلانة دى، وببدل أنا وناس تانية معايا فى الوردية، كل واحد ليه وردية وياما عدت على الواحد أشكال وألوان كتيرة من الناس، يمكن زمان قبل الثورة كانت فى ناس كتيرة بتركب هنا، لكن دلوقتى فى ضغط بس مش زى الاول، لأن اللى كان مشغل الدنيا فوق هو الفندق اللى موجود فيه، لكن دلوقتى مفيش زبائن زى الاول". ويضيف" زمان كنا بنشتغل 8 ساعات فى اليوم، لكن دلوقتى بقيت الوردية من 5 المغرب لحد 6 الصبح علشان الحظر، وبيدونا يومين إجازة فى الاسبوع، فالوا حد بيقولى أخدها من قصرها ويقعد فى الأسانسير لحد ميعاد الحظر ما يخلص وبعيد يبقى يروح بدل ما أطلع أروح وتحصل أى حاجة" ويقول عن عمله" الشغلانة هنا مريحة مفيهاش أى تعب، بس مشكلتها فى الحبسة اللى بيبقى فيها الواحد، ده غير الأعطال اللى ممكن تحصل، وكمان الأسانسير مالوش باب من جوة.