ما زالت أعمال العنف والشغب التى أرهقت الشارع الإيرانى عقب انتخابات الرئاسة فى 12 يونيو الماضى، تلقى اهتمام الصحف العالمية، ورصدت مجلة الإيكونومست البريطانية موقف الحكومات العربية من هذه الأحداث. تقول الصحيفة فى عددها الصادر هذا الأسبوع، إن الكثير من القادة العرب تنفسوا فى البداية الصعداء لمراقبتهم عن كثب ما ألم بالجمهورية الإسلامية من اضطرابات وأعمال شغب، نظراً لقلقهم البالغ إزاء تعاظم تأثير جارتهم وتصاعد طموحها فى المنطقة وظهورها بمظهر القائد الإقليمى، ولكن مع مرور الوقت، بدأ هؤلاء القادة فى إدراك حقيقة أن هذه الانتفاضة العنيدة فى شوارع طهران ستلقى بظلالها بشكل أو بآخر على الشارع العربى غير المعتاد على رؤية مثل هذه الاحتجاجات الجريئة فى دولة شرق أوسطية. تقول المجلة، إن الحكومات العربية لم تتوقع أبداً أن يواجه الرئيس الإيرانى، محمود أحمدى نجاد، أية صعوبات فى أن ينتخب مرة أخرى رئيساً للبلاد، فالنسبة للأنظمة التى تعارض إيران وتخشى دعمها للجماعات العربية المتشددة مثل حزب الله فى لبنان وحماس فى الأراضى الفلسطينية، استمرار أحمدى نجاد على عرش الرئاسة يضمن توتر العلاقات، الهزيلة، بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوإيران. ويرى العديد من حكام الدول العربية المحافظين أن رغبة الرئيس الأمريكى باراك أوباما، الواضحة لجذب إيران إلى طاولة المفاوضات مرة أخرى وإخراجها من دائرة العزل سيكون من شأنها تعزيز النفوذ الإيرانى فى المنطقة على حساب العرب المعتدلين. يرأس هذا المعسكر المعتدل قادة كل من مصر والمملكة العربية السعودية اللتين يغلب عليهما الطابع السنى. وتقول المجلة، إن العائلة المالكة فى السعودية تخشى من أن يتمكن الإيرانيون من إثارة الأقليات الشيعية فى مقاطعة الظهران الغنية بالنفط فى المنطقة الشرقية. وقد سمحت كل من الحكومتين خلال الأعوام القليلة الماضية لوسائل الإعلام بانتقاد إيران وإظهار ملامح التعصب الخفى ضد الشيعة. ولكن على الرغم من ذلك، التزم المسئولون فى مصر والسعودية، معظم الوقت، بصمتهم خوفاً من إثارة حفيظة الحكام فى طهران، وخشية اتهامهم بالتدخل فى شئون الآخرين السياسية، ولكنهم كانوا مسرورين لترك وسائل الإعلام تسخر من أحمدى نجاد. ومن ناحية أخرى، رحبت كل من سوريا وقطر، اللتين تتعاطفان مع النظام الإيرانى، وتساعدان حماس وحزب الله، إعادة انتخاب أحمدى نجاد لفترة رئاسة ثانية. وتلفت الصحيفة إلى أن سوريا وقطر عكفتا على السخرية من القادة العرب الذين دعوا لإحلال الديمقراطية فى إيران، وقال الأمير القطرى، الشيخ خليفة ابن حمد الثانى، "ترأس إيران أربعة زعماء منذ الثورة الإسلامية، فى حين أن بعض الدول العربية لم تتغير قادتها على الإطلاق". وتختم المجلة بالقول، إن الشارع العربى وقف حائراً بين مساندة المتظاهرين الإيرانيين وبين الانصياع لوجهة نظر حكومتهم، فالكثير من الشباب العربى ينظرون إلى موقف أحمدى نجاد المعادى للولايات المتحدة وإسرائيل بعين الاحترام والتقدير، وفى الوقت نفسه يشعرون بالخزى لموقف حكوماتهم المتخاذل أمام هاتين الدولتين. وتشير المجلة إلى أن العرب يميلون إلى تصديق إدعاءات المسئولين الإيرانيين، التى تقول، إن الغرب كان وراء إثارة هذه "الثورة الملونة" فى إيران. ومع ذلك، أصابتهم مشاعر الغيرة والحسد لقدرة الشباب الإيرانى على إبداء اعتراضه والاحتجاج على تشكيل حكومة أحمدى نجاد أمام العالم أجمع ليظهر قوة الشعب الإيرانى الحقيقية.