حصل "اليوم السابع" على تقرير اللجنة الخاصة بالبرلمان الأوروبى فى ستراسبورج حول حقوق الإنسان فى تركيا، والذى كشف عن عديد من الانتهاكات الصارخة التى تقوم بها السلطات التركية برئاسة رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان، فى حق الشعب التركى خلال الفترة الماضية. وجاء التقرير الأوروبى فى إطار تقييم مسار انضمام تركيا للاتحاد الأوروبى موقفها الحالى بشأن احترام الحقوق الأساسية الذى يستمر كمصدر للقلق، وذلك ينبع بالأخص من التطبيق الواسع للإطار القانونى للإرهاب والجريمة المنظمة الذى يؤدى إلى انتهاكات ممنهجة ومتكررة لعدد من الحقوق الأساسية وفقا للمعايير الدولية ذات الصلة، مثل الحق فى الحرية والأمن والمحاكمة العادلة وحرية التعبير والتجمع وإنشاء الاتحادات والنقابات. وكشف التقرير عن الجدل حول أداء الحكومة التركية للتعامل مع عدد من الموضوعات ذات الحساسية الخاصة، مثل المسألة الأرمينية، وتقنين القيود المفروضة على الإعلام والملاحقة القضائية والأحكام المتعددة الصادرة ضد الكتاب والصحفيين اتصالا بممارستهم للعمل الصحفى. وفيما يتعلق بالديمقراطية وسلطة القانون ففى إطار جهود وضع الدستور الجديد- "اللجنة الدستورية المكونة من الأحزاب الأربعة فى تركيا"- تلاحظ وجود قصور فى التشاور فى العملية التشريعية وغياب المشاركة المجتمعية كما استمرت القضية الكردية تمثل التحدى الرئيسى لتطبيق معايير الديمقراطية فى تركيا، فاستمرت السلطات فى اتخاذ تدابير استثنائية حيث عانت الحكومة المحلية فى جنوب شرق تركيا "تمركز الأكراد" من احتجاز العديد من القادة الأكراد المحليين. وأظهرت إحصاءات منظمة "فريدوم هاوس" الناشطة فى مجال حقوق الإنسان عن تدنى مستوى حالة حقوق الإنسان فى تركيا من المستوى الثالث إلى المستوى الرابع، وفقا لمؤشر المنظمة الخاص بالحريات المدنية مطلع العام الجارى، وذلك بسبب احتجاز الآلاف من المواطنين دون توجيه تهم لهم لفترات طويلة من الأكراد والصحفيين وزعماء اتحادات العمال والطلبة وضباط الجيش فى حملات يعتقد الكثير من الخبراء أنها ذات دوافع سياسية. ومن الواضح استهداف سلطة الادعاء "النيابة العامة التركية" للآراء المعارضة غير العنيفة وخاصة حول الموضوعات السياسية محل الاختلاف (المسألة الكردية)، فى تهم انتقاد المسئولين ومؤسسات الدولة القيود الواردة ببعض مواد قانون مكافحة الإرهاب واستخدام القانون من قبل المحاكم وسلطة الاتهام لتوجيه الاتهام والاحتجاز لمدد طويلة لأعداد كبيرة من الناشطين الأكراد، والمدافعين عن حقوق الإنسان والطلبة والصحفيين واتحادات العمال. ويتم ذلك عن طريق تفسير قانون الإرهاب تفسيرا واسع النطاق يمكن أن يقضى إلى زيادة عدد المحاكمات وفرض عقوبات مقيدة للحرية لا تتناسب مع طبيعة الجريمة مما يعد تعسفا فى استخدام القيود الاستثنائية التى توفرها المعايير الدولية التى تسمح للدول باتخاذ تدابير لحماية الأمن القومى دون انعكاس ذلك على المساس بالحقوق الأساسية لحرية التعبير والتجمع السلمى وتكثيف الاستغلال السياسى للمادة 301 من قانون العقوبات التركية المعدل فى عام 2008 بشأن القيود على حرية التعبير والصحافة والبث الإذاعى واحتجاز السلطات التركية نحو 69 صحفيا فى يوليو 2013، وبعد انتهاء اضطرابات "جيزى بارك" فى إسطنبول والعديد من المدن لتصبح أولى دول العالم فى أعداد الصحفيين المحبوسين حسب تقرير لجنة حماية الصحفيين الدولية CPJ. واستمرارا للمواقف العدائية والتمييز تجاه الأقليات الثنية والدينية خاصة الاعتداءات على "الأكراد" واستهداف المدنيين منهم خلال حملات السلطات الأمنية والجيش قتل 34 مدنيا كرديا بواسطة الجيش التركى قرب قرية على الحدود العراقية فى ديسمبر 2011، بالإضافة إلى انتهاك حقوق الأقليات من الغجر وعدم تصنيف العوامل العرقية كظرف مشدد للجريمة فى قانون العقوبات. كما تتضمن بعض المناهج الدراسية لبعض المواد التمييزية ضد الأقليات ومنع استخدام اللغة الكردية فى الدواوين الحكومية فى المناطق ذات الأغلبية الكردية، واستهداف الطائفة العلوية وعدم حماية دور العبادة الخاصة بمذهبهم والاعتراف فقط بأقليات اليهود والمسيحيين والأرثوذكس والأرمن المسيحيين وحماية دور العبادة الخاصة بها وعدم احترام حقوق التملك والحظر على تدريب رجال الدين والتدخل فى الإدارة الداخلية للمؤسسات الدينية للأقليات، كما يتم الاستيلاء على المساكن والممتلكات من المشردين ذوى الهوية البلغارية فى شمال غرب تركيا والتفسير الضيق لمفهوم الأقليات الدينية والأثنية فى الدستور التركى والتشريعات التركية. وفيما يخص "قانون الإنترنت"، ارتفع عدد المواقع المحظورة لتصل إلى 3700 موقع عام 2011، بالإضافة إلى وقائع القبض على الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعى فيسبوك وتويتر، وتجلى ذلك فى أعقاب اندلاع أحداث احتجاجات "جيزى بارك" فى إسطنبول وأنقرة وأزمير وبعض المدن التركية فى يونيو الماضى. ومنعت السلطات التركية إعادة إنشاء كنيسة القديس "بولس" فى تراسوس كمكان للعبادة بدلا من استخدامها كمتحف حاليا، وعدم السماح لأطفال المواطنين اليونانيين العاملين فى إسطنبول بحضور مدارس الأقلية اليونانية التى لا يسمح إلا لموظفين القنصلية اليونانية للالتحاق بها، فضلا عن عدم تنفيذ العديد من قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مثل القرار المتعلق بدار أيتام جزيرة برنس المملوكة للبطريركية المسكونية الأرثوذكسية اليونانية. وفيما يتعلق بالعنف ضد المرأة والأطفال وخاصة جرائم العنف المنزلى وممارساته التى تزداد بشدة فى تركيا فى الفترة الأخيرة وازدياد ما يعرف بجرائم الشرف وحالات الزواج القسرى، وقد أظهر تقرير صادر نهاية العام الماضى أن 42% من النساء الأتراك يتعرضن للعنف الجنسى والجسمانى وفشل الشرطة والقضاء فى حماية النساء الذين قاموا بتقديم طلبات لحمايتهن من عنف الأزواج. وأظهرت الإحصاءات عام 2012 أن ثلث قوة العمل من النساء التركيات هن فقط الذين يحصلون على فرص عمل فى البلاد، لتحتل بذلك تركيا المرتبة 124 من 135 دولة فى مؤشر الفجوة الجنسية العالمى. وفيما يخص انتهاكات الأحكام الأساسية لحقوق الإنسان فى قبرص فبحكم تواجد تركيا العسكرى الدائم فى الجزيرة، فهى مسئولة عن الانتهاكات التى ترتكبها قواتها المسلحة أو الإدارة المحلية الخاضعة لسيطرتها. وانتقد التقرير الحبس الانفرادى ونقص الرعاية الطبية للمسجونين واحتجاز الأطفال فى أوضاع لا تختلف كثيرا عن أوضاع احتجاز الكبار، بالإضافة إلى اتهامات بالاستغلال الجنسى والبدنى للأطفال فى بعض المؤسسات العقابية. كما انتقد التقرير الأوروبى استخدام القوة المفرطة بواسطة قوات الأمن كما رصد التقرير الاستخدام المفرط من الشرطة التركية للقوة ضد المتظاهرين فى الأماكن العامة، وقمعهم فى أحداث "جيزى بارك" بإسطنبول وأنقرة مطلع شهر يونيو والتى امتدت لأكثر من مدينة تركية، وانتشار حالات الإفلات من العقاب لبعض رجال الشرطة والعسكريين والموظفين العموميين المتهمين بانتهاكات لحقوق الإنسان، حيث يتم عادة إصدار أحكام قضائية مع وقف التنفيذ بحقهم مع احتفاظهم بمناصبهم. وقد أظهر تقرير آخر لمنظمة "هيومان رايتس وتش" وجود 8595 مسجونا فى تركيا بتهم إرهابية ضمن 125 ألفا إجمالى المسجونين هناك، وأن نصف العدد الأول مازالوا فى انتظار حكم ابتدائى فى قضاياهم، كاشفا إخفاق الحكومة التركية فى صياغة تشريعات لحماية اللاجئين وطالبى اللجوء فى البلاد حيث تظهر مشكلات تطبيق التشريعات القائمة، خاصة فيما يتعلق برفض قبول طلبات اللجوء إلا إذا تم استيفائها بطريقة معينة وفى مكان معين وهو ما يحول دون توفير الحماية المناسبة للاجئين، ويعرضهم لمخاطر الملاحقة والقبض عليهم وتوجيه التهم لهم من قبل الدول التى يفرون منها. ديسك- عصام عبدالله