أظهرت تحقيقات نشرها مؤخرا مكتب التحقيقات الفدرالية الأمريكية (اف.بى.أى) أن الرئيس العراقى الراحل صدام حسين بقى فى بغداد إلى حين سقوط المدينة خلال الغزو الأمريكى عام 2003. ونشر الأف بى أى، ملخصا عن 27 مقابلة أجريت مع الرئيس الراحل فى الفترة من يناير ويونيو 2004، ورفعت عنها السرية مؤخرا. وقال صدام إنه فى نهاية أيام نظامه، وفى الوقت الذى اجتاحت فيه القوات الأمريكية بغداد، بقى فى المدينة حتى 10 أو 11 أبريل 2003 إلى حين تبين أن المدينة ستسقط بالتأكيد. وعقد صدام آخر اجتماع له مع القيادات العراقية العليا، وقال "سنواصل المقاومة السرية". وبحسب الوثائق "غادر صدام بعد ذلك بغداد وبدأ التخلى التدريجى عن حراسه الشخصيين، وقال لهما انهما أكملا مهمتهما، وذلك حتى لا يجلب الانتباه إليه". وبشأن ما يتردد عن استخدامه بدلاء يشبهونه عندما كان فى السلطة "ضحك صدام وقال هذه أساطير الأفلام وكلام غير حقيقى"، حسب الوثائق. ولم يعترف صدام بمسئوليته عن جره بلاده إلى سلسلة من الحروب الكارثية التى بلغت ذروتها فى الغزو الأمريكى للعراق. كما رفض الإجابة عن أسئلة حول استخدام نظامه الأسلحة الكيميائية ضد شعبه وضد إيران، وقال للشخص الذى كان يقابله "لن أحشر نفسى فى الزاوية أو أقع فى فخ أية جوانب فنية". إلا أنه أقر بارتكاب بعض الأخطاء فى تعاملاته مع الأممالمتحدة بشأن أسلحة الدمار الشامل. وأكد أن العراق نفذ قرارات مجلس الأمن بنزع الأسلحة عقب حرب الخليج 1991. وقال "لو كانت لدى تلك الأسلحة (المحظورة) هل كنت لأترك القوات الأمريكية تبقى فى الكويت دون أن أهاجمها". وأجرى المقابلات مع الرئيس العراقى المخلوع أحد رجال الأف بى أى، ويدعى جورج بيرو، ويتحدث اللغة العربية. وقد حقق مع الرئيس العراقى حول الخطط والاغتيالات وطرد آية الله روح الله الخمينى من العراق والحروب العراقية مع إيران والكويت والولاياتالمتحدة. وفى آخر محادثة بين بيرو وصدام حسين جرت فى مركز الاعتقال الأمريكى بالقرب من مطار بغداد فى 28 يونيو سأل بيرو عن علاقة العراق بتنظيم القاعدة، وهى إحدى الحجج التى استخدمتها واشنطن فى تبرير الحرب على العراق. إلا أن صدام قال إن الحكومة العراقية لم تتعاون مع أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة. وقال صدام لبيرو إن أيدلوجية بن لادن "لا تختلف عن أيدلولجية الكثير من المتعصبين من قبله"، طبقا للملخص الذى جاء فيه أن صدام حسين وبن لادن "لم تكن لديهما نفس الرؤية أو الفلسفة". وأكد صدام حسين كذلك أنه لم يكن يعتبر الولاياتالمتحدة عدوا للعراق رغم أنه يعارض سياساتها. وجاء فى الملخص أنه "لو أراد التعاون مع أعداء الولاياتالمتحدة لكان تعاون مع كوريا الشمالية، التى قال إنه كان بينه وبينها علاقات، أو مع الصين". وفى مقابلات سابقة وصف صدام حسين إيران بأنها أكبر تهديد للعراق، وقال إنه أراد أن تعتقد طهران أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل. وطبقا للملخص فقد "قال صدام حسين أنه كان أكثر قلقا من اكتشاف إيران نقاط الضعف فى العراق من قلقه من ما يمكن أن تفعله الولاياتالمتحدة إذا رفض السماح للمفتشين الدوليين بالعودة إلى العراق". وأضاف صدام كذلك فى المقابلات أن "القدرة العسكرية الإيرانية تزايدت بشكل كبير فيما قضت العقوبات الدولية على قدرات العراق". وجاء فى الملخص أن "آثار ذلك ستتضح فى المستقبل، لأن القدرات العسكرية الإيرانية ستمثل أكبر تهديد للعراق والمنطقة فى المستقبل". وذكر مكتب التحقيقات الفيدرالى أن المزرعة التى كان صدام حسين يختبئ فيها عند القبض عليه فى ديسمبر 2003، هى نفس المزرعة التى لجأ إليها بعد محاولة الاغتيال الفاشلة التى قام بها ضد عبد الكريم قاسم. وحكم على صدام بالإعدام فى نوفمبر 2006 ونفذ فيه حكم الإعدام شنقا فى 30 ديسمبر من العام ذاته.