انتهت لجنة الشئون المالية والاقتصادية بمجلس الشورى من نظر التعديلات التى قدمتها الحكومة على مشروع قانون ضريبة الدمغة. وكان مجلس الشورى وافق من حيث المبدأ على تقرير اللجنة والمتضمن الموافقة على ما جاء بمشروع الحكومة من تعديلات على قانون ضريبة الدمغة، ومن المقرر أن يناقش المجلس فى جلسته المسائية العامة اليوم، الأربعاء، التعديلات فى صورتها النهائية لإبداء الموافقة النهائية عليها، وربما تؤجل إلى غد، الخميس، إذا لم ينته المجلس اليوم من مناقشات مشروع قانون مجلس النواب. ووفقاً للمادتين الثانية والرابعة من هذا المشروع، فإن هذه التعديلات تنصب على فرض ضريبة نسبية على ما يتم استخدامه من التسهيلات الائتمانية الممنوحة من البنوك وكذلك القروض والسلف التى تقدمها البنوك خلال كل ربع سنة، بالإضافة إلى رصيد أول المدة لذات الربع من السنة، وذلك بواقع واحد فى الألف كل ربع سنة ( أى أربعة فى الألف سنوياً)، على أن يتحمل هذه الضريبة البنك والعميل مناصفة بينهما. كما فرض ذات المشروع ضريبة نسبية بواقع 20 % من أجر الإعلان وكذلك 20% من تكلفته، ويشمل ذلك أى إعلان يعرض على لوحات دور السينما أو شاشات العرض أو القنوات التليفزيونية الأرضية أو الفضائية أو شبكة المعلومات الدولية أو كابلات البث المختلفة، وكذا الإعلانات التى تذاع بالراديو أو القنوات الفضائية المسموعة أو الإعلانات التى تقام فى الطرقات العامة أو الأسطح أو واجهات العقارات أو غيرها من الأماكن وكذا التى توضع على وسائل النقل المختلفة والإعلانات التى تنشر فى الصحف والمجلات والتقاويم السنوية وكتب الدليل والكتب والكراسات والنشرات الدولية على اختلاف أنواعها. وأضافت المادة الرابعة فرض ضريبة دمغة نسبية مقدارها (واحد فى الألف) يتحملها المشترى، و(واحد فى الألف) يتحملها البائع وذلك على جميع عمليات شراء أو بيع الأوراق المالية مصرية كانت أو أجنبية. وقال عبد الحليم الجمال، النائب عن حزب النور، ووكيل أول اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى، معلقاً على حزمة التشريعات التى تدفع بها حكومة هشام قنديل إلى المجلس التشريعى: "إن هذه الحكومة قد استنفدت أغراضها وأنها يجب أن ترحل لأسباب كثيرة، منها على وجه الخصوص اختلال الأولويات فى أجندتها التشريعية التى جاءت فى أعمها الأغلب عبارة عن مجموعة من اتفاقيات القروض التى تكبّل الأجيال القادمة بمجموعة من الالتزامات التى كان من الممكن إذا وُجدت الإرادة السياسية أن تكون لها بدائل دون خطر على مستقبل هذه الأمة، خاصة إذا ما علمنا أن تكلفة القروض على الخزانة المصرية قد تجاوزت 25 % من اعتمادات الموازنة العامة للدولة، وهذا يعنى ببساطة أن ربع مقدرات هذا الوطن تنفق على سداد أقساط القروض وفوائدها، ذلك بالإضافة إلى مجموعة التعديلات فى التشريعات الضريبية التى شملت قانون ضريبة الدمغة وقانون الضريبة على الدخل وقانون الضريبة العامة على المبيعات وأيضاً التعديلات الجمركية وهذه التعديلات الضريبية والجمركية تضيف فى مجملها أعباء جديدة على كاهل فقراء هذا الوطن". وأضاف "الجمال" فى تصريحات خاصة ل"اليوم السابع"، أن أبناء الوطن كانوا ينتظرون من هذه الحكومة أن تتدخل بمجموعة تشريعات أخرى تتعلق بحياة الناس اليومية والتخفيف من معاناتهم كمشروع قانون الحد الأقصى وربطه بالحد الأدنى للأجور، لتحقيق أبرز مطالب الثورة، وهو العدالة الاجتماعية، بتقليل الفارق بين الذين يعيشون على قمة المجتمع وأولئك الذين يعيشون فى القاع، وأيضاً تشريعات ضم أرصدة الحسابات والصناديق الخاصة المفتوحة خارج الموازنة العامة للدولة إلى هذه الموازنة، حيث بلغت جملة أرصدتها بعد الإنفاق فى 30-6-2012،( 34.6 مليار جنيه)، وكذا التشريعات التى من شأنها إعادة هيكلة الدعم الذى يصل 60 مليار جنيه منه إلى غير مستحقيه، وفقاً للدراسات الاقتصادية الموثقة، فضلاً عن تطلعات الناس لتدخل تشريعى لإنهاء تعاقدات 36 ألف ممن عينهم النظام السابق تحت مسمى"المستشارين والخبراء الوطنيين" الذين شغلوا هذه المناصب بطريق الرشاوى السياسية أو المجاملة، إلا ما ندر منهم. ووفقاً ل"الجمال"، فقد واجهت هذه التعديلات تحفظاً كبيراً من نواب حزب النور، وقد تأسس اعتراض الحزب على مجموعة من الاعتبارات، أهمها، أن ظاهر هذه النصوص يوحى بأن هذه الأعباء الضريبية تقع على عاتق البنوك والمتعاملين معها من المستثمرين وذلك بالنسبة للتسهيلات الائتمانية والقروض والسلف، كما توحى هذه النصوص أيضا أن ضريبة الإعلان سيدفعها أصحاب المشروعات المروجة لمنتجاتها من السلع والخدمات، كما توحى نصوص القانون أيضاً أن البائع والمشترى للأوراق المالية هو الذى سيتحمل ضريبة الدمغة المفروضة على هذه التعاملات، ورغم أن هذه النصوص فى ظاهرها الرحمة إلا أنها تخفى فى باطنها العذاب، حيث إنه لا يخفى على اثنين من المهتمين بالشأن الاقتصادى أو المراقبين لحركة الأسواق أن تكلفة الضريبة فى كل الأحوال تدخل ضمن عناصر التسعير، وهذا يعنى بببساطة أن المستهلك النهائى للسلع والخدمات التى تنتجها المشروعات المستفيدة من التسهيلات الائتمانية ومن القروض ومن السلف، وكذلك المشروعات المعلنة لترويج هذه السلع والخدمات هو الذى سيدفع فى النهاية قيمة هذه الضريبة. وتابع "الجمال": "ذلك فضلاً عن أن فرض ضريبة دمغة على تعاملات الأوراق المالية فى ضوء الظروف التى تحيط بسوق المال المصرى والانخفاض الكبير فى قيم وأحجام التداولات، فى ظل المشهد الضبابى سياسياً واقتصادياً وأمنياً، سيكون عائقاً لجذب استثمارات جديدة، ذلك إذا علمنا أن ضريبة الدمغة المقترحة على التعاملات ستؤدى إلى زيادة الأعباء على المستثمرين بنسبة تتراوح بين 40 إلى 65% منسوبة إلى الأعباء الحالية، كما أن فرض هذه الضريبة من شأنه أن يُضعف القدرة التنافسية للبورصة المصرية، حيث إن كل دول المنطقة ومعظم الأسواق الناشئة تعفى التعاملات التى تتم داخل أسواق المال من أية ضرائب أو رسوم حفاظا على قيم التداول من التدهور"، مضيفاً: "ولا يخفى على أى مراقب أن الخروج المتوقع للمستثمرين وخاصة غير المصريين منهم سيؤدى إلى تدفق استثماراتهم إلى خارج البلاد والنتيجة ستكون استمرار تآكل احتياطيات النقد الأجنبى". وأشار وكيل أول اللجنة الاقتصادية، إلى أن حزب النور يتوجس من أن تكون هذه التعديلات جزءا من مجموعة أخرى من التعديلات يُقصد منها التأثير على البرنامج الاقتصادى والاجتماعى المصرى بناء على توجيهات صندوق النقد الدولى لتمرير القرض الذى تتفاوض مصر عليه منذ حكومة عصام شرف، والبالغ 4.8 مليار دولار، مضيفاً: "إذا كان الأمر كذلك فنحن نرى أنه كان من المناسب عرض حزمة التعديلات مجتمعة على نواب الشعب حتى يتسنى لهم دراسة القرض والتعديلات معاً، مع ملاحظة التحفظ المبدئى لحزب النور على هذه القروض لاعتقاده أن مؤسسات التمويل الدولية ليست مؤسسات مالية خالصة وإنما هى مؤسسات ذات توجه سياسى قد يؤثر على إرادة الأمة وعلى حرية قرارها الاقتصادى". وأوضح "الجمال"، أنه إذا لم تكن هذه التعديلات مرتبطة بتمرير قرض صندوق النقد الدولى، فإن حزب النور لا يرى أنه من المناسب تصدى مجلس الشورى لأى تشريعات تضيف أعباء اقتصادية جديدة على أى شريحة من شرائح المجتمع، خاصة فى ظل اتفاق الحوار الوطنى على اقتصار دور مجلس الشورى على إصدار القوانين الملحّة والعاجلة، فضلاً عن حاجة القوانين التى تدفعها حكومة هشام قنديل إلى مجلس الشورى لحوار مجتمعى ونقاش واسع من القوى الوطنية وطوائف الشعب.