جلسنا نتدارس شخصيات «فيتو» وطريقة «فيتو» فى تناول الأحداث .. لم نرهق أنفسنا فى النظريات .. ولم نبحث فى الاستراتيجيات، ولأن كل من يذهب إلى الاستاد إنما يذهب لكى يرى المباراة، فقد آثرنا أن يذهب محرر «فيتو» لكى لا يرى المباراة .. ليصبح مطلوبا منه أن يرى كل شىء إلا المباراة. كاميرات المصورين عادة ما تعيش أسيرة الضوء .. بدون الضوء لا تكون الصورة .. ولكن هل رأيتم مصوراً استطاع أن ينقل لنا صورة واضحة لآلام أم فقدت وليدها فى ميادين التحرير .. «فيتو» تبحث فيما هو أبعد من صور الضوء .. «فيتو» سينقل لكم مساحات بعيدة عن كاميرات المصورين. ولأن الحكمة العربية تقول «لسانك أسد إذا أطلقته أكلك» فإننا لن نطلق ألسنتنا بغير الحق، ولن نطلقها قبل ترويضها ذلك الترويض الذى نحتاج إليه اليوم فى ساحة السياسة أكثر من حاجة أولاد الحلو لترويض أسد جارح. ومن أجل ذلك عكف زملاؤنا على إنشاء شخصيات كارتونية قادرة على النفاذ إلى ما هو أبعد من تصورات وقدرات أعتى الصحفيين وأكثرهم قدرة على القدح والذم، فابتنوا صفحات تحت أسماء صادمة أحيانا ومجنونة فى أحايين أخرى. زميلنا عبد العزيز السباعى لا يزال يجلس خلف «شوافته» ممعنا فى قراءة الصحف، ليقدم لنا صفحته اللاذعة «الرأى وملعون أبو الرأى الآخر» على خلاف كل صحف العالم التى تتغنى عادة بتبنيها للرأى والرأى الآخر، دون أن تمارسه بحيادية، فى حين يعقد صديقنا حسن شاهين اجتماعه اليومى مع أعضاء صفحة درب الفشارين التى ترفع شعار «لسان حال أحفاد أبو لمعة» لنلتقى بأشخاص نراهم يوميا فى حياتنا .. «أبو طقة» و«سحلول القاضى» و«سطوطة» و«عرفة بستلة» و«قاعود الجمل«. «أبو يكح الجوسقى» واحد من كتاب «فيتو» المتميزين جاء إلينا من عصر ولى، غير أنه لا يكتب قبل أن يحتسى كأسين من البوظة التى كانت واحدة من أهم صناعات «درب المهابيل» فى الوقت الذى يغوص فيه زملاء آخرون داخل أعماق «مناخوليا» تحت شعار أصحاب العقول فى راحة، حيث يطل علينا «عبده المهللاتى» الذى يهلل لكل صغيرة أو كبيرة، حيث يواجهه «سيكة المقللاتى» بوجهة نظر تستطيع أن تخسف بأى إنجاز سابع أرض، وطنيا كان أو شخصيا، ومن تحتهما «أول برنامج توك شو حيوانى» تحت اسم «الغيط غيطك» حيث تطل علينا الحمير والقرود والضفادع فى حوارات ممتعة، لا تقل إثارة عن غموض الطرف الثالث فى جرائم ما بعد الثورة. أما صديقنا «مختار محمود» فإنه قليلا ما يبتسم خشية ألا يستطيع العودة مرة أخرى لتكشيرته التى يصعب عليه فراقها.. ربما لانشغاله بإعادة الحياة مرة أخرى لمفكرين وسياسيين ومبدعين فارقوا الحياة .. يعيدهم «مختار» إلى عصرنا ويناقشهم فيما نمر به من مواقف وأزمات .. فى هذا العدد أعاد الفيلسوف الشاعر «أبا العلاء المعرى» وأجرى معه حوارا رائعا حول الثورة السورية، والموقف المتأزم فى دمشق. .. أحمد نصير يمر بسحر قلمه على صفحات رسم ملامحها المبدع «محمود الغول» ليصدرا لنا معزوفة على الورق أشبه بأزهار الفردوس الأدبى قبل أن تكون عملا صحفيا مرموقا، وعلى الطرف الآخر يمضى صديقنا عامر محمود ممسكا بسيجار من النوع النادر، ويده الأخرى تتحسس مبسما خصوصيا للشيشة التى أدمنها وهو يقدم العون الصحفى المتميز لجيل جديد جاء إلينا ليتحمل معنا آلام الحلم فى تجربة مختلفة فى عصر رتيب .. مكرر .. مملل .. تتشابه أحداثه اليومية مثل مسلسل يعاد فى اليوم مائة مرة. وحيد حلمى الذى يحمل على كتفيه تجربة سنوات طويلة صال فيها صحفيا وجال يتنقل بيننا فى حيوية يحسده عليها شبان فى العشرين .. ومحمد حسن جراح الكاريكاتير العالمى يلقى بريشته فيصنع خطوطا تأخذ الألباب وتلقى بها فى بؤرة الذاكرة الصاحية، فتنعشها وتعيد إليها حيوية المتعة .. يتعلم الفنان خضر حسن صنوفا من القفز فوق الأشواك يوميا وفاطمة حسن عن يمينه وأحمد قاعود عن شماله ينافسان بقوة .. يتلاعبون بحيوية الريشة وغموض الألوان. .. فى الصحافة أقلام تحيض وأخرى تبيض .. وثالثة تلد جنينا لا يموت ..جنينا يحمل أدوات الاستشفاء بين أنامله .. من هؤلاء زميلنا محمد عبد الفتاح الذى يغوض فى عالم الجريمة فيبكيك على قاتل بعد أن يكشف لك كيف هو ضحية، ويخيفك من نفسك عندما يطارد فيك وسوسة شيطان رجيم يحولك فى ثانية إلى واحد من أبطال قصصه .. محمد يحرر المحضر بزهر قلمه لا بدم التيسير على الناس. وإذا وجدت مترجلا من خلفه يسير شباب ناظرين إليه باعتباره رمزا صحفيا لهم فأنت أمام أحمد الجهينى .. صحفى يتألم ضعف آلام القلم، ويرسم على ملامحك نصف آمال البشرية ليحتفظ بين أساريره بالنصف الآخر .. وعندما يستأسد صوت الإحجام ويتعملق حس النفاق ويصبح الحق بلا لسان فليس أمامك إلا أن تلجأ إلى مساحة من صفاء الريف فى فيلم الأرض ووجه البطل الأسطورى فى مشاهد فيلم تمر حنة .. باختصار ليس أمامك إلا براح زكريا خضر أو طيبة قلب عماد بحيرى، أو وداعة سيد حمودة.. زغلول صيام كعادته دائماً عائد تواً وهو يحمل في جعبته سيلاً من الأسرار.. يشخط في الجميع إلا رجاله فى القسم الرياضى يمارس السيادة على الكبار فقط.. كثيرون هم أهل فيتو، لا يسع المجال لذكرهم .. تستطيع أن تراهم فى «وشوش الخلق» .. فى المقاهى .. فى الشوارع والحوارى .. قى القرى والنجوع .. فى صخب المدن وهدوء الضواحى