تحت عنوان ماذا تبقى منهم للتاريخ ؟ كتب الشاعر صلاح عبدالصبور مقالا بمجلة روزاليوسف أغسطس1961 يقول فيه: كثير من القراء لا يعرفون لطه حسين من القصص إلا «دعاء الكراون» التي أصدرها عام 1934 وقصة «المعذبون في الأرض» التي صدرت عام 1949 مع أن مؤلفات طه حسين القصصية كثيرة تفوق في العدد قصص توفيق الحكيم مثلًا. إن لطه حسين إلى جانب هاتين القصتين قصص الحب الضائع، شجرة البؤس، أديب، أحلام شهر زاد، الوعد الحق، هذا إذا اعتبرنا الأيام ترجمة ذاتية ليست وثيقة الصلة لفن القصة. رغم ذلك فإن طه حسين ليس صاحب جاه في فن القصة المعاصر ،والمؤرخ للقصة العربية لا يقف كثيرًا عند قصص طه حسين ولكن خرج معظم القصاصين المصريين من معطف توفيق الحكيم لا من عباءة طه حسين وتأثروا بعودة الروح ولم يتأثروا بدعاء الكروان رغم أن زمن صدورهما واحدًا، والغريب أن الحكيم حين أصدر قصته عودة الروح لم يكن شيئًا مذكورًا عام 1933 بينما كان طه حسين في أوج مجده الأدبى كاتبًا سياسيًا كبيرًا واستاذًا جامعيًا. السبب في ذلك أن دعاء الكروان ليست قصة بمعنى القصة إلى جانب انها ليست قصة مصرية خالصة وأسلوب القصة فيها أقرب إلى أسلوب الشعر العربى القديم فطه حسين لا يقدم الجملة السهلة بل يتخير أرشق العبارة وأبلغ الألفاظ وإن جملته جميلة لكنه جمالها زآئف لأن قصة الانتقام بالحب تقوم على فكرة غير محلية بل هي باريسية صرفة برغم البيئة الصحراوية والاسماء التي اختارها المؤلف وبذلك لم يستطيع دعاء الكروان أن تحلق أبعد من السنة التي ظهرت فيها. لكن تدل رواية دعاء الكروان على اتجاه طه حسين الثقافى فهو يضع قدمًا في الأزهر الشريف والقدم الأخرى في باريس وللأسف لم يستطع أن يخطو بقدميه معًا ونفس الحال في رواية «الحب الضائع». لكن أقول أن الناقد قد يظلم طه حسين عندما يقف عند هاتين القصتين - دعاء الكروان والحب الضائع - ومن الانصاف أن يعرض لبعض قصصه الأخرى وأهمها في رأىى «أديب» فهى أقرب أعماله القصصية إلى الفن القصصى.