رغم فشل محاولات الاستقطاب المستميتة من جانب جماعة الإخوان وذراعها السياسية «الحرية والعدالة» في سبيل تقسيم الشارع المصري، لكنها وجدت لها صدى داخل تيار اليسار لتأجيج الصراع بين فصائله المختلفة. وفيما يشبه المناظرة الشهيرة بين مرشحي الرئاسة السابقين الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وعمرو موسي التي تلخصت في وصف الأول بأنه إخوانى والثانى بأنه فلول، جاء الخلاف بين فصائل اليسار وعلي رأسها حركة الاشتراكيين الثوريين التي صنفت ضمن المتأخونين، واتحاد الشباب الاشتراكي وحزب التجمع المتهمة بالتحالف مع فلول الوطنى المنحل. الصراع بلغ ذروته بعد إفطار هيثم محمدين - القيادي بحركة الاشتراكيين الثوريين - في اعتصام مؤيدي الرئيس المعزول برابعة العدوية أول أيام رمضان مع عدد من النشطاء السياسيين منهم قيادات بحركة شباب 6 أبريل، وهو ما فتح الباب على مصراعيه لصراع كان موقع «الفيس بوك» ميدانا له، حيث شنت عدة صفحات هجومًا حادا على محمدين والاشتراكيين الثوريين معتبرة هذا الإفطار دليل على التعاون مع الإخوان، بل واتهمت الحركة بالتعامل مع حزب «دعم» الإسرائيلي. أحداث الحرس الجمهوري كانت سببا آخر للخلاف، حيث اتخذت حركة الاشتراكيين الثوريين مسار اتهام الجيش قبل التحقيق في وقائع ما جرى، وأصدرت بيانا قالت فيه» الجيش تدخل في المشهد السياسي مرتكبا مجزرة دموية قتل فيها عشرات وأصاب مئات من الإسلاميين أثناء فض اعتصامهم أمام مقر الحرس الجمهوري، والمؤسسة العسكرية اليوم تقمع الإسلاميين بعنف وشراسة، وبرغم جرائم الإخوان المسلمين بتحريض من قياداتهم، لا يمكن أن تنتابنا البهجة من هذه المذبحة؛ فقد ارتكبت يد العسكر من قبل نفس الغدر بالثوار «. ويبدو أن الخلاف كانت جذوره أقدم من ذلك، بداية مع اختيار عدد من أعضاء الحركة تأييد المرشح ذي الخلفية الإسلامية الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح في الانتخابات الرئاسية، وعلي رأسهم الدكتورة رباب المهدي أحد الوجوه البارزة للحملة، وزاد الأمر سوءا اختيار الحركة وقتها المرشح الإخوانى محمد مرسي رغم تفضيل أغلب فصائل اليسار للمقاطعة، ما تسبب في خلافات داخل الحركة نفسها. مواقف حركة الاشتراكيين الثوريين رد عليها تنظيم اليسار الثوري بإصدار بيان اعتبر فيه الحركة تنظيما خائنا لمصر والثورة، وأن مساندتها لحزب «دعم» الصهيوني تجعل محاربته واجبا ثوريا، متهمًا الحركة بأنها بوابة اختراق جماعة الإخوان لليسار المصري. فيما شنت صفحة «قهوة الاشتراكيين» - إحدى الصفحات الناطقة بلسان اليسار - هجومًا حاد على الحركة، واعتبرتها فلول الإخوان، حيث كتبت «هم فقط تنظيمين في مصر، يرون السيسي خائنا، ويرون ما حدث انقلابا عسكريا، يشوهون الجيش الوطني ويخونونه، ويحزنون على شرعية زائفة يرون أنها متمثلة في مرسي المعزول.. يكرهون السيسي، لأنه انحاز للملايين، وأطاح بالرئيس الإخواني الفاشي.. هم الوحيدون الذين يحاولون تشويه الإنجاز، وتصوير أن الملايين التي خرجت ضد الإخوان مناصرو النظام القديم.. هما الاشتراكيون الثوريون وجماعة الإخوان «. الطامة الكبرى جاءت في توقيع عدد من أعضاء الحركة على بيان ضمن عدد من الشخصيات العامة للمطالبة بالمصالحة الوطنية وعدم «شيطنة» فصيل سياسي بعينه في إشارة إلى جماعة الإخوان، والدعوة إلى إجراء تعديلات على الإعلان الدستوري خلال 60 يومًا وقبول الاقتراحات من كافة القوى السياسية، وإجراء انتخابات رئاسية في موعد أقصاه 3 شهور، ما يعني إجراء الانتخابات قبل وضع الدستور، وهي نقطة خلافية بين القوى السياسية منذ التعديلات الدستورية في مارس 2011، إلا أن الأزمة كانت في ضم المرشح السابق للانتخابات الرئاسية خالد على لجبهة اليسار المتأخون بتوقيعه على هذا البيان. عضو اتحاد الشباب الاشتراكي أحمد مصطفي أكد أن بداية تحالف الاشتراكيين الثوريين وجماعة الإخوان جاء قبل الثورة، بعد إعلان التحالف مع الإخوان المسلمين في انتخابات مجلس الشعب عام 2005، وبعدها توالت المواقف المخزية في هذا الاتجاه، ويكفى أن سامح نجيب - أحد أهم أعضاء الاشتراكيين الثوريين في 2007 - وصف خيرت الشاطر ب «المناضل «، إلى أن جاءت جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة التي اختارت أغلب التيارات الثورية فيها المقاطعة، إلا أن الاشتراكيين الثوريين كالعادة أعلنوا دعمهم المرشح الإخوانى محمد مرسي، ما دفع المناضل اليسارى كمال خليل إلى الانسحاب من الحركة. ولفت مصطفي إلى أن مواقف الحركة طوال الوقت تخدم بشكل أو بأخر مصالح الإخوان، ومنها الهجوم غير المبرر على القوات المسلحة على عكس موقفها من تكريم الرئيس المعزول محمد مرسي للمشير طنطاوى والفريق سامى عنان ومنحهما الخروج الآمن.