الخريجون الجدد: لحظات الفخر في ذكرى النصر    خلال ساعات.. قطع المياه عن بعض المناطق بالقاهرة (تفاصيل)    «خارجية الشيوخ»: العلاقات المصرية الإماراتية هي الأقوى في المنطقة    مباحثات خليجية إيرانية تؤكد ضرورة الحفاظ على سلامة واستقرار المنطقة    يحيى الدرع يقود فيزبريم للتتويج بمونديال اليد على حساب ماجديبورج    كلب ضال يعقر 7 اطفال بمدينة الفيوم (تفاصيل)    إطلاق الإعلان التشويقي لفيلم "الفستان الأبيض" وعرضه بمهرجان الجونة 30 أكتوبر    ضبط 17 مخبزا مخالفا في حملة على المخابز في كفر الدوار    سعود عبدالحميد أساسيًا في تشكيل روما لمباراة إلفسبورج بالدوري الأوروبي    إجراء 47 قسطرة قلبية وتركيب منظم ودعامات لحالات جلطات حادة بمستشفى الزقازيق العام    بيان مهم بشأن حالة الطقس غدًا الجمعة.. والأرصاد تحذر من ظاهرة جوية تضرب البلاد (تفاصيل)    المؤتمر: مبادرات الدولة المصرية بملف الإسكان تستهدف تحقيق رؤية مصر 2030    ممدوح عباس يهاجم مجلس إدارة الزمالك    افتتاح فعاليات الندوة العلمية الموازية لمهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    إيمان العاصي تكشف عن مفاجأة في الحلقات القادمة من مسلسل برغم القانون    أمين الفتوى: الاعتداء على حريات الآخرين ومجاوزة الحدود من المحرمات    دينا الرفاعي وجهاز الفراعنة تحت 20 عاما يحضرون مباراة وادي دجلة والطيران (صور)    قافلة طبية لأهالي «القايات» في المنيا.. والكشف على 520 مواطنًا    أمين عام الناتو يزور أوكرانيا ويقول إنها أصبحت أقرب لعضوية الحلف    "القاهرة الإخبارية": الحكومة البريطانية تطالب رعاياها بالخروج الفورى من لبنان    تكريم أوائل الطلاب بالشهادات الأزهرية ومعاهد القراءات بأسوان    3 وزراء يفتتحون مركزًا لاستقبال الأطفال بمقر "العدل"    صندوق النقد الدولي يؤكد إجراء المراجعة الرابعة للاقتصاد المصري خلال الأشهر المقبلة    لهذا السبب.. منى جبر تتصدر تريند "جوجل"    «الثقافة» تناقش توظيف فنون الحركة في فرق الرقص الشعبي بمهرجان الإسماعيلية    مصر تعيش بروح أكتوبر    موتا: الشجاعة منحتنا الفوز على لايبزج    اقتحمناه في 4 ساعات.. اللواء محمد فكري: معركة "جبل المر" أصابت العدو بالذعر    افتتاح المؤتمر الدولي السابع والعشرون لأمراض النساء والتوليد بجامعة عين شمس    رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد احتفال المستشفى الأمريكي بطنطا بمرور 125 عامًا على تأسيسها    حكم صلة الرحم إذا كانت أخلاقهم سيئة.. «الإفتاء» توضح    أضف إلى معلوماتك الدينية| فضل صلاة الضحى    سفير السويد: نسعى لإقامة شراكات دائمة وموسعة مع مصر في مجال الرعاية الصحية    لطفي لبيب عن نصر أكتوبر: بعد عودتي من الحرب والدتي صغرت 50 سنة    إصابة شاب بسبب خلافات الجيرة بسوهاج    مصرف «أبو ظبي الإسلامي- مصر ADIB-Egypt» يفتتح الفرع ال71 بمدينتي    تأهل علي فرج وهانيا الحمامي لنصف نهائي بطولة قطر للإسكواش    تعديلات قطارات السكك الحديدية 2024.. على خطوط الوجه البحرى    العرض العالمي الأول لفيلم المخرجة أماني جعفر "تهليلة" بمهرجان أميتي الدولي للأفلام القصيرة    باحث: الدولة تريد تحقيق التوزان الاجتماعي بتطبيق الدعم النقدي    الرئيس السيسي يستقبل رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بمطار القاهرة    ألفاظ نابية أمام الطالبات.. القصة الكاملة لأزمة دكتور حقوق المنوفية؟    رئيس الوزراء ورئيس ولاية بافاريا الألمانية يترأسان جلسة مباحثات مُوسّعة لبحث التعاون المشترك    تعدد الزوجات حرام في هذه الحالة .. داعية يفجر مفاجأة    بيراميدز يخوض معسكر الإعداد فى تركيا    منها «الصبر».. 3 صفات تكشف طبيعة شخصية برج الثور    محافظ الغربية يبحث سبل التعاون للاستفادة من الأصول المملوكة للرى    اتفاق بين منتخب فرنسا والريال يُبعد مبابي عن معسكر الديوك في أكتوبر    الأمن يكشف لغز العثور على جثة حارس ورشة إصلاح سيارات مكبل في البحيرة    مجلس الشيوخ.. رصيد ضخم من الإنجازات ومستودع حكمة في معالجة القضايا    وزير الخارجية السعودي: لا علاقات مع إسرائيل قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة    ضبط 17 مليون جنيه حصيلة قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    الصحة: تطعيم الأطفال إجباريا ضد 10 أمراض وجميع التطعيمات آمنة    نائب وزير الصحة يوصي بسرعة تطوير 252 وحدة رعاية أولية قبل نهاية أكتوبر    مركز الأزهر للفتوى يوضح أنواع صدقة التطوع    بالفيديو.. استمرار القصف الإسرائيلي ومحاولات التسلل بلبنان    الحالة المرورية اليوم الخميس.. سيولة في صلاح سالم    أستون فيلا يعطل ماكينة ميونخ.. بايرن يتذوق الهزيمة الأولى في دوري الأبطال بعد 147 يومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطرح الملعون(1)
نشر في فيتو يوم 03 - 03 - 2020

لم تكن "العمَّة مَحضيَة" هى آخر أصوات البسطاء التى جاءت من الجنوب.. محمولة على ظهر النهر الخالد.. الذى كان ولا يزال يتدفق من الجنوب محملاً بالخير والحب والوجع!
محمد والمسيح
الثلاثاء 11 فبراير 2020
ماركة قديمة
الثلاثاء 4 فبراير 2020

لقد عاشت قريتنا البسيطة على ما يجود به النهر من ماء وطمى وأسماك.. وعلى ما جاد به النهر تحددت أنماط معيشتهم.. فعملوا بالنهار فى مهنة الزراعة، وبالليل احترفوا مهنة الصيد.. وكانوا لا يطرقون أبوابه سوى فى الليل، يفردون شباكهم فى باطنه.. كأنهم يُجرُون فى جسده عملية جراحية ماهرة.. وكأنهم على يقين بأن النيل كائن ٌبشرى.. يشعر ويفرح ويتألم، ويصحو وينام.. ولكن أحشاءه دائما واعية.. وكأن علاقتهم بالنيل علاقة معشوقَين.. لا يشعرون بسحر اللقاء سوى فى المساء!

عشنا جميعا على أحدِ شاطئيهِ.. إلا عم "حسين النُص" فقد عاش ممتطياً ظهره حتى الموت.. فى جزيرة لا تتجاوز مساحتها بضع قراريط من الأرض، تسمى "بادية " تحيطها ماء النهر من كافة نواحيها.. ظهرت بعد بناء السد العالى.. حين انحسرَ ماءُ النهرِ وقلَ طميُه.. وبدأت تظهر فى باطن النهر جُزرٌ صغيرة وعلى جوانبه.. كانت تلك الجزر بمثابة ذريعة للاقتِتال بين العائلات، فبعد أن كانوا يُسَمُونَها جزيرة طرح النهر، صاروا يُسمُونها جزيرة "طرح الدم" أو جزيرة "المسحور"!

اقرأ أيضا: عشة العمة محضية

لم تكن حِكاية عَم حسين النص عادية كحكايا الجزيرة التى كان نسكُنُها.. فقد كانت حياته مليئة بالمواقف التى عادة ما كان السِحرُ والجنُ أطرافاً أساسيبن فيها.. وكانت حكايتُه مع "المَسحُور" أشهر حكايانا المتداولة فى الصِغر.. حكاية ذلك الرجل القصير الذى اصطحبَ المَسحُور أُختَهُ ثم أبيه فى رحلة إلى قاع النهر.. ولم يعودا منها إلا جثة هامدة!

لقد أفقد المَسحُورُ عم حسين كل شيء.. فلم يُبقِ له من ماضيه سوى نخلتَه اليافعة، وحماره الأزعر.. فبعد أن ماتت أمه وغرق أبوه وأخته، رحل أخوه الأكبر "حسن " هارباً من مصيره المحتوم، على يد الرجل المَسحُور!

لم تنسَ قريتنا ذلك اليوم الذى عاده فيه الفتى حسين -الذى لم يتجاوز عمره العشرين عاما- من السوق، ليفاجأ باختفاء أبيه.. ذلك الحدث الذى جدد في عم حسين وجيعة اختفاء أخته "سُبَيكَة".. والجاني فى الحالتين كان واحداً.. هو المَسحُور!

اقرأ أيضا: سياسات الإصلاح فى مصر.. هل نجحت؟!

و"المَسحُورُ " هو فى طبيعته رجلٌ غَضِبت منه زوجته؛ فأعَدَّت له سحرا، جعله يتحول إلى "كائنٍ مَائِي" لا يمكنه العيش سوى فى قاعِ النهر.. وعادة ما يخرج المسحور فى المساء؛ ليصطاد ضحاياه من البشر.. وكأنه منذ سكن النهر قد قرر الانتقام من بنى البشر.. لم تحدثنا حَكايا النهر عن الطعام الذى يفضله المسحور فى عيشته الثانية.. لكنها أخبرتنا بأنه كان رجلاً طيبا.. حوله جبروتُ امرأةٍ إلى شيطانٍ مُنتقم!

وإذا أرادت زوجته أن تعيده ثانية إلى حياته الأولى.. أولاً كان عليها ألا تجعله يظل فى النهر أكثرمن أربعين ليلة متتالية.. وثانياً عليها أن تحمل إليه زوجاً من الحمام، الأول نيئا والثاني مطبوخا، وتذهب بهما إلى شاطئ النهر.. وتقف فى نفس المكان الذى ألقت فيه السحر.. ثم تنادى عليه مُكنَّى باسم أُمِهِ.. وما إن تراه الزوجة حتى تقدم إليه زوج الحمام.. فإن فضل الفرد المطبوخ على النيئ؛ اصطحبته معها إلى البيت.. أما إذا فضل العكس واختار الفرد النيئ.. فقد علمت الزوجة بأن زوجها قد صار وحشاً، ولا أمل فى عودته إلى سيرته الأولى ثانية!

اقرأ أيضا: البسطاء.. وحكايا النهر!

هرب الجميع من الجزيرة التى يسكنها المسحور، وصارت أجود أراضيهم بورا.. إلا حسين ذلك الفتى الذى اعتقله الحزن على أخته وأبيه بين شواطئ الجزيرة الأربعة.. وأصبح طموحه الوحيد هو الخلاص من المسحور!

وحين كان يُسأل عن امتناعه عن الزواج يجيب: بأنه لن يتزوج إلا إذا حررَ النهرَ من المسحور.. وكان يقول بأنه قدر هذه الجزيرة أو هى قدره.. والمسحور قدر الإثنين!، حسبتُ الخلاص منه سهلا.. حسبته قريبا.. وجعله القدر بعيداً بعد نهاية العمر!

لن أنجب أطفالا للموت.. لن آتى بامرأة تشاركنى الوجع.. المسحور قدرى وحدى. ولن تتخلص الجزيرة من بوارها إلا بالخلاص منه.. فإذا كان المسحور رجل سحرته امرأة.. فأنا رجل سحرته رائحة النهر.. لن أعود الى حياتكم إلا إذا استرد النيل أمانته!

اقرأ أيضا: عم غتاتة!

عاش "عم حسين النُص" فى الجزيرة على هيئةِ مَسحُور لم يقص شعره ولم يحلق ذقنه وحتى لم يقلم أظافره.. يحمل فى يده عصا عَوجَاءٌ من الحديد.. مُدَبَبٌ سِنُهَا.. يتوكأ عليها.. ولم تفارق يده حتى فى لحظات النوم.. التى لم تتكرر كثيراً.. وكأنه عاش عمره فى وضع استعداد دائم لمعركة مرتقبة مع المسحور، ربما لن تحدث!

يقضى ليلَه فى زراعةِ "الجُوبية" فى النهر.. و"الجُوبية" هى صندوق مُفرغُ من السِلك، مصنوعة خِصيصاً لاصطياد الأسماك.. وحين تطل على الجزيرة الشمس بوجهها الصبيح؛ يأتى تاجر الأسماك ليقايضه الأسماك ببعضِ "أرغفة" الخبز الطازج وبعض أقراص "الطعمية" الساخنة.. إذ قرر "عم حسين" آلا يغادر جزيرته إلا برأس المسحور.. ونكمل فى المقال القادم
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.