« تتعجب من وحدتي ، وكذلك تتعجب أختي بشدة فهي تعتقد أنني أعيش قصة حب وهي الوحيدة التي لا تعلم . تجلس حتى الصباح تحادثني عن معاناتها في افتقاد الحب و تسألني بكل بساطة : انتي معندكيش احساس خالص كده ، انتي موش ست زينا و لا ايه ؟ .دائما ما أقابل كل صديقة علي حدة ، ويسألنني نفس السؤال : ايه مفيش حد .. هتترهبني و لا ايه ؟ تزيد التساؤلات كلما دخلت إحداهن في حكاية أو خرجت منها : ما معني أن تعيشي هكذا دون رجل تحكين عنه .. فعل وفعل و قال و قال ...إن الموت هو المرادف للحياة دون شريك . نعم نعم .. فليهدأ الجميع .. أنا أعاني حقا من افتقاد شريك ، أعاني من افتقاد أنفاس دافئة علي فراشي البارد ، أفتقد أن يهزني أحد إذا ما نمت متعبة ليتأكد أنني تمام . أفتقد لنظرة رومانسية في ليل الشتاء وضمة علي الأريكة الكبيرة أمام برنامج ممل نتبادل خلاله شجارا ينتهي بان أذهب إلي غرفتي فيلحق بي و....» بلغة عذبة ، آسرة ، تستمد سطوتها من فرط بساطتها و صدقها تكتب الروائية سها زكي فصول كتابها الممتع « وجع الأغاني – من يوميات الوحدة لأميرة الحكايات « الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة . الكتاب يقع في المنطقة الوسطي بين القصة القصيرة و الخواطر الأدبية و اليوميات لذا فضلت المؤلفة أن تسميه « نصوص « . لكن بعيدا عن الشكل ، يظل الأهم هو كل هذا الأنين و الوجع لأنثى تغزل ثوب الوحدة و تصنع من يوميات الرتابة و التكرار و برودة القلوب لوحة فنية ساخنة الألوان ! السؤال الأساسي الذي تطرحه النصوص : لماذا تصبح الوحدة عنوانا لحياة أنثوية رتيبة تخلو من البهجة و دفء المشاعر ؟ الإجابة تأتي في نص « رعشة « : هي تريد ارتعاشة الحب دون سعي أو تحايل ، نظرة و لهانة من عينيه لا استجلاب للوهم ، تريد من يضمها بحنان إلي صدره . الحب لا يتم استجلابه حتى لو اتحدت كل تعاويذ السحرة لجلبه . يظل كذبة صغيرة إلي أن ينفك السحر و يفيق المسحور . هي لا تريد حبيبا مرتبكا يراها بعين مسحورة ، بل تريده هادئا يقرر بكامل إرادته أن ينعم باحتضانها إلي الأبد.......!