تساءل الرئيس أوباما مستغربا بعد تفجيرات بوسطن قائلا « لماذا لجأ هذان الشابان اللذان نشآ ودرسا هنا فى مدننا وفى بلادنا إلى هذا العنف؟» سؤال أوباما منطقى جدا لو كنا نتحدث عن الإرهاب العادى وليس الإرهاب الأيدولوجى.. الإرهاب الجهادى هو إرهاب أيدولوجى ليس له علاقة بالمنطق أو بالأسباب أو بالعقل، هو انعكاس لجنون الكراهية الأيدولوجية، وفى هذه الحالة يصبح سؤال أوباما مؤذيا لأمريكا، لأن مثل هذا التفكير والتشخيص الخاطئ لطبيعة هذا الإرهاب ستقود حتما لحلول خاطئة تطيل عمر هذا الإرهاب فى أمريكا.. لم يتساءل أوباما عن عدد العمليات الإرهابية أو المحاولات الجادة لعمل إرهابى والتى تمت فى عهده، وهى وفقا لرصد برجريت جبريال رئيسة «أكت فور أمريكا» هى 226 عملية إرهابية منها 186 عملية تورط فيها مسلمون فى أمريكا بنسبة 82%، أى أنه أقل من 1% من سكان أمريكا تورطوا فى أكثر من 80% من العمليات الإرهابية، وأغلبهم لم يكن ينقصه شىء فى أمريكا.. خذ مثلا الأخوان تسارناييف جاءا إلى الولاياتالمتحدة وعمرهما على التوالى 16 سنة و9 سنوات، أى فى سن يمثل أخصب فترات الاندماج والتفاعل مع المجتمع الجديد، وحصلا على تعليم مجانى فى أرقى المدارس والجامعات، وتزوج الشقيق الأكبر من فتاة أمريكية جميلة وحولها للإسلام وأنجبت له طفلة عمرها ثلاث سنوات، وكانت تعمل وتنفق عليه، أما هو فكان يمتلك سيارة مرسيدس ولا يعمل بل يحصل على معونات اجتماعية من الحكومة وكوبونات الغذاء ومعونة خاصة لكونه يتدرب على الملاكمة.. شاب فى فورة الرجولة يجلس فى بيته رافضا العمل متسكعا بين المواقع الجهادية وزوجته والحكومة ينفقان عليه!!!!. إن الإرهاب الأيدولوجى يسقط كل النظريات الكلاسيكية، وفى حالة الشقيقين سقطت فروض كثيرة، سقطت نظرية الاندماج وبوتقة الانصهار، فرغم سنهما الصغير وإجادتهما للإنجليزية إلا أنهما فضلا الانعزال فى «جيتو» نفسى جهادى يعادى المجتمع.. وسقطت نظرية الاحتضان، بمعنى أن يتكفل المجتمع الجديد بتوفير كل سبل الراحة للوافدين، وقد حدث ذلك مع الشقيقين ولكنهما أمام قوة غسيل المخ الأيدولوجى لم يشعرا بأى امتنان للمجتمع الذى قدم لهما كل سبل الراحة.. وسقطت نظرية الأسباب السياسية للإرهاب، فأمريكا لا تعادى الشيشان بل على العكس تقف فى صفها ضد روسيا، ودائما تدين التقارير الأمريكية المختلفة العنف الروسى المفرط فى الشيشان.. وسقطت نظرية عزل الإرهابيين جغرافيا، فالأخوان تسارناييف اعتنقا العقيدة الجهادية عبر الإنترنت، وتعرفا على شيوخ التطرف من استراليا إلى اليمن إلى أفغانستان إلى بوسطن من خلال الشبكة العنكبوتية عبر ما يسمى بالإرهاب المعولم.. وسقطت نظرية إلهاء الإسلاميين عن الغرب بإشراكهم فى الحكم كما حدث فيما يسمى بالربيع العربى، فلم تمض ساعات على العمل الإرهابى فى بوسطن إلا وخرج عصام العريان يبرر هذا الإرهاب بهجوم الغرب على مالى، وبعدها بيومين تم تفجير سفارة فرنسا فى ليبيا وكأنه كان يعطى إشارة التفجير، وكأن سيطرة جماعة إرهابية على مالى هو عمل مشروع فى فكر عصام العريان وشركائه الأيدولوجيين. وسقطت نظرية الثأر من أمريكا، فلم يكن هناك ما يدعو الشقيقين للثأر من دولة هما اختاراها هربا من جحيم الحروب الأهلية فى بلادهما.. وحتى الغرائز الإنسانية الطبيعية سقطت أمام هذا الإرهاب الأيدولوجى، فكيف يتسنى لأب طفلته لا تتجاوز ثلاثة أعوام أن يقترف هذا العمل الإجرامى وهو يعلم أن هذا العمل سيقوده حتما إلى الموت أو السجن؟ لماذا لم تتحرك لديه مشاعر الإبوة ومسئولياتها مثل البشر الطبيعيين؟!