مدينة الإسكندرية التى يطلق عليها «عروس البحر المتوسط»، كانت نموذجًا للجمال والرقى، ومقصدًا للعديد من المصريين والأجانب، لكن تبدل حالها الآن، وأصبح يسر العدو ويؤلم الحبيب، فقد غاب الأمن، وانتشرت جرائم العنف والبلطجة، أما جمال المدينة فقد تبدل قبحًا، حتى الصناعات التقليدية التى اشتهرت بها «العروس» أوشكت على الاندثار. ويأتى تغيير المحافظين فى أوقات متقاربة سببًا رئيسيًّا فى هذه المشكلات؛ لأن سياسة العمل الفردى لا تزال هى المسيطرة، فكل محافظ يأتى لا يكمل ما بدأه سابقه، بل يمحو كل شىء ويسعى للعمل بمفرده، وهو لا يعلم أنه يدمر المدينة العريقة. أربعة محافظين تعاقبوا على الإسكندرية منذ اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير، فقد كان اللواء عادل لبيب أول محافظ للثغر بعد الثورة، وأثار غضب الأهالى، ولم يعد مقبولًا فى الشارع السكندرى، فقام المجلس العسكرى بنقله لمحافظة قنا، تاركًا الإسكندرية وشعبها بلا محافظ لمدة ثلاثة أيام، حتى تم استبداله بالدكتور عصام سالم، الرئيس الأسبق لجامعة الإسكندرية - أحد أساتذة الدكتور عصام شرف؛ رئيس وزراء مصر الأسبق – ولأن سالم كان بعيدًا عن العمل العام لفترة طويلة، فلم يستطع حل المشكلات، واكتفى بعمل إشارة مرور فى طريق الكورنيش -أمام شارع «سوتر» الذى يضم مجمع الكليات النظرية- رغم وجود دوران للسيارات على بعد أمتار قليلة من الشارع، إلى أن رحل سالم، وجاء بعده الدكتور أسامة الفولى -عميد كلية الحقوق، أستاذ الاقتصاد - وهو ابن الإسكندرية، لكنه جاء فى ظروف سيئة، فلا موارد بالمحافظة، الأمر الذى جعل مهمته صعبة للغاية، ليعانى المواطن السكندرى من العقارات المنهارة فى عهده وعهد سابقيه، ورحل الفولى بعد كارثة عمارات الجمرك المنكوبة التى خلفت وراءها عشرات القتلى، فقد انهارت أربع عقارات فى شارع واحد، لينتهى المطاف عند المستشار محمد عطا عباس -المحافظ الحالى- وقد جاء من إدارة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة إلى المحافظة رأسًا، وحتى الآن لا يعرفه أحد من الأهالى، بل إن كثيرين يعتقدون أن الدكتور حسن البرنس هو المحافظ، وهناك من يعتقدون أن محافظ الإسكندرية هو الدكتور أسامة الفولى! التقينا عددًا من المواطنين أكدوا أن المحافظ هو حسن البرنس، وعندما نقول لهم إن الدكتور حسن البرنس هو نائب المحافظ، فهم يؤكدون أن العكس هو الصحيح! غياب المحافظ عن الجولات أو حتى الظهور الإعلامى جعل المواطنين يجهلونه تمامًا، فضلا عن تفويضه معظم اختصاصاته لنائبه حسن البرنس، الأمر الذى جعل الجميع يعتقدون أن المحافظ هو حسن البرنس، وهذا صحيح على أرض الواقع، أما رسميًّا فهو النائب فقط. من يعرفون المحافظ المستشار «محمد عطا عباس» يؤكدون أنه يعيش فى الخفاء، فلا جولات ميدانية أو حتى اجتماعات أو ظهور إعلامى، ولم يكلف خاطره بعمل مداخلة تليفونية فى أى برنامج، حتى أهالى منطقة «جليم» – التى يقيم بها المحافظ - لا يعرفون شكله، فلم يسبق لهم أن رأوه فى الشارع، هم فقط يعرفون أن ابن منطقتهم أصبح محافظًا لهم، لكنه غائب تمامًا عن الإسكندرية وأزماتها ومشكلاتها المزمنة. ووسط هذا الإخفاق من جانب المحافظين الأربعة الذين تعاقبوا بعد الثورة لم ينس أهالى الإسكندرية اللواء عبد السلام المحجوب الذى كان يقف فى طابور المرضى داخل مستشفى التأمين الصحى بمنطقة ستانلى، أو متخفيًا فى شكل زائر لمكتب التموين، وهو ما دفع آلاف المواطنين إلى تدشين صفحة «محبو اللواء عبد السلام المحجوب»، وطالبوا بعودته لتولى المنصب مرة أخرى.