على شاطئ البحرالمتوسط وتحديدا فى منطقة الأنفوشى بالاسكندرية تقع عيناك على أطلال أكبر منطقة لصناعة السفن , حيث يوجد أكثر من 65 ورشة هجرها عمالها ولم يتبق بها غير أصحابها الذين ورثوا المهنة عن أجدادهم , وذلك بعدما تعنتت الحكومة ضد هذه الصناعة التى كانت توفر أكثر من 65 الف فرصة عمل لأهالى المنطقة , فضلا عن الصناعات المغذية لصناعة السفن والمراكب السياحية. أصحاب هذه الورش كرهوا أن يتركوا مهنتهم التى أشتهروا بها ليس فقط فى مصر ولكن فى العالم كله , او أن يتجهوا الى أعمال النجارة كما فعل العمال الصغار , وظلوا متمسكين بمهنتهم على أمل عودة الروح مرة أخرى لأكبر ترسانة فى صناعة السفن بالشرق الأوسط , وذلك باتجاههم لصناعة المراكب الديكورية كنوع من التحف والانتيكات , ولكن لا يوجد اقبال على شرائها بسبب الركود الاقتصادى الذى ابتليت به مصر منذ مجىء الدكتور محمد مرسى رئيسا للبلاد, فضلا عن انعدام السياحة وعدم وجود الاجانب الذين كانوا يقبلون على شرائها. كثيرون من أصحاب الورش لم يتحملوا المصيبة التى حلت بهم دون ادنى تحرك لمساعدتهم من جانب دولة المرشد , واغلقوا الورش لتصبح مأوى للعنكبوت والزواحف . «فيتو» ألتقت واحدا من أشهر مالكى ورش صناعة السفن بالانفوشى ومن بين الذين رفضوا الاستسلام واتجه الى صناعة المراكب الديكورية حرصا منه على عدم ضياع المهنة التى تشربها عن أجداده وأصبح بارعا فيها ,إنه إبراهيم القبطان «53» سنة, والذى التقيناه داخل ورشته. يروى القبطان أن أزمة صناعة السفن والعاملين بهذا القطاع بدأت منذ عام 2001 بعدما قررت الحكومة وقف تراخيص صناعة السفن الصيد والسياحة. وأضاف القبطان أن هناك ما يقرب من 65 ورشة بمنطقة الانفوشى كان يعمل بها أكثر من 30 الف عامل تم تشريدهم جميعا ولم يتبق غير أصحاب الورش الذين يرفضون ترك المهنة التى ورثوها عن اجدادهم , قائلا: ليس من المنطقى بعد كل هذه السن والخبرة الطويلة التى فاقت خبرة الاجانب أن نتجه لاعمال النجارة كما فعل العمال الصغار". أزهى عصور هذه الصناعة العملاقة -وفقا لاقوال القبطان - كان فى عهد الرئيس الراحل محمد انور السادات , والسنوات الاولى من حكم مبارك الى أن جاء قرار وقف التراخيص والذى كان بمثابة الخراب على صناع السفن وعلى مصر بالكامل , خاصة وأن مصر كانت واحدة من أعظم البلاد فى هذه الصناعات , وكثيرا من الورش الموجودة بالانفوشى قامت بصناعة السفن للعديد من دول الخارج بما فيها أمريكا وتركيا. وأوضح القبطان أن أصحاب الورش يرفضون العمل بدون تراخيص احتراما للقوانين, إلا ان الحكومة تصر على تجاهل مطالب هذا القطاع العملاق , مشيرا الى أنهم لم يتركوا بابا إلا وطرقوه املا فى انقاذ هذه الصناعة العملاقة , ولكن لم يرد عليهم احد ولم يقدم لهم اى حلول , باستثناء اللواء عبد السلام المحجوب عندما كان محافظا للاسكندرية. وقال القبطان أن جمعية صناع السفن التى من المفترض أنها تدافع عن هذه الصناعة لا امل فيها لانها جمعية فاشلة, ولم يكن لها اى دور فى حل الأزمة , وهناك أزمة كبيرة لا زالت تطارد اصحاب ورش صناعة السفن وهى ايجارات الورش المتراكمة لمدة سبع سنوات , والتى لم تطالب الحكومة بها منذ توقف الصناعة وهى مبالغ كبيرة على اصحاب الورش فى ظل توقف العمل والانتاج. "الرئيس الحالى محمد مرسى على دراية بالقضية بالكامل ولديه ملف بها , فحين كان مرشحا لرئاسة الجمهورية تقدمنا له بملف كامل عن هذه الصناعة والأزمة التى ألمت بها , إلا أنه وحتى الآن لم يقدم حلا واحدا وتبقى الأزمة على ما هى عليه دون تغيير" , هكذا قال القبطان, مستنكرا استيراد الحكومة لسفن الصيد والسياحة من الخارج وترك الصناعة المصرية تنهار امام اعين العاملين بها. القبطان اشار الى أن كل ما يأتى من الخارج مصنع من الفايبر, بينما فى مصر يتم تصنيعه من الخشب الذى يتحمل وله عمر افتراضى أطول بكثير من المستورد الذى يعتمد على الرفاهية فى التغيير كل وقت , بالاضافة الى أن ما يتم استيراده من الخارج أسعاره تفوق اضعاف اضعاف ما يتم صناعته محليا . وأكد أن جماعة الاخوان المسلمين ليس لها مصلحة فى عودة هذه الصناعة مرة أخرى لأنها تسعى للقضاء على السياحة وانتمائها دائما للخارج , لذا فاصحاب الورش لا يعلقون آمالا على الاخوان مشيرا الى ان الازمة لم يتم حلها على مدار 13 عاما وبرغم العديد من البلاغات المقدمة للنائب العام والملفات الموجودة فى ادراج جميع المسئولين الحاليين والسابقين . وقال القبطان :«ان جميع الأعمال توقفت, خاصة وأن الورش الموجود فى الانفوشى كانت تجهز سفنا للقوات المسلحة , ولم يتبق منها غير مراكب الديكور وبعض الطلبة من الكليات البحرية وكليات الهندسة والفنون الجميلة الذين ننقل الخبرات بدون اى مقابل». وناشد القبطان جميع المسئولين إعادة النظر فيما تتعرض له الصناعة واعادة الروح لها مرة أخرى حرصا على مصالح العمال وعلى مصلحة مصر لانها تعد وسيلة هامة من وسائل الدخل القومى , بالاضافة لوضع مصر على مصاف الدول الصناعية , مطالبا بوجود تيسيرات للورش من خلال وقف قرار وقف العمل , ودعم هذه الصناعة بالمعدات واعادة بناء الورش مرة أخرى وكذلك زيادة فرص التأمين الصحى والأجتماعى على العاملين بما يضمن لهم حياة آمنة تساعدهم فى جودة الصناعة وزيادة معدلاتها بشكل ينعش الاقتصاد المصرى مرة أخري.