الرقيب أول مجند محمد عبد العاطى» عطية شرف، أطلق عليه صائد الدبابات لأنه دمر خلال أيام حرب أكتوبر 23 دبابة بمفرده؛ وتم تسجيل اسمه فى الموسوعات الحربية كأشهر صائد للدبابات فى العالم أبناء الشرقية معروفون بقيمة الفداء للوطن وبالجسارة فى القتال أثناء مواجهة الأعداء، فمنها بطلان حفرا اسميهما بحروف من نور فى حرب أكتوبر 1973 وهما عبد العاطى، صائد الدبابات، ومحمد المصرى الذى دمر دبابة عساف ياجورى، وكان الاثنان مدفوعين فى ذلك بحب الوطن والرغبة فى الانتقام لجريمة قصف إسرائيل للأطفال بمدرسة بحر البقر، وهى الجريمة التى راح ضحيتها 80 طفلا، و50 مصابا بذريعة تحويل السادات لها لمخزن أسلحة، فيما تظل شخصية سليمان خاطر، ابن الشرقية، أكثر الشخصيات شهرة واحتراما فى تاريخ المحافظة. عبد العاطى، صائد الدبابات، هو الرقيب أول مجند محمد عبد العاطى» عطية شرف، تخرج من كلية الزراعة وحصل على نجمة سيناء من الطبقة الثانية بعد الحرب وأطلق عليه صائد الدبابات لأنه دمر خلال أيام حرب أكتوبر 23 دبابة بمفرده؛ وتم تسجيل اسمه فى الموسوعات الحربية كأشهر صائد للدبابات فى العالم. كانت بدايته العسكرية بانضمامه لسلاح الصاعقة، ثم انتقاله إلى سلاح المدفعية، وتخصصه فى الصواريخ المضادة للدبابات، وبالتحديد فى الصاروخ "فهد"، وكان يصل مداه إلى 3 كيلومترات، وكان له قوة تدميرية هائلة، وكان يحتاج لمقاتل له سمات معينة منها هدوء الأعصاب وتوافر ذلك فى عبد العاطى، ومكنه من الحصول على المركز الأول فى الرماية بالصواريخ من بين 5 كتائب. واختير عبد العاطى لأول بيان عملى على الصاروخ فهد أمام قائد سلاح المدفعية اللواء محمد سعيد الماحى، وتفوق والتحق بعدها بمدفعية الفرقة 16 مشاة بمنطقة بلبيس، وبعد الضربة الجوية يوم 6 أكتوبر، وكان عبد العاطى هو أول فرد من مجموعته يتسلق الساتر الترابى، خط بارليف. وفى 8 أكتوبر وهو يوم لا ينسى فى ذاكرة عبد العاطى أطلق أول صاروخ وتحكم فيه بدقة شديدة، ونجح فى إصابة الدبابة الأولى، ودمر 13 دبابة إسرائيلية ودمر زميل له يدعى بيومى 7 دبابات فى نصف ساعة، وفى يوم 9 أكتوبر اصطاد عبد العاطى دبابتين إسرائيليتين وفى تلك اللحظة تقدمت السيارة الجيب إلى الأمام، وبدأت الدبابات فى الانتشار أمامه ولم يرتعد وتماسك، ودمر فى ذلك اليوم 17 دبابة، فضلا عن تدميره دبابتين فى يوم 10 أكتوبر، ودمر دبابتين وعربة مجنزرة فى 18 أكتوبر ليصبح رصيده 23 دبابة و3 مجنزرات. أما البطل محمد المصرى فلا يقل أهمية عن عبد العاطى فهو محمد إبراهيم عبد المنعم المصرى الشهير بمحمد المصرى، تمكن هو الآخر من تدمير 27 دبابة إسرائيلية بثلاثين صاروخاً، فى حرب أكتوبر 1973، وكان من بينهم دبابة عساف ياجورى قائد اللواء 190 مدرع الإسرائيلى، مما كان له أكبر الأثر فى استسلامه ووقوعه فى الأسر- وذلك وفقا لما جاء فى كتاب "قاهر الدبابات" لإبراهيم خليل إبراهيم. ولد البطل محمد المصرى فى قرية شنبارة بمركز ديرب نجم عام 1948، وتعلم فى الكتاب القراءة والكتابة وحفظ بعض أجزاء القرآن الكريم، وتوفى والده وهو فى الابتدائى، فصقله اليتم بخشونة الرجال والتحق عام 1960 بمدرسة يحيى الإعدادية بديرب نجم، التى تبعد عن قريته خمسة كيلو مترات، وكان يقطعها سيراً على قدميه فى الذهاب والإياب. بعد حصول محمد المصرى على الشهادة الإعدادية التحق بمدرسة ديرب نجم الثانوية للبنين وفى الخامس من شهر يونيو عام 1967 كانت الصدمة الكبرى له، فقد قامت إسرائيل بعدوانها الغاشم واحتلت سيناء، وبعد حصول محمد على الشهادة الثانوية قرر التطوع فى القوات المسلحة المصرية للدفاع عن الوطن ولكن الظروف حالت دون تحقيق رغبته. فى 24 سبتمبر 1969 التحق محمد إبراهيم عبد المنعم المصرى الشهير بمحمد المصرى بالقوات المسلحة المصرية مجندا، وجاء توزيعه على سلاح الصاعقة، وحصل على التدريبات المكثفة اللازمة للقتال وعبور قناة السويس والمهام القتالية بعد عبور خط باريف. وحصل المصرى على فرقة الصاعقة بتفوق، ثم حصل أيضا على فرقة المظلات وبتفوق أيضا، وكان ضمن النواة الأولى لتشكيل كتائب الفهد - الصواريخ المضادة للدبابات- وقد اختار الرائد صلاح حواش، قائد الفرقة، محمد المصرى ليكون ضمن الموجهين الأساسيين للصواريخ وقال له حواش:" يا محمد أنا اخترتك موجهاً للصواريخ، لأن أملى وأمل مصر فيك كبير جداً" وفى صباح يوم الثانى عشر من شهر فبراير عام 1970 قامت إسرائيل بالإغارة على مصنع "أبو زعبل" للصناعات المعدنية بمحافظة القليوبية وأسفرت هذه الغارة عن استشهاد سبعين عاملاً وإصابة 69 آخرين بالإضافة إلى تدمير المصنع، وكان محمد المصرى قد فقد والدته فى العام نفسه، وفقد محمد فى ذات العام ما لم يكن يقل حبا فى قلبه وهو الزعيم جمال عبد الناصر وهى أحزان تلتها أحزان مدرسة بحر البقر لتضع فى قلب البطل إصرارا أكبر على القتال لاستعادة الكرامة. تدرب الجندى محمد المصرى مع رفاقه على إطلاق الصواريخ الإلكترونية من العربات المجهزة لذلك، وفى يوم الخامس من أكتوبر 1973، أصدر الرائد صلاح حواش أوامره لجنوده بالتحرك من إنشاص إلى ضفة قناة السويس المواجهة لمنطقة الفردان بالقطاع الأوسط، والعمل كاحتياط " م . د" للواء 120 مشاة، وشارك محمد المصرى مع زملائه وضمن فرقة بقيادة العميد حسن أبو سعدة فى أسر صموئيل رحميل، المهندس المدنى الإسرائيلى المسئول عن صيانة ومتابعة مواسير النابلم، التى وضعتها إسرائيل أسفل مياه قناة السويس. وفى يوم السادس من أكتوبر 1973، انطلقت 227 طائرة فى موجات متتالية تجاه الضفة الشرقية لقناة السويس وقامت بصب نيرانها على مراكز القيادة الإسرائيلية فتعطلت بطاريات الهوك وممرات المطارات والقواعد الجوية الإسرائيلية. كانت الفصيلة الثانية للسرية الثانية من تشكيل الكتيبة "41 فهد" التى تضم محمد المصرى فى طليعة الموجات الأولى للعبور، تسلق المصرى مع الجنود الساتر الترابى، وبدأت مهام محمد المصرى، فى عمل الكمائن واصطياد الدبابات الإسرائيلية، فكان ينتظر قدوم الدبابات الإسرائيلية وكان يكتشفها من خلال مؤشر المسافة الموجود داخل المنظار، ويستطيع تحديد المسافة. وفى صباح يوم 7 أكتوبر أطلق محمد صاروخه على الدبابة الأولى فانفجرت وتحولت إلى كومة من النيران، وهنا هتف البطل الرائد صلاح حواش: مسطرة يا مصرى، وفى هذا اليوم تمكن محمد من تدمير 4 دبابات إسرائيلية. وعندما حاول اللواء 190 مدرع الإسرائيلى بقيادة اللواء عساف ياجورى فى 8 أكتوبر القيام بهجوم مضاد واختراق القوات المصرية والوصول لنقطة الفردان، أصدر العميد حسن أبو سعدة قائد الفرقة الثانية أوامره بفتح الطريق أمامه ثم تم تطويقه وتدميره فى أقل من نصف ساعة، وتمكن محمد المصرى فى هذا اليوم من تدمير 6 دبابات إسرائيلية. أصيب القائد صلاح حواش بدانة إسرائيلية وزحف إليه محمد المصرى لإنقاذه فوجده يلفظ أنفاسه الأخيرة فى أرض سيناء الحبيبة، وقبل أن تصعد روحه إلى بارئها قال بصوت متحشرج:" مصر أمانة بين أيديكم يا مصرى"، فاهتز قلب المصرى لوفاة قائده الذى قادهم لتدمير 63 دبابة إسرائيلية. بعد تنفيذ البطل محمد المصرى لمهامه القتالية عاد لمنطقة التمركز بوادى النخيل وفجأة حضر بعض الضباط وأخبروه بضرورة تواجده فى مركز القيادة تنفيذاً لأمر العميد حسن أبو سعدة، وسمح له النقيب فتحى خالد طه الذى تولى القيادة خلفاً للشهيد صلاح حواش بالذهاب مع الضباط، وعندما وصل محمد المصرى لمركز القيادة قال له العميد أبو سعدة:" يا بطل أنا طلبتك هنا تلبية لرغبة هذا" فنظر محمد المصرى فوجد شخصاً جالساً على كرسى فى ذلة وانكسار ومكتوف اليدين وشعره كثيف وملامحه غير مصرية. وهنا قال العميد أبوسعدة:" هذا عساف ياجورى قائد اللواء 190 مدرع الإسرائيلى فعندما دُمرت دبابته فر هارباً وتم أسره بمعرفة البطل النقيب يسرى عمارة من قوات المشاة المتقدمة وتم تسليمه هنا وبمجرد وصوله طلب كوباً من الماء ورؤية الجندى الذى دمر دبابته وقد أعطيته الكوب وها أنت أمامه" تحدث عساف ياجورى مع المصرى وسأله بانبهار عن كيفية تدميره للدبابات الإسرائيلية بهذه المهارة، ثم طلب من المصرى يده التى دمرت الدبابة ليقبلها تقديراً له، فرفض البطل تلبية مطلبه خوفاً من أن يلتهمها بأسنانه، وهى اللحظة التى أشعرت المصرى بالفخار والتصقت بذاكرته طوال حياته. أما الشخصية الأشهر والتى خرجت بوفاته مظاهرات عارمة هزت أركان الجامعات المصرية وقتها فهو "سليمان خاطر" ابن قرية أكياد بمدينة فاقوس". ورغم أن خاطر لم يستشهد فى إحدى الحروب ولم يعرفه التاريخ ببطولة عسكرية إلا أن واقعة بسيطة استفزت وطنيته فى عام 1985 انتهت بمقتل 7 إسرائيليين؛ وإعلان "انتحاره" فى محبسه بعد ذلك عقب الحكم عليه بالسجن المؤبد عن عمر لم يتجاوز 19 عاما، وكان مدفوعا فيما فعله مع الجنود الإسرائيليين بالواجب الوطنى وبذاكرة ما شهده وما سمع عنه من أهوال مذبحة بحر البقر. المحقق سأل خاطر: "لماذا يا سليمان كنت تصر على تعمير سلاحك؟"، فأجاب خاطر: "لأن اللى يحب سلاحه يحب وطنه ودى حاجة معروفة واللى يهمل سلاحه يهمل وطنه"، ويعود المحقق ليسأل خاطر مجدداً: "بماذا تبرر حفظ رقم سلاحك؟"، ويجيب خاطر: "لأنى بحبه زى كلمة مصر تمام"، وبرغم تلك العقلانية الوطنية التى يستشفها الجميع من بين تلك الإجابات إلا أن التقرير النفسى زعم أن خاطر مختل عقليا!