لا جديد في مصر, سواء قبل أو بعد 25 يناير، بل إن الأمور من سيىء إلى أسوأ, ليس فقط على المستوى الاقتصادي, بل على مستوى الفساد المالي والإداري. «بعد الثورة هناك جريمة فساد كل دقيقتين ونصف الدقيقة» هكذا قال القائم بعمل وزير التنمية الإدارية, كنت أتمنى أن ننتقل من مجتمع المكافأة إلى مجتمع الكفاءة، ولكن للأسف الشديد مازالت المجاملات والوساطات والمحسوبيات هي العنصر الأساسي في تولى المناصب والوظائف المهمة. الأسبوع الماضي توفى السفير الشاب خالد نادر بسبب الظلم الذي لحق به جراء الحركة الدبلوماسية الأخيرة.. توفى وترك خلفه طفلا صغيرا بسبب اختياره سفيرا لمصر في كوريا الشمالية، وهو الذي اعتذر من قبل عن العمل في كولومبيا, أملا في أن يعمل في أوروبا او أمريكا، ولأنه لا يجوز الاعتذار مرتين.. لم يفلح في تعديل الحركة، فأصيب بأزمة قلبية ولقي ربه،وذنبه هو وطفله في رقبة من ظلمه ثم حضر عزاءه. المرحوم شاهد الفساد كله أمام عينيه قبل وفاته، شاهد زوج وزيرة التعاون الدولي الذي كان سفيرا لمصر في المجر, يتم تعيينه سفيرا في اليابان, حيث أعلى راتب في الخارجية (30 ألف دولار شهريا) شاهد رئيس هيئة الاستعلامات الذي كان سفيرا في لندن قبل رئاسته للهيئة،يُعين سفيرا في الفاتيكان،والمتحدث السابق لمجلس الوزراء يُعين سفيرا لمصر في ألمانيا. الحركة الدبلوماسية شملت 44 سفيرا, المرحوم السفير خالد نادر - الذي مات كمدا - شاهد السفراء أولاد الذوات يتبادلون مع بعضهم المناصب الدبلوماسية من أوروبا إلى أمريكا والعكس,في حين أن السفراء أمثال المرحوم يخدمون في أفريقيا والدول الفقيرة في أسيا والأمريكتين, وحسنا فعل البرلمان بطلب مراجعة الحركة الدبلوماسية. مطلوب من د. عصام العريان رئيس لجنة العلاقات الخارجية أن يتذكر قسمه برعاية مصالح الشعب، ويشكل لجنة محترمة من داخل وخارج البرلمان لمراجعة كل المكاتب والسفارات المصرية في الخارج , مليارات الجنيهات تنفق من أموال هذا الشعب المطحون وبلا أي فائدة تذكر على السفارات, التي نادرا ما يلجأ إليها المواطن المصرى, لأنه يعلم مسبقا انه لن يُعامل باحترام,كذلك على المكاتب المصرية في الخارج (الثقافية والتعليمية والإعلامية والتجارية والسياحية والعمالية)يجب مراجعة هذه المكاتب والعاملين فيها،ما هي إنجازاتهم؟ وهل هم أفضل العناصر؟ ما هو حجم الأموال التي تنفق عليهم؟ وما هي الفائدة التي تعود على الوطن؟ ما هو المانع من تخفيض او إلغاء بعض السفارات او المكاتب المصرية في الخارج, والتي لا لزوم لها؟ فمثلا لا يوجد أكثر من ثلاثين مصريا في تركيا, وفيها مكتب ثقافي وتعليمي مصري يكلف البلد ملايين الجنيهات مجاملة لأحد الأشخاص، وهكذا ابحث عن العاملين في هذه المكاتب وسوف تكتشف حجم الفضيحة, مصر من اكبر دول العالم التي لها تمثيل دبلوماسي ومكاتب في الخارج, ومع ذلك العائد ضعيف, والمواطن المصري مُهان. ترشيد النفقات مهم, والأهم اختيار أكفأ العناصر, التي تكون واجهة مشرفة لمصر في الخارج, وتعطي أكثر مما تأخذ. اللهم ولي أمورنا من يصلح.