غرفة صناعة الدواء: 10 مليارات جنيه حجم المبيعات المستوردة سنويا 600 مليون جنيه قيمة الأدوية المهربة من شرق آسيا إحدى كبرى شركات الأدوية أعدت دراسة مؤخرا عن سوق الدواء، وحجم الاستيراد والإنتاج وأزمة الدولار التي يعتمد عليها استيراد الدواء وتأثيرها على احتياجات مصر، حيث أكدت أن إجمالى المبيعات في السوق المصرية، خلال الفترة من ديسمبر 2015 وحتى يوليو 2016، تقدر ب45 مليار جنيه أي نحو 4.5 مليار دولار. وأشارت الدراسة، التي حصلت عليها «فيتو»، إلى أن نسبة الأدوية المستوردة في مصر 18% بقيمة 810 ملايين دولار، وعليه فقيمة الأدوية المصنعة والمباعة في مصر تقدر ب3 مليارات و690 مليون دولار، وشملت إحصائيات الدراسة أن 32% من سعر البيع للجمهور يتمثل في خصم للصيدلى والموزع، ما يعنى أن إجمالى المبيعات بسعر بيع المصنع 68% من سعر بيع الجمهور يقدر ب2.51 مليار دولار. وتتزايد المشكلة مع تأثر 50% من مواد صناعة الدواء في مصر بأزمة الدولار، حيث تستورد مصر نحو 95% من احتياجاتها من المواد الخام بقيمة مليار و250 مليون دولار، بحسب الدراسة، التي أكدت أن إجمالى صادرات مصر من الدواء يبلغ نحو 250 مليون دولار في العام، أي أن الفرق بين التصدير للمنتجات مقارنة باستيراد المواد الخام الخاصة بالصناعة مليار دولار يجب توفيرها للمصنعين لضمان إنتاج أدوية تقدر قيمتها ب4 مليارات دولار سنويًا. الكلمة الأولى ل«الخاص» «الدكتور أسامة رستم - نائب رئيس غرفة صناعة الدواء» أكد أن الأدوية المستوردة في الصورة النهائية تمثل من 7 إلى 8% من الحجم الحقيقى للسوق، إلا أن ثمنها المرتفع يجعل قيمتها السوقية 20% من حجم حصة الأدوية في السوق. «رستم» قال إن أغلب الأدوية المستوردة حديثة ولا توجد شركات تصنعها أو تواجه صعوبة في تصنيعها لأن استخدامها قليل والشركات المحلية ليس لديها دافع لإنتاجها، لأنها قليلة الاستهلاك، موضحَا أن معظمها أدوية لعلاج السرطان وأمراض القلب والأمراض النفسية والعصبية. وأشار إلى أن الأدوية الحديثة لا يمكن للشركات المصرية إنتاجها، لأنها مازالت تحت التسجيل أو الحماية الفكرية التي تستمر ل10 سنوات، منذ طرح المستحضر في السوق، مؤكدًا أن حجم السوق الدوائى في القطاع الخاص يبلغ 36 مليار جنيه منها 7 مليارات حجم المستورد في القطاع الخاص، وبالنسبة لتداول الأدوية المستوردة في القطاع الحكومى ليس كبيرا مقارنة بالقطاع الخاص، ويزيد حجم التداول ل10 مليارات جنيه إذا تمت إضافة حجم الدواء المستورد بالقطاع الحكومي. وأكد وجود أدوية لها طرق تصنيع غير متاحة في مصر وتكنولوجيا مرتفعة، أيضا غير متوفرة في مصر، وكذلك لا يمكن إنتاج المركبات البيولوجية لذلك فإن أغلب الأدوية المستوردة نعجز عن تصنيعها. أما «الدكتور على عبد الله - مدير مركز الدراسات الدوائية» فنبه إلى توقعات بانخفاض نسبة الاكتفاء الذاتى من الدواء المصنع محليًا، سواء في القطاع الحكومى أو الاستثمارى وشركات متعددة الجنسية إلى 56% بحلول 2018، ما يعنى زيادة الأدوية المستوردة إلى 44%. وأشار إلى أن هناك نوعين من المستورد «الرسمى وغير الرسمى وهو المهرب»، موضحا أن «المهربة» خارج إطار مراقبة الحكومة، ولها نوعان منها أدوية مسجلة بدون مرجعية وتتميز بها الصيدليات الكبرى صاحبة العلامة المميزة لقدرتها على الفرز والتعامل مع مصادر أصيلة، وتقدر هذه التجارة بما يقرب من المليار جنيه، أما النوع الثانى فهى الأدوية التي تأتى من دول شرق آسيا مثل الصينوالهند، ولا تزيد في أقصى تقدير على 600 مليون جنيه، وفى الحالتين لا توجد أرقام دقيقة مرتبطة بهذه الأدوية. مدير مركز الدراسات الدوائية أوضح أن الأمصال واللقاحات يتم استيراد أغلبها من الخارج، مؤكدًا أن عدة دول تعتمد عليها مصر في الاستيراد، تأتى ألمانيا في المركز الأول بنسبة 41.2% ثم سويسرا بنسبة 13.8% ثم السعودية في المركز الأول عربيا يليها الإمارات والتاسعة عالميا بنسبة 1.5 بينما إيطاليا في المركز الأخير بنسبة 1.3 % من بين أهم 13 دولة موردة إلى مصر. الدكتور على عبد الله لفت كذلك إلى أن أغلب المنشطات الجنسية الموجودة في السوق مستوردة، إما مهربة أو مغشوشة ولا تدخل رسميا لذلك لا يمكن وضع حصر لها، وأغلبها يدون عليها أنها من الصينوالهند، بينما يوجد سوق رسمى لها محصور في عقار «الفياجرا»، والأجيال الجديدة منه من إنتاج إحدى الشركات متعددة الجنسية. وتقديرا لحجم تلك الأدوية المستوردة في السوق، أوضح أن كل صيدلية تبيع بما لا يقل عن ألف جنيه أدوية مهربة مستوردة بطرق غير شرعية، وفى مصر 60 ألف صيدلية أي يوجد ما يقرب من 60 مليون جنيه حجم المبيعات، بينما يوجد صيدليات كبرى أي سلاسل وعددها ألف صيدلية، وكل واحدة منها يوجد فيها بربع مليون جنيه أدوية مستوردة مهربة بعيدة عن مراقبة الحكومة ولا تدفع ضرائب. وتمسك «عبدالله» بأن بعض أنواع الأدوية يمكن تصنيعها في مصر وتغطية الاحتياج المحلى ولكن يوجد أدوية لا يمكن تصنيعها منها «ألبومين» وحقن «anti th» وجميعها تعتمد على الاستيراد، وكذلك أدوية السرطانات والأنسولين الحديث لمرضى السكر وأدوية مشتقات الدم لمرضى الهيموفيليا وكل أنواع الأدوية البيولوجية يصعب تصنيعها في مصر. وعن كبرى الشركات المسيطرة على سوق الاستيراد، ذكر الدكتور على عبد الله أنه منذ ما يقرب من 4 سنوات كانت الشركة الأولى هي المصرية لتجارة الأدوية وكان لها حق الانفراد بالاستيراد دون منافس لأدوية السكر والكبد والقلب وأدوية الجدول للأمراض النفسية والعصبية والألبان إلا أنه بعد ذلك حدث اختلال في توازن السيطرة على السوق بعد ظهور القطاع الخاص على الساحة، وهناك شركات حاليا منها «مالتى فارم» و«المتحدة للأدوية» و«فارما اوفر سيز»، وجميعها حصلت على توزيع أدوية علاج فيروس سى الحديثة، وشركة «سوفيكو فارم» التي تحتكر استيراد أصناف حصرية لموانع الحمل واللوالب وبعض قطرات العيون، وشركة «ايمك» للاستيراد وبعض قطرات العيون التي كانت من استيراد الشركة المصرية لتجارة الأدوية وذهبت إلى شركة «رامكو فارما»، وكذلك عقار كونترولوك الذي كان تستورده الشركة المصرية وتم سحبه منها وتستورده الآن «فارما اوفر سيز»، بحسب د. عبدالله. تهريب بالجملة تتزايد المخاوف مع تعدد عمليات التهريب لتصبح جزءًا من إدخال أدوية المكملات الغذائية، التي يجرم القانون المصرى استيرادها، وهنا نوه الخبير الدوائى الدكتور هانى سامح إلى أن السوق الكبرى للأدوية المستوردة «مهربة ومجهولة المصدر»، مشيرًا إلى أنه في سوق المكملات الغذائية لا يمكن استيرادها لأن إنتاجها يتم في مصر، ولذلك كل المكملات الغذائية المستوردة في السوق مهربة ولم تخضع لأى تحاليل أو رقابة من الدولة. وضرب «د. سامح» مثالا بعقار البنادول الموجود في الصيدليات، والذي يتم إيهام المرضى بأنه مستورد من السعودية إلا أنه يدخل عن طريق التهريب، ويوجد منه مصرى في السوق وثمنه رخيص، لكن المستورد يتم الترويج له عبر الإنترنت، مؤكدًا تقدمه شخصيًا ببلاغ ضد تلك المواقع. وحذر من أن منطقة الدلتا تمثل «بئر السلم» لغش الأدوية التي تباع على أنها مستوردة من الهند، موضحًا أن أدوية الأورام أغلبها استيراد رسمي، وأخرى مهربة في السلاسل الكبرى، يتم تسعيرها بأسعار تصل إلى 20 ألف جنيه، رغم أن استيرادها بسعر رخيص لصالح شركات الاستيراد. وأشار إلى أن المنشطات الجنسية الرسمية تعد أدوية لا تصرف إلا بروشتة طبية من الصيدلية، لكن الصيدليات بها كميات كبيرة من الأصناف المهربة والمغشوشة، والتي تباع على أنها مستوردة لأن أرباحها ضخمة، بل إن أسماء ونشرات بعض تلك الأدوية بها أخطاء إملائية، مؤكدًا احتفاظه بنماذج من الأدوية غير المسجلة في أي دولة. وقال «الدكتور هشام الفتى - مسئول شعبة المستلزمات الطبية باتحاد الصناعات» إن الاعتماد على استيراد المستلزمات الطبية يعتبر استنزافا كبيرا لموارد الدولة، مشيرًا إلى وجود 180 مصنعا ينتجون العديد من أنواع المستلزمات الطبية، منها أصناف تعانى نقصا لا تغطى احتياجات مصر وأصناف بها زيادة فائض زيادة وأضاف أنه لا يوجد دولة في العالم تغطى احتياجاتها من المستلزمات الطبية، لأنها صناعة تستغرق وقتا طويلا حتى يستطيع صاحب المصنع تحقيق ربح أو يغطى تكلفة الإنتاج، موضحا أن أي مصنع لا يجد ضمانا لإنتاج أي مستلزم طبى يتم بيعه في السوق المحلية يحقق ربحية، لأن نسبة من الأطباء تطلب الاعتماد على المنتج المستورد وليس المحلي. وعلى سبيل المثال «الخيوط الجراحية» المستخدمة في العمليات الجراحية تتمثل في نوعين منها المحلى والمستورد، ويوجد 3 شركات تنتجها تغطى 40% من احتياجات السوق، يمكنها إذا ضاعفت حجم إنتاجها تغطية السوق والتصدير للخارج والاستفادة من العملة الصعبة، وكذلك الفلاتر المستخدمة لمرضى الكلي، منها المحلى والمستورد وتميل المستشفيات إلى المستورد. وعن عدد الشركات المتخصصة في استيراد المستلزمات الطبية، قال «الفتي» إنها تتخطى 10 آلاف شركة، تستورد كل أنواع المستلزمات، وحجم الاستيراد يتخطى 800 مليون دولار سنويا، مشددًا على أن صناعة المستلزمات الطبية ليست بعيدة عن مجال الغش إلا أنه بنسب قليلة مقارنة بالدواء. وكشف «محمود فؤاد - مدير مركز المصرى للحق في الدواء» عن كارثة كبار الاستشاريين في كل التخصصات الذين لا يقتنعون بالمنتج المصنع في مصر، ويعتمدون على الأدوية المستوردة، ويصفونها للمرضى لعلاقاتهم المميزة بالشركات متعددة الجنسيات، ويثق في حديثهم شباب الأطباء الذين بالتبعية يصفون الأدوية المستوردة للمرضى، على حد قوله. وتطرق «فؤاد» إلى مشكلة توقيع مصر على اتفاقيات حقوق الملكية التي تمنعها من إنتاج وتصنيع أي دواء إلا بعد مرور 10 سنوات على طرح المستحضر في السوق، فضلا عن وضع وزارة الصحة شروطا للشركات، لتوفر المنتج الخاص بها في المناقصات، لأن أي دواء لابد من تسجيله في أي دولة أوروبية، مؤكدًا أنه أمر مستحيل، وخلقت تلك الشروط التعسفية فجوة ضخمة بين علاجات أوروبا الحديثة وعلاجات مصر القديمة. وعما يتردد عن صعوبات تواجه التصنيع نتيجة عدم توفر التكنولوجيا الخاصة بها، أكد فؤاد أن ما سبق ليس صحيحا والتكنولوجيا أصبحت متوفرة، فضلا عن أن الشركات المصرية لا ترغب في إنتاج أي دواء، موضحا أن مرضى الهيموفيليا البالغ عددهم ما يقرب من 18 ألف مريض لم تنتج الشركة أدوية ليتم توزيعها عليهم لأن هامش الربح يكاد ينعدم.