عاصر الاحتلال الإنجليزى لمدن القناة، وشاهد وهو طفل صغير الفدائيين وهم يهاجمون معسكرات الإنجليز، عاد من القاهرة أثناء النكسة، ليدافع عن بلده الإسماعيلية ، فكون فرقة من الفدائيين لمواجهة الكيان الصهيونى، وكان قائدا لهم.. إنه الفنان محمد فايق عزب ابن الإسماعيلية... الذى يتحدث ل «فيتو» فى هذا الحوار عن ذكريات نشأته فى المدينة الصامدة: كيف كانت نشأتك فى الإسماعيلية؟ -درست فى الإسماعيلية بمدرسة ابن حزم الأولية، وفى المرحلتين الإعدادية والثانوية كنت رئيس فرقة التمثيل بالمدرسة، وفي عام 1960 انتقلت إلى القاهرة للدراسة فى كلية الآداب جامعة القاهرة، وكانت لى تجارب فنية عديدة فى فترة الجامعة، وسافرت أسبوع شباب الجامعات فى دمشق أيام الوحدة عام 1964 ، وحصلت على كأس أحسن ممثل فى الجامعة، واحترفت الفن فى سن صغيرة وأنا طالب فى الفرقة الثالثة بالجامعة، وقدمت على مدار مشوارى الفنى العديد من الأعمال الفنية، بين سينما وإذاعة ومسرح , بالإضافة إلى 94 عملا تليفزيونيا. ماذا عن ذكريات الطفولة إبان الاحتلال الإنجليزى فى الإسماعيلية؟ - كرهت الإنجليز فى لحظة وأنا طفل صغير جدا عندما دهمت سيارة الجيش الإنجليزى جدى , والد أمى ، وايضا حينما شاهدت بعينى سيارة للجيش الإنجليزى منطلقة فى شارع محمد على ودهمت طفلا صغيرا ولم يحرك راكبوها ساكنا، وفى عام 1951 كنت طفلا صغيرا يلهو فى شوارع الإسماعيلية ،ولكن نفسى كانت تمتلئ بالفخر كلما شاهدت الفدائيين، وقد رأيتهم عندما استولوا على دبابة من الجيش الإنجليزى، وكنت أسكن فى المحطة الجديدة آنذاك. كيف كان وقع نكسة 1967 عليك ؟ - عندما وقعت النكسة كنت فى القاهرة، فقررت الهجرة من القاهرة والعودة إلى الإسماعيلية بلدى، من أجل اداء دوري في المقاومة ،وأسست فى ذلك العام المقاومة الشعبية بحى الشهداء وكان معى 500 مقاتل، وكنت قائدا لهذه الكتيبة، واستطعت فى ذلك الوقت أن أصل بهؤلاء إلى درجة عالية من التدريبات، حتى حصلوا علي فرقة صاعقة محلية، وكنا على يقين أن الوجود صمود, والإذاعات الإسرائيلية بدأت تقول إن هناك مجموعة من المصريين الإرهابيين، ولم تشغلنا الهزيمة بقدر ما كان يشغلنا عودة الجيش، وفور بدء حرب الاستنزاف خرجنا من إحساس أننا جثة هامدة. هل كانت لك علاقة بالقيادة السياسية فى تلك الفترة ؟ - لم تكن لى علاقة مباشرة بالقيادة السياسية, ولكنى تسببت فى تغيير سلاح مدن القناة جميعا ، حيث كانت المنطقة كلها مسلحة بالسلاح البلجيكى تصنيع 1949 ،وكان سلاحا قديما جدا مقارنة بما كان يمتلكه الصهاينة من أسلحة متطورة، فالتقيت طلعت خيرى, وكان وزيرا للشباب فى هذه الفترة، ورئيس الاتحاد الاشتراكى، وقلت لهم إن ما يحمله أبطال المقاومة الشعبية هنا عبارة عن شومة ثقيلة الحجم، ومن لا يثق فى سلاحه فى أثناء المعركة لا يثق فى نفسه، وفى خلال 48 ساعة تم تغيير كل سلاح المقاومة الشعبية فى مدن القناة، وتحول إلى السلاح الآلى الروسى ، والربع مدفع. متى عدت إلى القاهرة ؟ - سافرت إلى القاهرة في فبراير 1968, بعد وصول الجيش إلى الإسماعيلية ، من أجل استكمال مشوارى الفنى، وكتبت للإذاعة المصرية أغنية «جاى الصباح يا بلدنا والظلام رواح», وتم غناءها باستخدام السمسمية ، وكانت رسالة إلى المهجرين بانهم سوف يعودون. ما علاقتك بعثمان أحمد عثمان؟ - التقيت بعثمان أحمد عثمان ثلاث مرات فى فترة شبابى، بعد حرب 1973، وكان السبب فى معرفتى به الكاتب الصحفى الراحل صديقى فتحى رزق - والد الكاتب الصحفى ياسر رزق- الذي عرفنى به, والتقيته بعد ذلك ،وكان يفضل أن يقال له يا معلم ، وكان عثمان أحمد عثمان يدرك تماما أن مشكلة ذلك البلد تكمن فى سوء الإدارة، لذا فقد عمل على كسر هذا الحاجز فى أعماله، وفى اعتقادى أن عثمان أحمد عثمان يمثل لكثيرين «القدوة»، لأنه بدأ بسيطا، حتى اصبح واحدا من أغنى عشرة رجال فى العالم، وقال لى إن من أسباب نجاحه أنه يزور المعارض الدولية , فيقف علي احدث ما وصل إليه العصر من تكنولوجيا ومعدات ويستخدمها فى مشروعاته، ووصل الأمر بعثمان أحمد عثمان وبالمقاولون العرب إلى درجة أنه كان يرد ثمن صفقات التسليح وغيرها ببناء مشروعات فى الدول المانحة ، ومن ذلك أنه بنى مجموعة من المدارس والمستشفيات فى يوغسلافيا ردا لدين كانت الدولة قد استدانته من الحكومة اليوغسلافية ، وقد كان عثمان أحمد عثمان يجيد استخدام أدوات الطبيعة، فأنشأ مدينة الشيخ زايد بالإسماعيلية بالدبش، وكان صديقه عبد المنعم عمارة، الذي التقيته عندما أصبح محافظا للإسماعيلية, وقلت له: ليس من المعقول او المنطقي ألا يكون فى الإسماعيلية سينما درجة أولى ولا مسرح، فقال لى: امهلنى عاما, وبالفعل بعد عام أرسل فى طلبى واطلعني علي "مجسم" لمجمع ثقافى متكامل،أصبح واحدا من أكبر المجمعات الثقافية والفنية فى مصر، ويضم مسرحا كبيرا يشبه مسرح الأوبرا، ودور عرض سينمائى.