أحيت ثورة الخامس والعشرين من يناير الأمل فى قلوب الأقليات فى الحصول على حقوقهم كاملة غير منقوصة بعد أن أطاحت بنظام الرئيس المخلوع الذي كان يتعامل مع ملف الأقليات فى مصر باعتباره ملفا أمنيا دون أن يقدم حلولا سياسية تساعد على دمج الأقليات فى المجتمع وتستفيد من تراثهم التاريخى فى النهوض بالوطن. ومع اقتراب وضع الدستور الجديد وتشكيل لجنة تأسيسية لصياغته تزايدت المطالب بضرورة احتواء دستور الثورة على مواد تصون حقوق الأقليات وتؤدى إلى دمجهم فى المجتمع بما يخدم المصلحة العليا للوطن. "فيتو" استطلعت آراء عدد كبير من ممثلي الأقليات للتعرف على أمانيهم فى الدستور الجديد. الدكتورة بسمة موسى- أحد رموز البهائية فى مصر- قالت إن الدستور لكل أطياف الشعب ويجب الاهتمام ببعض البنود التى لم تكن موجودة فى الدستور القديم وإذا كانت موجودة لم تكن مفعلة للحفاظ على حقوق الأقليات ومنها المساواة والعدل بين كل المصريين دون تمييز لأحد، وأن يمثل فيه كل طوائف الشعب المصرى والاهتمام بالمرأة وأن تكون ممثلة بنسبة 50% وأن يشمل بندا عن "الحقوق المنسية" وهى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالإضافة إلى الاهتمام بباب الحريات المنصوص عليها فى اتفاقية حقوق الإنسان العالمية التى وقعت عليها مصر مثل حرية العقيدة والفكر والانتقال والسكن وغيرها من الحريات. ومن جانبه أكد أحمد إسحاق -عضو لجنة المتابعة بالملف النوبى- أن الدستور الجديد إذا لم يهتم بأهل النوبة لن نعترف به ولا يعنينا فى شىء وطالب بوضع بنود محددة فى الدستور الجديد تحقق أحلام أهالى النوبة ومن أهمها حق العودة للنوبيين كما كانوا على ضفاف البحيرة من أبيدجان حتى الشلال لبناء 44 قرية وتدريس الثقافة والحضارة النوبية كمنهج فى التربية والتعليم. أما عن الوضع فى سيناء فله خصوصيته المعهودة حيث يرى الناشطون من أهل سيناء أنهم وقعوا ضحية الإهمال والتهميش المتعمد والمقصود على مدار عقود مضت, لذلك نجدهم قد سبقوا الجميع حينما أعلنوا عن إطلاقهم مبادرة "ودنا نشارك فى الدستور" التى قام عليها الناشط السياسى وعضو ائتلاف شباب الثورة سعيد اعتيق حسان, الذى تحدث إلى "فيتو" قائلاً: "لقد مللنا أن يعامل ملف سيناء على مدار عقود على أنه ملف أمنى ثم تأتى الثورة فيتحول إلى ملف عاطفى والنتيجة فى كلتا الحالتين واحدة, ألا وهى لا جديد تحت الشمس فمازلت سيناء صحراء ومازال أبناؤها مواطنين درجة ثالثة أو عاشرة, ومازالت طبوغرافيتنا هى سبب مرارتنا مع العلم أنها قضاء الله وقدره لا دخل لنا فيها. وطالب "اعتيق" بوجود ممثل لقبائل سيناء فى اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور حيث يؤكد أن أهم المطالب التى يجب أن توضع فى الدستور أن أهالى وسكان سيناء يجب أن يعاملوا كمواطنين درجة أولى مثل باقى المصريين متساوون فى الحقوق والواجبات بلا تمييز وأن يكون من حق أبناء سيناء الالتحاق بالوظائف والمناصب المهمة والسيادية لأنهم لا يقلون وطنية ولا انتماء عن أى مواطن مصرى من أى محافظة أخرى. وأضاف يجب ألا تكون سيناء مرهونة بجغرافيتها الاستراتيجية الحساسة, وتلك النقطة بالذات تسببت فى امتناع الأنظمة المتعاقبة في اتخاذ خطوات جدية تجاه إعمار سيناء, وقيام مشروع قومي يهدف إلى النهضة بسيناء "كنز الله على الأرض". وشدد "اعتيق" على مطلب آخر يراه من أهم مطالب أبناء سيناء وهو حق تملك أراضى سيناء للمصريين جميعاً وليس أهل سيناء خاصة, لأن أرض سيناء مصرية ومن حق أبنائها تملكها مثل باقى أراضيها. على الجانب الآخر تقول "أمانى الوشاحى" -مستشارة رئيس منظمة الكونجرس العالمى الأمازيغى فى مصر ومنسق الشبكة المصرية من أجل الأمازيغ- إن الدستور القادم يجب أن يضمن حقوق الأقليات التى عانت من التهميش أعواما عديدة وطالبت الوشاحى أن يتضمن الدستور مادة تتيح حرية التعددية الثقافية لأن الوضع الحالى يرفض ثقافة الآخر مما أدى بالمجتمع إلى فجوة ثقافية ساهمت وبشدة فى نجاح فتن عديدة استندت على جهل الآخر بثقافة الآخر. وأشارت الوشاحى إلى أن المادة الدستورية التى تنص على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة يجب أن يضاف إليها نص يعترف باللغات المحلية مثل اللغة الأمازيغية والجنوبية التى يتحدث بها أهل الحدود المصرية السودانية وأخيرا اللغة النوبية التى ساهمت وبقوة فى إنجاح حرب أكتوبر 73وبررت الوشاحى مطلبها بألا يكون الحفاظ على التراث اللغوى المحلى رهن قناعة شخصية سواء لرئيس أو مسئول بل يجب أن يصونها نص دستورى محدد.