تمكنت بعد معاناة طويلة أن أقنع محمد أنور السادات، نائب الرئيس جمال عبدالناصر أن يحدد لى ميعادا كى أجرى مع عبدالناصر حوارا حول علاقته بجماعة الإخوان المسلمين، وتم تحديد الميعاد بشرط ألا أطيل على الرئيس فلا يجب أن أرهقه بعد نومته العميقة التى قاربت ال 43 عاما لم يدل فيها بأى تصريحات لأى جريدة رسمية أو حتى غير رسمية، ووافقت بخبث شديد ألا أطيل على الرئيس الأسئلة حتى أتمكن فقط من مقابلته وليحدث بعدها ما يحدث.. وسرعان ما اتصل بى محمود عبدالناصر أمين عام الرئاسة، هذا المنصب الذى سمى بعد ذلك فى عهد السادات "رئيس ديوان رئيس الجمهورية" قائلا: الرئيس قرر أن تكون المقابلة لإجراء الحوار على إحدى مقاهى وسط البلد فى القاهرة حتى يتمكن من رؤية مالم يره طيلة الفترة التى كان غائبا عنا فيها. أتانى عبدالناصر مترجلا دون أى حراسة ودون أى حاشية يلبس الجلباب البلدى ويبدو على وجهه الغضب من أثر التغيير الذى حدث فى القاهرة قائلا: سامحك الله يابنى فلقد جعلتنى أرى ما لم أود أن أراه فى حياتى من الخراب الذى لحق بمصر على أيدى من كنت أحارب سياساتهم المستبدة الغائبة عن الوعى والغائبة عن الإسلام، واسترسل عبدالناصر قائلا: كان الكثير يلومنى على إبعاد الإخوان إلا أننى أحمد الله الآن أننى كنت على صواب. قلت للرئيس إنك كنت ظالما فى إبعاد الجماعة عن الحقل السياسى، وخاصة أنهم يحملون نفس الجنسية التى تحملها أنت؟ حينها أخرج عبدالناصر علبة السجائر المصرية وأشعل سيجارة وأبيت أنا أن أدخن فى حضرة الرجل لما يحمله من هيبة لا يضاهيها أى هيبة أخرى، وقال: الإخوان المسلمون ظاهره ابتعدت كثيرا عن الإسلام واستخدمت الاسم كواجهة لخداع الناس فقط وكان كلما بعدوا عن الحياة السياسية يسود الهدوء البلاد، وعندما أفرجت عن قيادات الإخوان عام 1965 المحبوسين فى قضية المنشية عاد تنظيمهم السرى إلى الحياة مرة أخرى بقيادة كل من سيد قطب، يوسف هواش، أحمد عبدالمجيد عبدالسميع، على العشماوى وحاولوا اغتيالى أكثر من مرة فهل يعقل أن جماعة تريد العمل السياسى من خلال أراقة الدماء أن أثق فيها وتكون أمينة على هذا الشعب بجانب أنهم رفضوا مبدأ الاشتراكية حينما حاولت توزيع الثروة بشكل عادل على المصريين فكانوا يريدون السلطة والحكم كى يحكموا قبضتهم فى الحفاظ على نفوذهبم المادية والمذهبية البعيدة عن الإسلام وحاولى اغتيالى مرة من خلال أحد قناصة الحرس الجمهورى والذى يدعى إسماعيل الفيومى الذى جندته الجماعة وخاصة أنها كانت تعمل بشكل سرى مخابراتى كالذى يتزعمه الآن محمود عزت فى هذا الوقت وعلمت أيضا أن الجماعة تجند الآن مجموعة من رجالات الحزب الوطنى المنحل كى يخوضوا الانتخابات فى الفترة القادمة مع استمراريتهم فى تسكين العناصر الإخوانية فى مؤسسات الدولة. وهنا قاطعت الرئيس عبدالناصر.. ولماذا اتهمتك الجماعة بالكفر والإلحاد؟ قال: يا بنى إن الجماعة دائما ما تلعب على الوتر العقائدى المرتبط بالعاطفة التى تسيطر على جموع الشعب المصرى، إلا أنهم فى الأساس كاذبون ذلك لأنهم تناسوا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "أيما أمرء قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما"، بالإضافة لكونى كنت أريد إقامة دولة إسلامية حقيقية قواعدها العدالة الاجتماعية وعدم التمييز بين الفقير أو الغنى وعدم التفريق بين المسيحى والمسلم، كما أننى جعلت مادة الدين مادة أساسية فى مختلف مراحل التعليم ويؤدى إلى الرسوب والنجاح كغيرها من المواد العلمية وفتحت جامعة عصرية داخل الأزهر مقصورة على الطلاب المسلمين "تصرف عليها الدولة من ميزانتها التى يساهم فيها المسلمون والمسيحيون" لمن يرغب فى دراسة الطب والهندسة والزراعة إلى جانب المواد الدينية. وهنا قام عبدالناصر من جلسته قائلا: لقد أرهقتنى يا بنى فى الحديث عن جماعة الدم والإرهاب وعليك أن تبلغ باقى الشعب أن الثورة التى خرجتم بها كانت من أنقى الثورات حتى شابها حكم الجماعة الباطل وعليكم أن تكملوها قبل فوات الآوان.