«دفاع النواب» توافق على تشريع جديد بإصدار قانون لجوء الأجانب    ارتفاع أسعار النفط للجلسة الثانية على التوالي.. وبرنت يصعد 2.6%    بعد ساعة من دوي صفارات الإنذارات.. الجيش الإسرائيلي يفشل في اعتراض مسيرتين من لبنان    البرلمان الأوروبي يوافق على منح أوكرانيا قرضا ب35 مليار يورو من أرباح الأصول الروسية المجمدة    باركولا وحكيمي يقودان تشكيل باريس سان جيرمان أمام آيندهوفن    حزن بالأقصر بعد وفاة مدرسة ألعاب ومحام بشكل مفاجئ أثناء عملهما    غزل المحلة يتلقى خطابا من اتحاد الكرة بإيقاف الزنفلي 4 أشهر    وزيرة التضامن تكرم عددًا من النماذج الملهمة في إطار مبادرة "الأب القدوة"    هذه هي الأجيال التي ستحاربنا، صحفي إسرائيلي يستفز الليبيين بتغريدة عن حفل تامر حسني    بعد انتهاء برغم القانون، عايدة رياض تستأنف تصوير "جودر 2" و"220 يوم"    المكسيك تمهل المدارس 6 أشهر لحظر الوجبات السريعة    دَخْلَكْ يا طير «السنوار»!    البورصات الأوروبية تغلق منخفضة مع ترقب تحركات الفائدة    حابس الشروف: مقتل قائد اللواء 401 أثر في نفسية جنود الاحتلال الإسرائيلي    فيلم "المستريحة" ينهي 90% من مشاهد التصوير    نتنياهو: بحثت مع بلينكن ضرورة وحدة الصف فى مواجهة التهديد الإيرانى    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الصبر أهم مفاتيح تربية الأبناء والتخلص من القلق    لياو يقود تشكيل ميلان ضد كلوب بروج في دوري أبطال أوروبا    بلاغ للنائب العام.. أول رد من الصحة على مروجي فيديو فساد التطعيمات    منافس بيراميدز - بعد تعادلين في الدوري.. الترجي يعلن رحيل مدربه البرتغالي    أمين الفتوى: النية الصادقة تفتح أبواب الرحمة والبركة في الأبناء    إعادة تنظيم ضوابط توريق الحقوق المالية الناشئة عن مزاولة التمويل غير المصرفي    قطار صحافة الدقهلية وصل إدارة الجمالية التعليمية لتقييم مسابقتى البرنامج والحديث الإذاعى    باحث سياسي: الاحتلال أرجع غزة عشرات السنوات للوراء    محافظ أسوان يتفقد مشروع إنشاء قصر الثقافة الجديد في أبو سمبل    صلاح البجيرمي يكتب: الشعب وانتصارات أكتوبر 73    هبة عوف: خراب بيوت كثيرة بسبب فهم خاطئ لأحكام الشرع    مساعد وزير الصحة: تنفيذ شراكات ناجحة مع منظمات المجتمع المدني في مختلف المحافظات    بعد تصريحات السيسي.. الحكومة تطلب من "صندوق النقد" مد أجل تنفيذ إصلاحات البرنامج الاقتصادي    نقيب المحامين يوقع مذكرة تفاهم مع وفد من هونج كونج ومركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي    النائب العام يلتقي نظيره الإسباني لبحث التعاون المشترك    أزمة نفسية تدفع سائقا للقفز في مياه النيل بالوراق    ولى العهد السعودى وملك الأردن يبحثان تطورات الأوضاع بمنطقة الشرق الأوسط    غادة عبدالرحيم: الاستثمار في بناء الإنسان وتعزيز الابتكار أهم ما تناولته جلسات مؤتمر السكان    «سترة نجاة ذكية وإنذار مبكر بالكوارث».. طالبان بجامعة حلوان يتفوقان في مسابقة دبي    مقابل 3 ملايين جنيه.. أسرة الشوبكي تتصالح رسميا مع أحمد فتوح    ذوي الهمم في عيون الجامع الأزهر.. حلقة جديدة من اللقاء الفقهي الأسبوعي    بعد التحرش بطالبات مدرسة.. رسالة مهمة من النيابة الإدارية للطالبات (تفاصيل)    «القومي للطفولة والأمومة»: السجن 10 سنوات عقوبة المشاركة في جريمة ختان الإناث    جامعتا بنها ووسط الصين الزراعية تبحثان تعزيز التعاون المشترك    وزيرة التضامن ب«المؤتمر العالمي للسكان»: لدينا برامج وسياسات قوية لرعاية كبار السن    رئيس "نقل النواب" يستعرض مشروع قانون إنشاء ميناء جاف جديد بالعاشر من رمضان    السجن المشدد 6 سنوات ل عامل يتاجر فى المخدرات بأسيوط    حقيقة إلغاء حفل مي فاروق بمهرجان الموسيقي العربية في دورته ال32    برغم القانون الحلقة 28.. فشل مخطط ابنة أكرم لتسليم والدها إلى وليد    الريان ضد الأهلي.. الراقى يحقق أقوى انطلاقة آسيوية بالعلامة الكاملة    الرئيس الإندونيسي يستقبل الأزهري ويشيد بالعلاقات التاريخية بين البلدين    كوريا الشمالية تنفي إرسال قوات لروسيا لمساعدتها في حربها ضد أوكرانيا    الاعتماد والرقابة الصحية تنظم ورشة عمل للتعريف بمعايير السلامة لوحدات ومراكز الرعاية الأولية    وزير الزراعة يطلق مشروع إطار الإدارة المستدامة للمبيدات في مصر    مجلس النواب يوافق على تشكيل لجنة القيم بدور الانعقاد الخامس    إصابة 3 أشخاص بحادث انقلاب سيارة طريق بنى سويف الفيوم    نائب وزير المالية: «الإطار الموازني متوسط المدى» أحد الإصلاحات الجادة فى إدارة المالية العامة    تفاصيل جلسة حسين لبيب مع رئيس اتحاد الكرة بشأن نهائي كأس السوبر المصري    مواعيد صرف مرتبات أكتوبر، نوفمبر، وديسمبر 2024 لموظفي الجهاز الإداري للدولة    «إنت مش مارادونا».. مدحت شلبي يهاجم نجم الزمالك    دعاء عند نزول المطر.. فرصة لتوسيع الأرزاق    بينهم صلاح.. أفضل 11 لاعبا في الجولة الثامنة من الدوري الإنجليزي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلم وعلم

هل أنت الآن كائن.. أم كنت.. أم ستكون؟ أنت في الكينونة، تعيش في الحيز المكاني والزماني، وقبل الزمن والمكان لم يك شيئا، حتى الفراغ لم يكن، ثم خلق الله المكان، وخلق الزمن، وأعطى لكل ناموسًا، يخضع الزمن لناموسه ويخضع المكان لناموسه، ولكن خالق الزمن لا يحتويه مكان، هو فوق، ولكن فوقيته فوقية مكانة لا مكان، خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش، مرَّت الستة أيام على المخلوق لا على الخالق، إنما أمره بين الكاف والنون، ولأن المخلوق خاضع لناموس خالقه، فقد مر على السماوات والأرض ستة أيام إلى أن تشكلتا، ولكن هذه الأيام لم تمر على من شكلهما وخلق ناموسهما، فهو فوق الزمكانية.
أوجد رب القدرة صلة بين الزمن والمكان، جمعهما في إناء الزمكان «وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون» فكان الليل والنهار زمنا، وكانت الشمس والقمر مكانا، فإذا سبحت الشمس «المكان» ذات المكان والحيز، في مداها المكاني، وسبح القمر «المكان» صاحب المكان والحيز، في فلكه المكاني، جرى على إثرهما الليل والنهار، فيتعاقب الزمن لناموسه، ولكن خالق الناموس لا يخضع لما خلقه، خالق الزمن لا يمر عليه زمن، وخالق المكان لا يحتويه مكان، ثم تنتظم حركة الزمن بقانون الخلق «لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون» فإذا خرجنا من نطاق مكانية الشمس والقمر، لن يمر علينا ليلهما ونهارهما، ينحسر عنا زمنهما، وإذا دخلنا إلى مكانية أخرى، مر علينا زمن هذه المكانية، وخضعنا لناموسهما، ففي الكون أبعاد زمنية ومكانية غير بعدنا الزمكاني.
أوليس الله قال لنا هذا «تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير * الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور * الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت، فارجع البصر هل ترى من فطور».. ثم قال سبحانه «ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين» وفي سورة الجن قال «وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا * وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا».
قال لنا الله إنه خلق السماوات والأرض طباقا، وطباقا تعني متداخلات، حتى أن هذا التداخل لا يترك لك مجالا لاكتشاف الفروق بين الطبق والآخر الذي انطبق عليه، لم يقل لنا إنه خلقها طبقات، أو متطابقات، فالطبقات جمع طبقة والطبقة تعلوها طبقة ولا تتداخل فيها، فيكون بين الطبقة والطبقة تفاوت، والمتطابقات أي المتشابهات والمتساويات، وما لهذا قصد، وما لذلك خلق، ولكنه خلقهن طباقا، إذ لا يوجد بينهن فروج أو تفاوت، لذلك قال ربكم تأكيدا لهذا «فارجع البصر هل ترى من فطور * ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير» والفطور هو الفارق بين الطبق وما انطبق عليه، إنك لن تجد فارقا أبدا، ولو كان هناك فارقا لكانوا طبقات ولك أن تتأمل ما قاله الله تعالى «يا معشر الجن والإنس أن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان».
فالنفاذ هو الاختراق، والاختراق هو خروج الشيء من شِق إلى آخر، والأقطار هي الجوانب، والسلطان هنا هو قدرة الله التي يعطيها من يشاء من عباده، ولك أن تقرأ سورة الرحمن كلها، فإذا قرأتها بروحك فإنها ستقودك إلى حقائق يعجز عنها العقل، ستقرأ عن شواظ من نار ونحاس تمنع النفاذ والاختراق، وستقرأ عن السماء التي حين تنشق لينفذ منها من أراد الله له أن ينفذ سيكون هذا الانشقاق في شكل ولون الوردة الحمراء «وردة كالدهان» ورغم أن المفسرين قالوا إن السماء ستصبح وردة كالدهان أي شديدة الحمرة يوم القيامة فإن قولهم هذا لا يتفق مع سياق الآيات التي تدل على أن الله يتحدى خلقه في الحياة الدنيا وليس في يوم القيامة، فليس في القيامة تحدٍ ولكن التصدي، إنما التحدي يكون في حياة التكليف لا في حياة الحساب، ووردة كالدهان هذه هي الشكل الذي ستكون عليه السماء التي ستنشق وتنفرج لينفذ منها الإنسان، والمعنى هنا أنها ستكون منشقة على شكل وردة حمراء، وستكون مدهونة بشيء كالدهن أو الزيت يساعد على الانزلاق والنفاذ، ولك أن تعلم أن النفاذ لا يكون إلا من مكان لمكان آخر، وطالما نفذ إلى مكان آخر فإنه سينفذ إليه ليجد نواميس أخرى للزمن، فلكل مكان حركته الخاصة به التي يتولد عنها زمنها.
أما الجن الذين جعل الله سبحانه من النجوم رجوما لهم، فقد كانوا يجوسون بين السماوات المنطبقات فيخترقونهن طبقا عن طبق، وحين يخترقون يتسمعون لأحداث وأخبار أزمنة لم تأت بعد «وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع» فأوقف الله هذا التسمع بأن وضع حرسا وشهبا وجعلهما رجوما للشياطين التي تريد الاختراق، فإن تعدت على خاصية خلقها وانطلقت، احترقت، وفنيت قبل أن تصل لمبتغاها، ولكن الله سبحانه أعطى لمن يشاء من خلقه علما، يركب به طبقا عن طبق، وينتقل زمنا عن زمن، وأقسم الله على ذلك بقوله «فلا أقسم بالشفق * والليل وما وسق * والقمر إذا اتسق * لتركبن طبقا عن طبق» أي ستخترقون هذه الطباق، وتنتقلون من طبق لطبق آخر يخضع لنواميس أخرى، وقد أقسم الله هنا على ذلك بدلائل المكان والزمان، الشفق، والليل، والقمر.
وهذا الاختراق ليس محض نظرية يتلهى بها الناس، أو يذكرها علماء الطبيعة والكيمياء والرياضيات دون براهين، إذ أن الله سبحانه أعطانا تلك البراهين وقال لنا عنها، أخبرنا سبحانه أن هناك من اخترق حاجز الزمان والمكان، فقد اخترقهما أنبياء وأولياء ومن أعطاهم الله علما من الكتاب، وفي العموم نجد أن كل نبي من الأنبياء اخترق سننا كونية، بإذن الله ومشيئته وعلمه الذي بث قدرا منه فيهم، إبراهيم عليه السلام اخترق خاصية النار المُحرقة فكانت بردا وسلاما عليه، وإسماعيل اخترق خاصية الذبح، وعيسى اخترق خاصية الموت والحياة فأحيا الله به الموتى، وأجرى الله على يديه الشفاء للمرضى، ثم رفعه الله إليه ليبقى متخطيا زمنا لا نعرفه في مكان نجهله، وانظر للسنن الكونية التي اخترقها موسى، ولكن كل هذا الاختراقات لم تكن بقوة ذاتية للأنبياء ولكن بقوة الآمر سبحانه وتعالى الذي يقول للشيء كن فيكون.
أما سنن المكان والزمان فقد اخترقهما سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بأمر الله، وحادث الإسراء والمعراج شاهد على اختراقه حجب الزمان والمكان، جيء له بالبراق، ونحن لا نعرف عن هذا البراق إلا أن اسمه مستمد من البرق، ويقولون إن اسمه جاء من البريق ومن شدة ضوئه، فكأن الرسول صلى الله عليه وسلم ركب دابة من الضوء، حملته بقواعدها وليس بقواعدنا، بسنتها وليس بسنتنا، بناموسها وليس بناموسنا، وذهبت به إلى القدس حيث صلى بالأنبياء، ثم عُرج به إلى السماوات، ولا نعرف كيف عرج به لكننا نعرف العروج، فيقال عرَّج الثوب أي خططه خطوطا ملتوية، والعروج هو السير أو الصعود في خطوط ملتوية متعرجة «تَعْرُج الْمَلَائِكَة وَالرُّوح إِلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خَمْسِينَ أَلْف سَنَة» عروج الملائكة والروح هو الصعود بالتواء، والزمن الذي استغرقوه كان خمسين ألف سنة وفقا لناموس العروج، وهذا يدل على اختلاف الأزمنة.
وقد شهد الرسول صلى الله عليه وسلم كل مشاهد الإسراء والمعراج، واستغرق زمنا لا نعلم مقداره، وعاد إلى بيته قبل أن يبرد فراشه، وكانت الليلة شاتية باردة، فأنكرت قريش وقالت وفقا لعلمها: نَحْنُ نضرب إليها أكباد الإبل الشهر والشهرين، ويذهب مُحَمَّد إليها في ليلة.. فماذا لو علموا أنه عاد بمقدار أن يتجرع أحدهم شربة ماء؟! كانت سُنة الزمن وقانونه الذي دلف إليه غير سُنة زمننا وقانونه، وسُنة المكان غير سُنة مكاننا، لذلك ذهب وعرج ونزل وعاد دون أن يمر عليه الزمن الخاص بنا، ولكن مر به الزمن الخاص بالطبق الذي دخل إليه «لتركبن طبقا عن طبق».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.